"صفد بلدي ومن حقي أن أراها ولكن ليس من حقي العيش فيها" كلمات لن يفهمها الكثيرون نظرا لعدم معرفتهم بماهية "صفد"، ولا بمن قال هذه الكلمات. فصفد هذه قرية فلسطينية بالأراضي المحتلة، ينتمي إليها صاحب هذه الكلمات والذي أقر بحقه فقط في أن يراها دون أن يقرر حقه في العيش بها. إنه محمود عباس أبو مازن، رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته، والذي أدلى قبل يومين بحديث للتليفزيون الصهيوني أثار موجة من الغضب والاستنكار على كافة المستويات الفلسطينية والعربية والإسلامية، حيث حمل حديث عباس تنازلا ضمنيا عن أحد أبرز مطالب القضية الفلسطينية وهو حق العودة، كما زاد الطين بلة حين قال "إن فلسطين تتمثل فقط في الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة فقط، وغير ذلك من أراض هي "إسرائيل" وبشكل نهائي وإلى الأبد"!. تصريحات عباس "الانبطاحية"، نتجت عنها موجات متلاحقة من الاستنكار والشجب داخل فلسطين وخارجها، فقد استنكرت لجنة القدس في اتحاد الأطباء العرب تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية ووصفتها ب"الصادمة للغاية". وقال مدير اللجنة، جمال عبد السلام "إن تضحيات الشعب الفلسطيني التي قدمها لاستعادة أرضه وحقه في العودة لا يمكن أن تمحوها تصريحات غير مسؤولة لمسؤول انتهت صلاحيته وولايته". وأضاف "أبو مازن قدّم تنازلات عن حق لا يملك التنازل عن حق عودة أكثر من 6 ملايين فلسطيني تم تهجيرهم من أراضيهم ومنازلهم في نكبة عام 1948، فهو حق فردي يملكه كل فلسطيني لاجئ فى الخارج ولا تملك سلطة التنازل عنه فهو مكفول وفقاً للقرارات والقوانين الدولية". وفي الأردن، ألقت تصريحات عباس بظلالها على مؤتمر عقد بالعاصمة عمان حول اللاجئين الفلسطينيين، فقد دعا أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك الأردنية، الدكتور أحمد سعيد نوفل، إلى محاسبة رئيس السلطة محمود عباس على ما أسماه "خيانته" للقضية الفلسطينية، لتخليه عن حق عودته إلى بلده الذي هُجّر منه داخل الأراضي المحتلة عام 1948. وتحدى الأكاديمي، المهتم بدراسة القضية الفلسطينية، رئيس السلطة محمود عباس أن يقوم بزيارة لأي مخيم للاجئين الفلسطينيين في أي مكان، إن كان في فلسطين أو الأردن أو في أي مكان تتواجد فيه المخيمات، في أعقاب موقفه من حق عودة اللاجئين". وعلى جانب متصل، استنكر حزب جبهة العمل الإسلامي بالأردن تصريحات عباس مؤكدا أن ما ورد على لسان عباس خطير وغير مسبوق"، مشيراً إلى أنه "ليس من حق أحد نظاماً كان أم فرداً التنازل عن حق الأمة في فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر أو التفريط في حق العودة المقدس". واعتبر أن عباس "خرج على ثوابت القضية الفلسطينية وفقد بهذه التصريح المتخاذل أهليته لقيادة الشعب الفلسطيني"، مشددا على أنه قد آن الأوان كي يستريح عباس ويريح ويترك للشعب الفلسطيني المقاوم استخلاص حقوقه. أما في الداخل الفلسطيني، فقد أعلنت حركة المقاومة الإسلامية " حماس"، عن مسيرات جماهيرية غاضبة تشارك فيها عدد من الفصائل الفلسطينية تنديداً بتصريحات رئيس السلطة محمود عباس، التي أعلن فيها بوضوح تنازله عن حق العودة. انتفاضة "الفيس بوك" مواقع التواصل الإلكتروني كانت مناخا خصبا للوقوف على رد الفعل الشعبي الفسلطيني والعربي على تصريحات عباس. فعلي موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي عبد الباري عطوان أن عباس بتنازله عن حقه بالعودة لبلدته صفد قد أكد أنه لن يدافع عن حق العودة للآخرين لفلسطين، وقال"هذا الرجل أصبح خطرا على الثوابت الفلسطينية ويجب أن يذهب". أما الدكتور حسن العجمي فقد قال: "من زمان وهو خطر، بل هو أشر من المحتل، هو من يشرعن وجود المحتل كان الله لك يا فلسطين". في حين قال الدكتور صالح النعامي المتخصص في الشؤون الصهيونية، يقول: "اليسار الفلسطيني قاطع زيارة أمير قطر لغزة بحجة أنه متعاون مع (إسرائيل)، لكنه يواصل الجلوس مع عباس رغم تنازله عن حق العودة .. إنه الاستلاب للعلف". وأضاف: "جميع قادة حركة فتح يدركون الضرر الذي سببته مجاهرة عباس بتنازله عن حق العودة، لكنهم يضطرون لابتذال تأويلات لها، خوفا من توقف المزايا المالية". أما الدكتور عزام التميمي، فقد قال على صفحته: "لا يملك عباس شيئاً حتى يتنازل عنه، وما يصدر عنه إنما هو نوع من الهلوسة، لا قيمة له إلا بقدر ما يؤكد انحرافه وإفلاسه". والشاعر تميم البرغوثي كان له موقفه بقوله: "محمود عباس يقول لنا إنه يسالم لأن المقاومة مستحيلة، ويقول للإسرائيليين إن المقاومة مستحيلة لأنه هو من يمنعها". فيما قال الناشط علي عمر بادحدح: "محمود عباس يقر بحق الرؤية ويتناسى حق العودة ولا تستبعد بعد حين أن يقر بحق السماع ويسقط حق الرؤية". أما الكاتب والمحلل ياسر الزعاترة فقال: "بوسع عباس أن يتنازل عن حقه في العودة إلى صفد، لكن أحدا لم يخوله التنازل عن حقنا جميعا. فلسطين لنا من بحرها لنهرها رغم أنفه وأنفهم". الإعلامي الدكتور عبد الله السعافين قال أيضاً على صفحته على "الفيس بوك: "ليس في غزة فقط" و"لكن المفروض أن تخرج المسيرات في كل مكان يتواجد فيه الفلسطينيون، حتى لو كان فلسطيني واحد يقيم وحده في أي مكان فيجب أن يتظاهر، لأن عباس اعتدى على التاريخ والجغرافيا واستهان بالإنسان الفلسطيني وتاريخه ودمه وحقه وحاضره ومستقبله". الصحفي محمد ياسين من صحيفة فلسطين المحلية قال على صفحته على "الفيس بوك"،:" ما تداوله نشطاء الفيسبوك عقب تصريح عباس بخصوص حق العودة يمثل محاكمة شعبية له خلاصتها وحكمها النهائي غير القابل للطعن أو الاستئناف هو عزله عن منصبه -عفواً- عن مناصبه".