في أعقاب نشر مقالي أمس "فضيحة هيئة كبار علماء الأزهر" ، والذي علقت فيه على النشاط السياسي للدكتور علي جمعة عضو الهيئة ، أصدر الشيخ على جمعة بيانا عنيفا ضد صحيفة المصريون وضد رئيس تحريرها ، نشره على صفحته على "الفيس بوك" وعمم الإشارة إليه عبر "تويتر" ، ووضح أن الغضب غلبه واستبد به فخرج في بيانه عن الوقار المفترض في علماء الأزهر الكبار والعدل المفترض في من كان على رأس دار الإفتاء المصرية التي تقضي وتفتي ملايين المصريين في الأمور التي تقلقهم أو تستبهم عليهم ، وهي أمانة يفترض فيمن يتولاها أن يكون على قدر كبير من التجرد والصدق والعدل والبعد عن حظوظ النفس ، صدر الشيخ علي جمعة بيانه بقوله نصا : (استمرار حملة تشويه فضيلة الأستاذ الدكتور على جمعة من قِبَل الجريدة الرسمية الناطقة بلسان جماعة الإخوان الإرهابية ( جريدة المصريون سابقا ) هكذا وصفنا ، وبعد أن صدر الآية القرآنية { قُلْ مُوتُوا بغيظكم) ، عاد لكي يؤكد نفس الصفات التي ألصقها بنا ، حيث قال ما نصه (استمرت الجريدة الرسمية الناطقة بلسان جماعة الإخوان الإرهابية (المصريون سابقا) في حملتها الشعواء لتشويه رمز من رموز الأزهر الشريف والأمة الإسلامية) ، انتهى النقل من كلامه ، ولا أدري من أين جاء عضو "هيئة كبار العلماء بالأزهر" بتلك الصفة التي وجهها لصحيفة يختلف معها ، وكيف جرؤ على وصفها بأنها الناطقة الرسمية بلسان جماعة الإخوان الإرهابية ، وهو بلاغ تحريضي مسف جدا ، في العرف السياسي والأخلاقي ، ويتنزه عنه النبلاء ، ولا يليق بكبار العلماء أن يتخذوا دور الوشاة أو المخبرين لأجهزة الأمن من أجل تحريضهم على التنكيل بالمختلفين معهم أو كتابة تقارير ملفقة عنهم ، ولا أعرف إن كان الدكتور علي جمعة قد لجأ إلى أرقام الهواتف التي نشرها جهاز الأمن الوطني للإبلاغ عن الإرهابيين أمثالنا أم انه اكتفى بالبلاغ العلني من خلال صفحته على الفيس بوك ، والغريب أن اتهام الشيخ على جمعة لنا بأننا الصحيفة الناطقة بلسان جماعة الإخوان الإرهابية حسب وصفه جاء في الأسبوع نفسه الذي تعرضت فيه صحيفة المصريون لهجوم عنيف من جماعة الإخوان وأنصارها داخل مصر وخارجها تتهمها بأنها جريدة المخابرات والجهاز الأمني وأنها تتلقى التعليمات من تلك الأجهزة ، مع انتشار دعوات مكثفة من أعضاء الجماعة على شبكات التواصل الاجتماعي من أجل التحريض على مقاطعة الصحيفة وموقعها الالكتروني ، والشيخ علي جمعة ، المتابع الجيد للإعلام ودوائره الآن ، يرى ذلك ويعرفه ، ومع ذلك لم يحجبه خلق العالم عن الوشاية بالمختلفين معه إلى أجهزة الأمن ، وأسأل الله أن ينجي شباب مصر من وشاية "هيئة كبار العلماء" بهم إلى أجهزة الأمن ، إذ يبدو أنه الدور الجديد لأعضاء "هيئة كبار العلماء بالأزهر" . بعيدا عن هذا "الهراء" الذي ما كان يليق بنا ، ولا به ، أن نتوقف عنده ، فإن جوهر المشكلة الذي لا ينبغي أن يغيب هو أن الدكتور علي جمعة انغمس حتى أذنيه في المعترك السياسي وانضم إلى تنظيم غير قانوني يدعى "جبهة مصر بلدي" روج لمرشح رئاسي وانتصر لبعض الأحزاب والقوى ضد أحزاب وشخصيات أخرى وانحاز إلى آراء سياسية دعا إليها ضد آراء أخرى في الاستفتاء الدستوري وغيره ، ودخل في صراعات ومهاترات وصلت لحدود متدنية مع المختلفين معه سياسيا ، وهو ما أهان مقام الأزهر ، وأهان هيئة كبار العلماء ، وهو ما ينبغي أن يكون محل تساؤل ، وقد كان بالفعل وأؤكد ذلك ، داخل هيئة كبار العلماء ، وكان ينبغي للشيخ من تلقاء نفسه أن يبادر بالاستقالة حماية للأزهر وهيئته الرفيعة من أن تكون مهانة ومستباحة في شتائم سياسية ووحل سياسي مشين . والعجيب أن الشيخ علي في بيانه الغاضب العنيف ينفي أن يكون قد اشتغل بالسياسة أو انغمس فيها ، وكأن جولاته مع الأستاذ مصطفى بكري ومؤتمراته الجماهيرية التي رأها الناس بالصوت والصورة كانت في نقاشات في الفقه المقارن ، يقول فضيلته في بيانه (ولكن الجريدة أصرت على التشويه والتلفيق فإذ برئيس تحريرها يكيل الاتهامات للمشيخة ولهيئة كبار العلماء وعنون لمقال له بقوله " فضيحة هيئة كبار علماء الأزهر" ف {حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: 59] ، ولا نعلم من تخاطب هذه الجريدة؟! فإن كانت تخاطب الشعب المصري فالشعب قد أيد خارطة الطريق وخرج بالملايين يؤيد دستور مصر لا دستور الجماعة؛ أفلا يدركون أنهم يسيرون عكس الإرادة الشعبية لشعب مصر؟!!) انتهى كلامه . والحقيقة أن نص كلامه هنا فقط يكشف إلى أي حد هو منغمس في السياسة ، وتورطه كعضو بهيئة كبار العلماء في حملات الدعاية للدستور والتصويت بنعم ، والتي شرحها بالانجليزي "نعم يعني ييس" حسب كلامه الذي شاهده الملايين ، ودعايته التي لا تليق للفريق عبد الفتاح السيسي ، بل إن جبهة مصر بلدي التي يرأسها هو ومصطفى بكري ، قامت أساسا لدعم الفريق السيسي والترويج للسياسات الأمنية الأخيرة ، فإذا كانت هذه كلها ليست سياسة ولا اشتغال بالسياسة ، فماذا عساها تكون . يا دكتور علي ، لقد دافعت عنك مرارا ، أثناء توليك الفتوى وبعد إقالتك ، وهو ما عرضني للهجوم والشتائم من المتشددين وهناك مقالات منشورة على الانترنت تهاجمني بسبب دفاعي عنك ، فالمسألة عندي لا شخصانية فيها أبدا ، ولكنها الاحترام للمكانة التاريخية للأزهر ، ومن هذا المنطلق أدعوك أن تبادر إلى تقديم استقالتك من هيئة كبار العلماء طوعا ، أو أن تعلن انسحابك من كل النشاطات السياسية سواء جبهة مصر بلدي أو غيرها .