إن النائب العام السابق الدكتور عبدالمجيد محمود تلقى هدايا من المؤسسات الصحفية بما قيمته 300 ألف جنيه، وقد أظهر إيصال موجود على الإنترنت أنه بعد إعلان قوائم الهدايا رد لمؤسسة أخبار اليوم فى 23/2/2012 مبلغ 23 ألفا و435 جنيها قيمة ما تلقاه منها من هدايا تمثلت فى الساعات وأربطة العنق والعطور الفرنسية. صحيح أن المبلغ يبدو متواضعا نسبيا، إلا أن المبدأ هو الذى استوقفنى وأثار لدى السؤال التالى: كيف يقبل النائب العام هدايا غير مبررة من المؤسسات الصحفية التى قد تكون مخالفاتها بين ما هو موجود فى أحد أدراج مكتبه؟ هذه الحساسية لم تكن مقصورة على موقف القضاة من أصحاب القضايا فحسب، ولكنها كانت أيضا قائمة فى علاقة القضاة بالسلطة. فيذكر المستشار طارق البشرى فى كتابه عن القضاء المصرى أن أباه المستشار عبدالفتاح البشرى كان فى عام 1948 رئيسا لإحدى دوائر الجنايات الثلاث بمحكمة القاهرة (الآخران كانا المستشار عبداللطيف محمد والمستشار حسن فهمى بسيونى) وحينذاك اغتيل المستشار أحمد الخازندار وقررت الحكومة أن تقدم سيارة بحرس إلى كل واحد من أعضاء تلك الدوائر، لكن الأب المستشار عبدالفتاح البشرى اتفق مع زميليه على رفض العرض. وقد سمعه ابنه طارق وهو يقول لهما على الهاتف: كيف تقرر لهم مزية لا تعمم على كل مستشارى المحكمة؟ وهل أمنهم هم أولى من أمن غيرهم؟ وكيف يسوغ أن يرى المتقاضون قاضيهم ينزل من السيارة المحروسة أمام المحكمة؟ وإن ظنوا بحق أنه خائف فكيف يطمئنون إلى قاضيهم وإلى حيدته وهم يرونه خائفا؟ أضاف إلى ذلك قوله إن شرعية القاضى عند الخصوم الماثلين أمامه أنهم يطمئنون إلى حياده وأنه سيَّان عنده حسبما يظهر له أنه الحق الحكم ضد هذا أو ضد ذاك، فهل يطمئنون إليه وهم يرونه خائفا ومحروسا؟ إن أكثر الذين يتحدثون عن حصانات القضاة هذه الأيام يفوتهم أن حصانة القاضى ضد الغواية من أهم ضمانات نزاهته واستقلاله. وهو ما يسوغ لى ان أطرح السؤال التالى: كم قاضيا يبقى فى منصبه لو اننا طالبنا الذين تعرضوا للغواية أو الذين وقعوا فيها ان يقدموا استقالاتهم درءا للشبهة أو تطهيرا للسَّمعة؟. لقراءة المقال كاملا اضغط هنا