في أزهى صورهم ، عاد الفلول إلى الحياة من جديد ، اليوم يُبعث "رسمياً" تواجدهم على الساحة .. بالأمس القريب كنا نظن أن مادة العزل الدستوري للفلول ستمنع تواجد كل من مد يديه بالتعاون مع النظام البائد لكننا اكتشفنا أن ألف باب وباب يُفتح للفلول وأبواق النظام السابق . أمس صدر قرار رسمي بتولي عبد المنعم سعيد - رئيس مجلس إدارة جريدة الأهرام الأسبق خلال عهد المخلوع حسني مبارك - منصب رئيس مجلس إدارة جريدة "المصري اليوم" - واحدة من كُبريات الجرائد المستقلة في مصر - وهو ما يدفع للتساؤل عن أسباب تلك الخطوة التي جاءت بمثابة منح قُبلة الحياة لأعوان النظام البائد . سؤال آخر بدأ يطرح نفسه على الأذهان ، إلى أي حد يمكن أن تتغير السياسة التحريرية للجريدة "المستقلة" خاصة في ظل التحقيقات التي يخضع لها عبد المنعم سعيد في قضية "هدايا الأهرام" . جاء تعيين الدكتور عبد المنعم سعيد رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة المصري اليوم ، كالصاعقة على الكاتب والإعلامي الكبير حمدي قنديل ، الذي أعلن فور سماعه للخبر التوقف عن كتابة المقالات في الصحيفة ، واصفا أياه بأنه رمزاً من رموز النظام السابق . وقال قنديل خلال تغريدة له بموقع التواصل الاجتماعي "توتير" صباح اليوم الأحد: "اعتذر لقرائي الأعزاء .. قررت التوقف عن الكتابة في "المصري اليوم" بعد تعيين رمز من رموز عهد مبارك رئيسا لمجلس إدارة الصحيفة" ، وذلك بعدما قامت مؤسسة "المصري اليوم" مساء أمس السبت بتعيين الدكتور "عبدالمنعم سعيد" رئيسا لمجلس إدارة المؤسسة مع بقاء الدكتور كامل دياب رئيساً فخرياً للمؤسسة . ولا يتوقف الأمر عند حد اعتبار "سعيد " أحد رموز النظام السابق فحسب وإنما تخطى ذلك لتُصب عليه الاتهامات في قضايا "هدايا الأهرام" ، فقد قررت نيابة الأموال العامة العليا نهاية الشهر الماضي استدعاء رؤساء مجلس إدارة الأهرام السابقين خلال الفترة من 2006 إلى 2011 ومن بينهم عبد المنعم سعيد لسماع أقوالهم في قضية منحهم هدايا للرئيس المخلوع وأسرته وعدد من رموز النظام وعلى رأسهم أحمد نظيف وفتحي سرور وحبيب العادلي ويوسف بطرس غالي وصفوت الشريف وزكريا عزمي وغيرهم . ورأس سعيد إدارة مؤسسة الأهرام خلال الفترة من يونيو 2009 وحتى مايو 2011 ، وكان يدافع عن نظام مبارك بطريقة "ليس لها مثيل" ، وكتب العديد من الأعمدة في جريدة الأهرام لفرعنة مبارك ، وقبل الثورة بساعات قليلة وقف عبد المنعم سعيد يتغزل في الرئيس المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي عندما أعلنا كشف المتورطين في حادث كنيسة القديسين التي وقعت ليلة رأس السنة ضمن احتفالات الأخوة المسحيين بأعياد الميلاد ، حيث وقف مبارك والعادلي في احتفالية عيد الشرطة قبل يومين من الثورة للإعلان عن سر اللغز الذي أودى بحياة العشرات كاشفين عن أن "تنظيم جيش الإسلام الفلسطيني" هو الفاعل الحقيقي للحادث . وبالرغم من علم الجميع علم اليقين أن التنظيم الذي أعلن عنه العادلي ليس الفاعل الحقيقي وأن القضية ملفقة من الأساس ، إلا أن عبد المنعم السعيد أشاد بمبارك وبتوجيهاته ، حيث قام مع الإعلامي تامر أمين في برنامج البيت بيتك بالتهليل لا لشيء سوى أن ( العملية كلها جاءت بتخطيط من خارج مصر وهو ما يعفي المصريين من المسئولية ) رغم أن ذلك يعد دليلاً على أن مصر مخترقة في ظل النظام المتخلخل داخلياً - إن صح ما زعموه . ورغم كل ذلك ، أطل علينا المصري اليوم بمفاجئة مدوية عندما أعلن عن تعيين عبد المنعم سعيد لمنصب رئيس مجلس الإدارة ، ليعود الفلول بشكل رسمي إلى الحياة الصحيفة الورقية ، في ظل انتشارهم على الساحة "الفضائية" .