تربعت أجاثا كريستي على عرش الرواية البوليسية الإنجليزية طوال نصف قرن دون مزاحمة ولعل زواج كريستي من ماكس مالوان عالم الآثار المعروف وكذلك الاستقرار العائلي الذي أتاحه لها بفضل هذه الزيجة كان من أسباب الهدوء النفسي والفكري مما هيأ فرصة الكتابة والإنتاج الأدبي، وقد أتاح لها زيارة معظم بلاد الشرق الأدنى والأعلى فتجولت فى بلاد الشام والعراق ومصر وبلاد فارس حيث قدم لها هذا التجوال فرصة ممتازة لكتابة أنجح وأجمل رواياتها المليئة بالأسرار والمفعمة بالغموض. وكانت طفولة أجاثا، أحسن ما يمكن أن تكون، فهي الطفلة التي استمتعت بحياتها قدر المستطاع، وبفضل التقاليد السائدة آنذاك، لم تدخل المدرسة، ولكن والدتها علمتها القراءة والكتابة، وكانت معضم الوقت تستمتع بحياتها، الشيء الذي كان بذرة أولى لثمرة النجاح. والغريب في الأمر أن أجاثا كريستي كانت تعاني كثيرا في قواعد اللغة، وكانت لا تستطيع ضبط القواعد بشكل جيد، ولكن والدتها كانت أما مثالية، وكانت تدفعها للنجاح، ولم تحبطها وتقفل أبواب النجاح أمامها، بل كانت تدفعها للسير في درب الناجحين، وتحفزها من أجل إيجاد طريق النجاح. بداية الكتابة في يوم مرضها، حيث أصيبت بنوبة برد شديدة وجلست قعيدة الفراش، ولكن والدتها العظيمة، إقترحت عليها ألا تضيع الوقت في النوم، بل قالت لها أن تمسك بعض الأوراق وقلم، وتكتب قصصا، تمضي بها وقتها، بدل إضاعته على السرير كالجثة. وقد كانت أجاثا لا تثق في نفسها وكان ردها انها لا تعرف الكتابة، غير أن الوالدة، حفزتها وقالتها أن تجرب، وتبدل مجهودها. وفي كل الأحوال فهي ستستمتع. وهذا ما كان، وقد نجح الأمر وكتبت أجاثا كريستي أولى قصصها في السنين الموالية، وكانت تلك القصص كلها يقتل أبطالها، وكانت قصص غريبة حقا. ككل الناجحين، لم تصل أجاثا كريستي للنجاح بضغطة زر، أو برمشة عين، ولكنها بذلت مجهودات كبيرة، وعانت من بعض الإحباط خصوصا في بدايتها، حيث أن أول رواية لها "ثلوج على الصحراء"، قد رُفضت من قبل الناشرين، ولم يقبلو نشرها، ولو كان أي شخص غيرها لاعتزل الكتابة وحاول البحث عن وضيفة، غير أنها لم تستسلم وكتبت رواية ثانية "القضية الغامضة في ستايلز"، أيضا رفضها أول الناشرين، ولكنها بقيت تحاول وتعرضها على ناشرين جدد، إلى أن وجدت أحد الناشرين الذي قبل نشرها، وكانت تلك هي البداية الحقيقية لرمز من أهم رموز الأدب البوليسي في العالم.