الحل الذى يحقق غايات أربع: حقن المزيد من دماء المصريين. مبادرة التراجع أتت من المعارضة، فأعطتها سهماً مميزاً، ورفعت حرجاً عن قيادات الجيش، وهو ما سيظهر فى التفاصيل. رضاء الأطراف الثلاثة، ومعها الشعب المصرى. الوفاق السياسى «الممكن». خطوات الحل أولاً يعرض هذا الحل على قادة القوى السياسية الإسلامية، لأخذ الموافقة والتوقيع عليه، دون تعديلٍ بإضافةٍ أو حذفٍ، على الإطلاق. ثانياً يُسلم بعد الموافقة عليه، إلى الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة. ثالثاً تصدر قيادات المعارضة بياناً، يؤكد أنها وانتصاراً للسلم الأهلى وحقناً للدماء المصرية، قررت تفويض الفريق أول عبدالفتاح السيسى، لاتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق هاتين الغايتين الساميتين. رابعاً يعلن الفريق أول السيسى، غودة أوضاع الدولة المصرية إلى ما قبل الثالث من يوليو 2013. خامساً يصطحب القائد العام للقوات المسلحة ومعه القيادات الرئيسية للقوات المسلحة، رئيس الجمهورية الشرعى من مقر إقامته الحالية، إلى القصر الرئاسى. سادساً يصدر رئيس الجمهورية عفواً شاملاً عن قيادات القوات المسلحة، بخصوص الإجراء الاستثنائى الذى تم فى الثالث من يوليو 2013. سابعاً تقسم قيادات القوات المسلحة، يمين الولاء لمصر ولرئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وللدستور والقانون. ثامناً يصدر رئيس الجمهورية بياناً يحوى خريطة الطريق التالية: 1 إجراء انتخاب شعبى، للجمعية الوطنية المنوط بها صياغة الدستور، من بين القوائم المقدمة من الأحزاب والمستقلين، والتى يجب أن تحوى كل قائمة مائة عضواً بصفة أساسية ومائة أخرى بصفة احتياطية، وفق الانتخاب النسبى فيما بينها، على أن تُقر الصياغة داخل الجمعية ب 50% زائد واحد، قبل أن تقدم للاستفتاء الشعبى عليها، وفى هذا الشأن كله يصدر قانون بالتفصيلات من مجلس الشورى. على أن تقدم المعارضة، الإجراءات الكفيلة بتحقيق نزاهة هذا الانتخاب، وعلى مجلس الشورى إدراجها بالقانون دون حذفٍ منها. 2 فى خلال ثلاثين يوماً من استفتاء الشعب على الدستور وإقراره، يشكل رئيس الجمهورية حكومة «تكنوقراط»، على أن يقوم رئيس الوزراء الجديد كل وزير بتعين اثنين من المستشارين للرؤى وللسياسات وللبرامج التنفيذية، أحدهما ترشحه المعارضة والآخر ترشحه القوى الإسلامية. 3 بعد ثلاثين يوماً من من تشكيل الوزارة الجديدة، تشرع فى فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية، ولتتوالى الإجراءات، وفق القانون المنظم لها، والذى تم إدراجه بالدستور. 4 بعد ثلاثين يوماً من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يُفتح باب الترشح لانتخابات مجلس النواب، ولتتوالى الإجراءات، وفق القانون المنظم لها، والذى تم إدراجه بالدستور. 5 فى خلال عام من انتخاب مجلس النواب، يتم بدء إجراءات انتخابات المحليات، وفق قانون يصوغه مجلس النواب. المحدد الوحيد لتحقيق هذا الحل هو الوعى لدى الأطراف الثلاثة، ألا سبيل أمامنا لدرء الأخطار العظمى عن مصر، ولدرء استهلاك مقومات الجيش المصرى بعيداً عن مهامه وتحدياته الجسام ولدرء وقوعه فى جرائم «ضد الإنسانية»، لن تصيب الضالعين فيها من قياداته وحدهم، بل ستصيب الوطن كله وأمنه القومى، أقول أن المحدد الوحيد لتحقيق هذا الحل، متوقفٌ على هذا الوعى. ننصح أنفسنا ونحذرها حذارى أن نظن أن ذلك الطرح بعاليه، شابهه وهمٌ أو أمانىُّ زائفة. الفريق أول السيسى، أسس بيانه فى الثالث من يوليو 2013 وسواء كان نظرياً أو حتى واقعياً، أنه تلبية لنداء الشعب وجماهيره التى احتشدت، وهذا إلى حدٍ «جزئىٍّ ونظرىٍّ» صحيح ، ولكن ماذا لو قررت القوى الإسلامية دعوة كل المؤيدين لشرعية رئيس الجمهورية المنتخب بشفافية ونزاهة فى أول انتخابات كذلك فى التاريخ المصرى، إلى حضور صلاة التراويح والدعاء إلى الله أن يحفظ مصر ويعيد لها استقرارها «الدستورى»، فى الساحات المحددة لهذه الصلاة بمحافظات مصر كلها يوم العاشر من رمضان، مع عدم توقف الحشود من اليوم إلى ذلك اليوم؟ مع ملاحظة أن الدعوة موجهة للمدافعين عن شرعية الرئيس مرسى فقط. كيف سيرى يومها الفريق أول السيسى المشهد؟ وإن أراد أن يحتكم إليه، فبالإمكان وعاجلاً أن يتم هذا، اليوم أوغداً، وليس بعد ذلك، درءاً لأخطارٍ، مشهودة صدقونى. وفى النهاية، سأروى للفريق أول عبدالفتاح السيسى، عن اجتماعٍ شاركت فيه ومن ثم كنت ومازلت شاهداً عليه. رغم موقفى السلبى من الدكتور السيد البدوى وقد تيقنت منه منذ دخولة على خط انتخابات رئاسة الوفد، إلا أن ترددى فى قبول دعوته بعد شهورٍ قليلة من قيام الثورة، لم يدم إلا للحظات، ومن ثم قررت الذهاب إلى مقر الوفد ضمن من أطلق عليهم بالإسلاميين الجدد، ليس باعتبارى من ضمنهم ولكن بحكم انتمائى للتيار العريض الذى ينتمون هم إليه أيضاً، وبحكم حرصى الدائم وقتها على متابعة دخولهم إلى العمل السياسى، أقصد الفصيل السلفى والذى أسماه البعض وقتها «سياسياً» بالإسلاميين الجدد. قلت للشيخ السلفى الدكتور سعيد عبدالعظيم، أن الديمقراطية التى تبيح فى بعض دول الغرب الشذوذ الجنسى، فهى لا تبيحه إلا لأنها تحتكم هناك للدستور والقانون الذى يبيحه، ومن هنا فالأمر مختلف، لأن الديمقراطية المصرية تحتكم لدستورٍ ينص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. هنا، يعنينى تحديداً من هذه القصة أن أقدم لكم رد الشيخ علىَّ، حيث قال: مشكلتنا الكبيرة، أن النظام السابق ولثلاثين عاماً، حال بيننا وبين الحوار مع الناس خارج المساجد، ومن ثم فلم يكن لنا أن نتعرف على ذلك. ثم أضاف ما مفاده: ومع ذلك فعلينا أن نلوم أنفسنا كعلماء وكدعاة، أننا لم نسعَ للآخر لنستمع منه ونتفاعل معه، طوال هذه العقود الثلاثة. إلى هنا، سأضيف قصة أخرى فى سطرٍ واحد، فلقد التقيت بعدها المهندس عاصم عبدالماجد، ولمرة وحيدة للأسف فى أكتوبر 2011، ولكنه قال لى عبارة موجزة ولكنها دالة أيضاً، ونصها: لقد ثبت أننا كإسلاميين، أكثر ليبرالية من خصومنا السياسيين. إلى هنا، فما المطلوب من هؤلاء الآن؟ أقول، ما المطلوب الآن مع انسداد القنوات الديمقراطية، ومع الكفر بالديمقراطة، ممن زعموا أنهم ديمقراطيون، وانقلبوا عليها حين أتت بالإسلاميين؟ صدقنى، الموقف الآنى يحتاج إلى فكرٍ رائقٍ، يتحرر من قيد اندفاعٍ سابق، ومراجعة الواثق، الحافظ للوطن ولمستقبله. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد السبت السادس من يوليو 2013 إلى هنا، فتلك كانت مبادرتى قبل «الدماء» التى سالت فجر الثامن من يوليو 2013، مبادرتى التى استشرفت هذه الجريمة، وتمنت ألا تقع، أما وما كان قد كان، فما أراه الآن ينحصر فى بندين: الأول عودة الشرعية كاملة. الثانى يدعو رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى، إلى انتخاب جمعية وطنية، لصياغة دستور جديد. ومن شأن هذه الخطوة، أن تظهر لنا عبر انتخاب هذه الجمعية، خريطة التصويت الشعبى، شريطة أن نؤمن لهذا الانتخاب كل السُبل الكفيلة لنزاهته، لأننا جميعاً وليس المعارضة فقط أصبحنا نشك فى أى انتخاب قادم، بعد هذا الانقلاب الذى تم. ومن شأن هذه الخطوة أيضاً، أن تفرض علينا جميعاً، ما يجب أن نقدم عليه، صيانة لمستقبل مصر واستقرارها واستحقاقاتها التى تعطلت.