1. فيما عدا ما ينطبق على أي نظام فاشي، فإن مشكلة النظام السوري انه نتيجة لإجراميته أصبح لكل مواطن سوري مسألة شخصية معه. ولهذا فلم يعد مصيره متعلقا بالظروف، ولا بموازين القوى، ولا غيره، فهنالك 23 مليون حساب شخصي معه. ولا مهرب له منها. 2. مشكلة المعارضة السياسية السورية أنها تصرفت كالمعارضة العراقية ضد صدام، على الرغم من بطولة شعبها وعدم توفر دعم أجنبي جدي للثورة السورية، ولو حتى من منطلق صراع المعسكرات. فالجيوش الأجنبية أسقطت نظام صدام حسين، وأصبحت المعارضة العراقية رهينة لها، لفترة طويلة على الاقل. اما المعارضة السورية فبطولات شعبها هي الاساس. وليس من مبرر لسفير أميركا السابق في سوريا ان يتصرف وكأنه مندوب سامي يبحث عن كرزاي لسوريا. هذا لم يكن مبررا في العراف وأفغانستان ايضا. ولكن أميركا فرضته هناك بقوة جيوشها، أما في سوريا فهي تمنع حتى السلاح عن المقاتلين السوريين. فعلام تعتمد حين تتصل بالمعارضين لتملي عليهم اقتراحات وشروط؟ على عقد النقص عند بعضهم امام سفير اميركي. وهي عقد نقص عرف بها النظام أما ضيوفه الأجانب. ولكنها ليست قائمة عند الشعب السوري العظيم، الذي دفع ضريبة الحرية غالية من دمه. 3. يمكن للمعارضة السورية أن تتصرف بكبرياء وطني وقومي وسيادي في العلاقة مع الدول الأجنبية، وذلك بالاتفاق على ثوابتها الوطنية واسسها ومرجعيتها. فالشعب السوري ليس مدينا للغرب حتى من منطلق "الريال بوليتيك". وغالبية الدعم المادي والمعنوي أتى من دول ومجتمعات عربية. هذا السقف الوطني ليس ضروريا لمستقبل سوريا فحسب، بل هو ما يتيح الاختلاف دون الانشقاق، كما يتيح التعددية داخل مرجعية سياسية وطنية متفق عليها. من دون ذلك سيكون البديل للاستبداد هو الفوضى. 4. هنالك من ينتقد نظام الاسد على انه لا يقاوم، وأنه لم يطلق طلقة في الجولان، لانه يريد هو ان يقاوم ويحرر بلده، ولأنه يريد ان يقدم نموذجا مختلفا في الصراع ضد إسرائيل. ولكن ثمة من ينتقده على عدم المقاومة وعلى عدم تحرير الجولان لكي يبرر لنفسه وللناس ما يضمر من مواقف تسووية مع إسرائيل وضد اي نوع من الالتزام لفلسطين، بمنطق أنه لا أحد أفضل من احد، ودافع البعض للادعاء أن الجميع مع إسرائيل واميركا، بما في ذلك من يدعون العكس، هو أن يبرر هذا البعض موقفه المتهادن مع إسرائيل. ومن هنا وجب الفصل بين الانتقادات ودوافعها لكي لا يختلط الحابل بالنابل. 5. ما زال النظام السوري يتفوق على نفسه في العنف المنهجي وفي السقوط الحر في هاوية جريمة بلا قاع، وأصبح لعنفه ظواهر جانبية جرائمية خطيرة ترتكبها فئات من المجتمع المسلح ذاته. ولن يكون لهذا السقوط من قاع الا بارتطامه وسقوطه، وإقامة الديمقراطية وسيادة القانون في هذا البلد العربي.