[التربية الجادة وحسن الخلق: التربية على التحمل، ربوا أبناءكم، ربوا تلاميذكم على تحمل الإساءة من الآخرين، إننا لا نستغرب الإساءة من الآخرين، ولكننا نستغرب ردود الأفعال من الصالحين. يقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ] رواه الترمذي والدارمي وأحمد. فالتربية الجادة، والتربية الصالحة تؤدي بإذن الله إلى ضبط النفس. والرسول صلى الله عليه وسلم كان يشجع أصحابه على ضبط النفس، قَالَ لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ:[إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ] رواه مسلم والترمذي وابن ماجة. كان صلى الله عليه وسلم يربي على الحلم ، والتربية على التصرف في الأزمات مما يساعد على التخلص من هذا البلاء. معرفة مآلات الأمور: من أعظم الأسباب التي تمنع من التصرفات الخاطئة؛ معرفة عواقب الأمور، وإتقان قاعدة المصالح والمفاسد، الله جل وعلا يقول للصحابة:} وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ(108) {[سورة الأنعام] . إذا كان سب الأصنام سيؤدي إلى سب الله جل وعلا، فلا تسبوا الأصنام.. والرسول صلى الله عليه وسلم جاء ليحطم الأصنام، ومع ذلك نجد أن الله ينهى الصحابة من أن يسبوا الأصنام، لماذا؟ لأن سب الأصنام يؤدي إلى أن المشركين يسبون الله . فالمعرفة بمآلات الأمور، ومعرفة النتائج أمور مهمة جداً، فقد يأخذنا الإنفعال بتصرف أهل السوء تصرفات هوجاء، ومع زحمة الانفعال والغضب والغيرة على دين الله، وعلى محارم الله؛ قد نتصرف ولا نعرف ماذا سيترتب على ذك، ونحن يجب أن نكون أكثر حكمة. فإذا رأيتم منكراً لا نقول لا تغيروه- كلا وحاشا- ولكن ضبط الأعصاب مطلب شرعي لنعرف كيف نتصرف. إذاً: اللهَ الله بالحلم وتدريب النفس على ذلك، وإنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، وقدوتنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:" كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ جَبْذَةً حَتَّى رَأَيْتُ صَفْحَ أَوْ صَفْحَةَ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَعْطِنِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ" رواه البخاري ومسلم وأحمد. الأحنف، سيد قومه، يقال أنه إذا غضب غضبَ له مائة ألف لا يسألونه فيما غضب، لكن متى يغضب الأحنف؟ قيل له ممن تعلمت الحلم؟ قال تعلمته من قيس بن عاصم حيث كان يوماً جالساً مع أصحابه في مجلسه، فجاءوا له برجل مقيد يرسف بالحديد، وقالوا له: هذا أبن أخيك قتل ابنك. فالتفت إلى أبن أخيه وقال: يا ابن أخي أقتلت ابن عمك وأسأت إلى رحمك، وأثمت نفسك. ثم التفت إلى ابنه، وقال: قم أطلق سراح ابن عمك، وأدي الدية إلى أمك، وجهز أخاك ثم آذنا بعد ذلك، واستمر في مجلسه.