في اختتام منتدى فاس الأخير في دورته العاشرة الذي كان موضوعه: «عن المستقبل العربي المنشود نحو خطة عمل لإصلاح التربية والتعليم والبحث العلمي»، عرضنا في افتتاح المنتدى فيلماً وثائقياً عن أسباب تطور جمهورية كوريا الجنوبية في ظرف قياسي، حيث إن تلك الدولة لا تتوافر على موارد طبيعية وإنما على خلايا رمادية استثمرتها الدولة فأعطت نتائج تنموية لا يمكن أن تستقصى... وفي هذا الفيلم الذي أعده لنا شركاؤنا مشكورين لهذه المناسبة، استوقفتني ظاهرة وقعت في بداية تسعينيات القرن الماضي في ذلك البلد... إذ مع نقص العملة الأجنبية قامت الدولة بجمع الذهب من العائلات الكورية فلم تبق عائلة إلا وأعطت كل ما تملك من ذهب إيثاراً وحباً في البلد وبناء على عامل الثقة الذي جمع دائماً البلد بحاكميه، وهنا الحكمة.... وقد استطاعت كوريا أن تتموقع على مستوى بعض التكنولوجيات العالية، حيث بدأت تطور وتصنع بنفسها مكونات وآليات عالية التقنية، تنافس بها تلك الموجودة في البلدان المتقدمة... وقد كان نموها ضعيفاً في الستينيات وكان ناتجها المحلي الخام يساوي الناتج المحلي الخام للبلدان الأفريقية وأقل من الناتج المحلي الخام للبلدان الأكثر فقراً في أوروبا. أما اليوم، فهذا البلد يعتبر من بين القوى الاقتصادية الخمس عشرة في العالم... وقد ساهمت دول ككوريا في تغيير الخريطة الجيو-سياسية والاقتصادية للعالم. كما عملت أيضاً على نقل المركز الاقتصادي العالمي من أميركا الشمالية نحو آسيا (المنتج والممول الكبير للسلع)، وطرحت مجموعة من التساؤلات بخصوص المركز السياسي المقبل الذي تتنافس عليه كل من الولاياتالمتحدة وأوروبا وتحالف بعض الدول، خاصة الصين وروسيا. وقد أدت هذه الدينامية الاقتصادية العالمية الجديدة، الموسومة بتنافسية قوية، إلى تكوين شراكات إقليمية مختلفة، واتخذت أشكالاً وأنواعاً، ولها أهداف متنوعة حسب مختلف مناطق العالم. فالدولة الكورية لم تستثمر قط في متاهات تنموية لا طائل من ورائها ولم تضيّع وقتها في برامج ومخططات أكبر من حجمها أو فارغة المحتوى والمضمون... وإنما استثمرت في مجال التربية والتكوين والبحث العلمي، وحققت بعقول أبنائها المستحيل وغزت منتجاتها الأسواق العالمية، وأصبحت رائدة في براءات الاختراع وأعطت لكل شاب متقد بارع حظه في ميزان التقدم والتشجيع، وهذه هي ذاتها الشراكة الحقيقية مع الشعب، وهي السياسة الرشيدة التي اتبعتها وتتبعها بنجاح دولة الإمارات العربية المتحدة. لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا