حزب المؤتمر: مشروع قانون الإيجار القديم يساهم في تحقيق التوازن المفقود بين طرفي العلاقة الإيجارية    "فوربس" تختار مجموعة طلعت مصطفى كأقوى مطور عقاري في مصر    دول عربية وغربية تؤكد تعليق مؤتمر حل الدولتين بسبب التصعيد بين إيران وإسرائيل    تقرير يكشف موقف ثنائي ريال مدريد من المشاركة أمام الهلال    أديمي يقود تشكيل بوروسيا دورتموند ضد فلومينينسي في كأس العالم للأندية    نائب محافظ الدقهلية يتفقد الخدمات الصحية وأعمال التطوير والنظافة بمدينة جمصة    مصرع شاب في حادث دراجة بخارية بالمنيا    جامعة عين شمس تُطلق مشروع إنشاء مركز الفرانكوفونية لتعزيز التعاون الأكاديمي والثقافي    مجموعة طلعت مصطفى أقوى مطور عقاري بترتيب مجلة فوربس لأقوى 50 شركة في مصر    "تعليم شمال سيناء": امتحانات الثانوية العامة اليوم بدون شكاوى أو مشكلات    بحضور أسر الصحفيين.. عروض مسرح الطفل بقصر الأنفوشي تحقق إقبالًا كبيرًا    "أكبر من حجمها".. محمد شريف يعلق على أزمة عدم مشاركة بنشرقي أمام إنتر ميامي    "موقف السعيد وشيكابالا".. الغندور يكشف تقرير الرمادي لنادي الزمالك    بعد تعرضهم لحادث.. صور مراقبي الثانوية العامة داخل المستشفى بقنا    قرار مهم من "التعليم" بشأن سداد مصروفات الصفوف الأولى للعام الدراسي 2026    رئيسة «القومي للبحوث»: التصدي لظاهرة العنف الأسري ضرورة وطنية | فيديو    «البحوث الإسلامية»: الحفاظ على البيئة واجب شرعي وإنساني    "الحرية المصري": نخوض الانتخابات البرلمانية بكوادر على غالبية المقاعد الفردية    بدء الجلسة العامة للبرلمان لمناقشة الموازنة العامة    بعد تخفيض أسعارها 100 ألف جنيه| من ينافس KGM توريس الكورية في مصر؟    محافظ الدقهلية يضبط صاحب مخبز يبيع الخبز بالسوق السوداء    ضربة قوية لمنتخب السعودية قبل مباراة أمريكا بالكأس الذهبية    تخصيص بالأسبقية.. مواعيد الحجز الإلكتروني لشقق صبا بأرقام العمارات    افتتاح مشروع تطوير مستشفى الجراحة بتكلفة 350 مليون جنيه بالقليوبية    ضبط "عامل توصيل طلبات" لقيامه بالتحرش بطالبة بالقاهرة    سلطنة عُمان تشهد نشاطًا دبلوماسيًّا مكثفًا لوقف التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل    محافظ أسيوط يستقبل السفير الهندي لبحث سبل التعاون - صور    "هيخسر ومش مصرية".. حقيقة التصريحات المنسوبة للفنانة هند صبري    أحمد فتحي ضيف برنامج "فضفضت أوي" على Watch It    بلمسة مختلفة.. حسام حبيب يجدد أغنية "سيبتك" بتوزيع جديد    الرئيس الإسرائيلي يعلّق على فكرة اغتيال خامنئي: القرار بيد السلطة التنفيذية    محافظ المنيا يُكرم مديرة مستشفى الرمد ويُوجه بصرف حافز إثابة للعاملين    ماذا يحدث لجسمك عند التعرض لأشعة الشمس وقت الذروة؟    عرض غنوة الليل والسكين والمدسوس في ختام الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    التعليم العالي: جهود مستمرة لمواجهة التصحر والجفاف بمناسبة اليوم العالمي    السفارة الصينية في إيران تحث رعاياها على مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    قصور الثقافة تواصل برنامج "مصر جميلة" لاكتشاف وتنمية المواهب بأبوسمبل    محافظ المنيا: استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 509آلاف طن منذ بدء موسم 2025    "ليست حربنا".. تحركات بالكونجرس لمنع تدخل أمريكا فى حرب إسرائيل وإيران    CNN: ترامب يواجه ضغوطا متعارضة من إسرائيل وحركته الشعبوية    زيلينسكي: روسيا هاجمتنا بالطائرات المسيرة بكثافة خلال ساعات الليل    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    بينها «شمس الزناتي».. أول تعليق من عادل إمام على إعادة تقديم أفلامه    طلاب الثانوية العامة بالفيوم: "امتحان اللغة الأجنبية الثانية فى مستوى الطالب المتوسط لكن به بعض التركات الصعبة جدا    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو غرة شهر المحرم وبداية العام الهجرى الجديد    دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني    التعليم الفلسطينية: استشهاد أكثر من 16 ألف طالب وتدمير 111 مدرسة منذ بداية العدوان    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    «الرعاية الصحية» تُعلن توحيد 491 بروتوكولًا علاجيًا وتنفيذ 2200 زيارة ميدانية و70 برنامج تدريب    مستشفيات الدقهلية تتوسع في الخدمات وتستقبل 328 ألف مواطن خلال شهر    ضبط 18 متهمًا بحوزتهم أسلحة و22 كيلو مواد مخدرة في حملة أمنية بالقاهرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    بدء التشغيل التجريبي لمستشفى طب الأسنان بجامعة قناة السويس    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    موعد مباراة الهلال ضد ريال مدريد والقنوات الناقلة في كأس العالم للأندية 2025    بعد تلقيه عرضًا من الدوري الأمريكي.. وسام أبوعلى يتخذ قرارًا مفاجئًا بشأن رحيله عن الأهلي    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد الإعلان عن عودة تدريبات "النجم الساطع" بين مصر وأمريكا (2من2): "مرتزقة" أمريكان فى الجيش المصرى!
نشر في الشعب يوم 07 - 06 - 2013

جنرالات أمريكا يتسكعون فى مكاتب "التخديم" للعمل مرتزقة عندخديوى مصر ويطلبون "تقبيل عتباته" قبل التوقيع على "شروط الخدمة وأكل العيش" فى بر مصر!
ومن مذكرات الزعيم أحمد عرابى: هذه شهادته على غدر المرتزقة الأمريكان و"خيانتهم" للجيش المصرى!
وبشهادة صحيفة "هيرالد تريبيون": الجيش الأمريكى يرتكب أربعين جريمة "يوميا" خارج أمريكا!
هذه السطور مهداة إلى الذين يصرون على استكمال مسيرة المخلوع فى التبعية والخنوع.. هذه السطور مهداة إلى الذين لا يريدون التخلص من التبعية الأمريكية، ولا يقرأون التاريخ.. ومن باب التذكرة لمن باعوا الذاكرة أو "صهينوها".. أمريكا التى تجلس الآن على ظهر الكرة الأرضية وتهز ساقيها.. ضباطها وجنودها كانوا "مرتزقة" فى الجيش المصرى.. نعم، مرتزقة فى الجيش المصرى.. أمريكا التى مازال البعض يخطب "ودها" كما كان يحدث فى زمن المخلوع..ضباطها وجنودها كانوا يدفعون المعلوم للسماسرة ومكاتب "التخديم" زمان، من أجل أن يمنحوهم شرف العمل "كمرتزقة" فى خدمة الباشا خديوى مصر.. أمريكا التى تمارس الآن كل صنوف الغطرسة والعدوان على غيرها من الشعوب والبلدان.. ضباطها زمان، كانوا يدفعون "المعلوم" للسماسرة، من أجل أن يرحموهم من التسكع على أرصفة "البطالة" ويمنحوهمشرف العمل فى "خدمة الباشا" خديوى مصر.. وحينما كان أحد هؤلاء المرتزقة الأمريكان يقف فى حضرة الخديوى، كان يطلب أولا (تقبيل عتبات "مولاه" والى مصر!!).. أما (شروط الخدمة وأكل العيش، فى بر مصر).. أى عقود العمل التى جاء بمقتضاها هؤلاء الضباط المرتزقة من أمريكا للعمل فى خدمة "أفندينا" زمان.. كانتتنص حرفيا على أن (يسكن هؤلاء العسكر الأمريكان فى البر المصرى طوال مدة أكل العيش، وأن يشهروا الحرب بشدة، ضد كل من يعتدى على بر مصر).. ولكن، هل حافظ الأمريكان فعلا على (شروط الخدمة وأكل العيش) فى بر مصر؟! هل دافعوا حقا عن استقلال البر المصرى ضد الأعداء.. أم خانوا "أفنديهم" ولم يحفظوا له عهد "الخدمة" والولاء؟!! تعالوا نحاول الإجابة.
لحظة من فضلك:
قد يعرف بعضنا أن ما تسميه كتب المدارس "بالحملة" العسكرية المصرية "لفتح" السودان، قدتحركت من "مرسى رملة بولاق" فى 18 يوليو سنة 1820 بأمر"محمد على باشا" والى مصر فى ذلك الوقت، وأن هذه الحملة كانت بقيادة ابنه الأمير إسماعيل، وهو لا يزال فى الخامسة والعشرين من عمره.. قد يعرف بعضنا هذا، ولكن قد لا يعرف أن هذه "الحملة" العسكرية، كانت تضم خمسة آلاف ومائة جندى (مزودين بالبارود، والبقسماط اللازم لأكل الجنود، وبالعلف والتبن لأكل الحمير والبغال) بالإضافة إلى ثلاثمائة مدفعجى مزودين بأربعة وعشرين مدفعا فقط، يقودهم ضابط "أمريكى" مرتزق اسمه:(جورج بيثون إنجليش).. وبحجة صعوبة نطق الاسم وطوله، تخلى الضابط الأمريكى عن اسمه مثلما تخلى عن بلاده، وأطلق على نفسه اسم "طوبجى" باشا.. وقد يعرف بعضنا أن كلمة "طوبجى" فى اللغة التركية تعنى "المدفعجى".. ولا يعرف بعضنا أن هذا الطوبجى الأمريكى، أصدر كتابا نادرا طبعه فى لندن سنة 1822، أى منذ 190 عاما وزيادة، واختار لكتابه عنوانا ركيكا وطويلا وصريحا أيضا فى نفاقه، هو نصا:(سير الحملة المصرية إلى دنقلة، وسنار تحت قيادة صاحب السعادة إسماعيل باشا بأمر صاحب السمو محمد على باشا والى مصر، بقلم: ضابط أمريكى فى خدمة الباشا خديوى مصر) هكذا بالحرف.. والغريب أن هذا الضابط الأمريكى لم يذكر اسمه على غلاف الكتاب، واكتفى بعبارة:(بقلم: ضابط أمريكى فى خدمة الباشا خديوى مصر) ويبدو أن ذكر اسمه على غلاف الكتاب، لم يكن يهمه بقدر ما كان يهمه أن يذكر على غلاف كتابه أنه (ضابط أمريكى فى خدمة الباشا خديوى مصر).. لماذا؟! لأنه ليس من اللائق طبعا أن يضع "الخادم" اسمه بجوار اسم "سيده".. لهذا لم يذكر الضابط الأمريكى "المرتزق" اسمه إلا على الغلاف الداخلى لكتابه.. إلى هذا الحد كان "تأدب" الأمريكان ونفاقهملنا فى ذلك العصر.. متى بالضبط؟! حينما كان الأمريكان (خدما ومرتزقة) عند حاكم مصر.. وليس العكس!!
أما ما الذى جمع الباشا خديوى مصر على خادمه الأمريكى.. أو الذى جمع "الشامى على المغربى" كما يقولون، فهو مستر"هنرى صولت" قنصل إنجلترا فى مصر وقتها.. تخيلوا.. قنصل "إنجلترا" فى مصر هو الذى تطوع "بتسويق" الضابط الأمريكى المرتزق عند محمد على باشا وأبنائه.. بدعوى أن هذا الضابط الأمريكى (اعتنق الدين الإسلامى وأسمى نفسه محمد أفندى الطوبجى، حبا فى جناب الوالى ورغبةفى خدمته!!).. لماذا؟!!.. كتاب (السودان بين يدى جوردن وكتشنر) لمؤلفه "حضرة إبراهيم باشا فوزى" يقول نصا:(لأن محمد على باشا، ساكن الجنان، محيى الديار المصرية، وفاتح السودان، كان قد علم أن إنجلترا التى تناوئه، وتسعى لاحتلال بر مصر من زمان، تستعد سرا لخنقه وحصاره باحتلال منابع النيل، فأراد محمد على باشا أن يسبقها إلى هذه المنابع الحيوية، ويمنع وقوعها فى براثن هذه الدولة الاستعمارية، التى شرعت من قبل فى احتلال مصر وفشلت عام 1807.. إلا أن الإنجليز علموا هم أيضا بنية محمد على باشا نحو فتح السودان.. فسارع قنصلهم فى مصر بدسّ بعض أعوانه من أمثال هذا الضابط الأمريكى فى حاشية محمد على باشا وبين أفراد الحملة التى ينوى إرسالها لتأمين منابع النيل.. بهدف إفشال هذه الحملة، ونقل أخبارها للإنجليز أولا بأول!!).. هكذا قال كتاب (السودان بين يدى جوردن وكتشنر) لمؤلفه "حضرة إبراهيم باشا فوزى".
لحظة من فضلك:
مثلما نجح "قنصل البريطان" فى تسويق الضابط الأمريكى عند محمد على باشا "ساكن الجنان" نجح الضابط الأمريكى نفسه فى أن يصبح صديقا للأمير إسماعيل -ابن محمد على- وأن يلازمه فى كل مكان.. وحينما أصبح إسماعيل قائدا لحملة السودان، اصطحب معه صديقه الأمريكى محمد أفندى الطوبجى، ومنحه رتبة الباشاوية.. وأسند إليه قيادة مدفعية الحملة.. واصطحب معه أيضا، ضابطا أمريكيا آخر لم يذكر "إنجليش" فى كتابه إياه، سوى أنه كان "يتسمى باسم خليل أغا" رغم أنه -كما يقول إنجليش- من مواليد نيويورك؟!
وعليه: أصبح "جورج إنجليش" الشهير بالطوبجى باشا، هو و"خليل أغا" أول المرتزقة الأمريكان الذين التحقوا بالجيش المصرى زمان لخدمة "مولاهم" محمد على باشا.. حاكم مصر!
ويعرف بعضنا أن الحرب الأهلية الأمريكية التى كانت قد اندلعت فى سنة 1861 بين ولايات الشمال الأمريكى وولايات الجنوب، كانت قد استمرت أربع سنوات كاملة، وأن انتهاء هذه الحرب جعل العديد من "الضباط" الأمريكان يتسكعون على أرصفة "البطالة" بلا عمل، أو مورد رزق.
ولا يعرف بعضنا أن أحد هؤلاء الضباط المتعطلين وهو الكولونيل "هنرى موت" كان قد وصل القاهرة فى يناير 1870 وعرض خدماته على "الخديوى" إسماعيل.. وبالمناسبة، الخديوى إسماعيل هذا، ليس هو الأمير إسماعيل -ابن محمد على- الذى مات أثناء حملته لفتح السودان.. الخديوى إسماعيل هذا هو أحد أنجال الأمير إبراهيم، الابن الأكبر لمحمد على.. وبالتالى يكون "الأمير" إسماعيل الذى اصطحب معه فى حملته على السودان أول ضابطأمريكى "مرتزق" يعمل فى الجيش المصرى.. هو نفسه "عم" الخديوى إسماعيل.
عموما: هاهو الكولونيل الأمريكى "هنرى موت" يصل إلى القاهرة فى يناير 1870 للبحث عن عمل.. وهاهو الخديوى إسماعيل يسند إلى "موت" مهمة لا تسند أبدا "لأجنبى".. وهى مهمة
(تأسيس وتكوين هيئة أركان حرب الجيش المصرى).. بل ويكلفه أيضا هو وشقيقه تاديوس المحامى فى نيويورك، ومعهما الجنرال الأمريكى، وليام شيرمان، والجنرال الأمريكى أيضا، تشارلز ستون "بجلب وتوريد" العديد من الضباطالأمريكان للعمل كمرتزقة فى الجيش المصرى.. وبعد أشهر قليلة تشاجر "هنرى موت" مع تشارلز ستون فترك "موت" الخدمة.. وأنعم الخديوى إسماعيل على "ستون" برتبة الباشاوية، وعينه (رئيسا لهيئة أركان حرب الجيش المصرى) الذى تسلل إليه ستون، وتسلل على يديه أيضا (جنرالات أمريكان كثيرون).. منهم: شاييه لونج، ووريك، وسبلى، وداى، وفيلد، ولورنج، وماسون، وبيردى، ولوكيت، وكولستون، وبراوت، وغيرهم كثيرون.. حتى قفز العدد وقتها إلى (55)ضابطا أمريكيا مرتزقا، كلهم (ارتدوا الطربوش) واحتلوا أعلى المناصب فى مختلف أسلحة الجيش المصرى.. ومن يومها ظل الكولونيل "الأمريكى" المرتزق "تشارلز ستون" هو القائد الفعلى للجيش المصرى، ولم يغادر مصر، إلا بعد أن "غدر" بالزعيم أحمد عرابى وسلم مصر وجيشها لقوات الإحتلال الإنجليزى فى 11 يوليو عام 1882.
لحظة من فضلك:
على ذكر أحمد عرابى.. عرفنا منذ قليل أن المرتزقة الأمريكان احتلوا أهم وأخطر المناصب فى مختلف أسلحة الجيش المصرى زمان.. وأن الكولونيل الأمريكى "تشارلز ستون" كان هو القائد الفعلى للجيش المصرى، وأنهم "غدروا" بالزعيم أحمد عرابى وسلموا مصر وجيشها لقوات الاحتلال الإنجليزى.. ولكن، هل سمعت عن حاكم يحتفى بالخونة والمحتلين، أو يمنحهم الهدايا والنياشين؟! هل سمعت عن حاكم يقيم الولائم والسهرات لقادة القوات التى قامت بغزو بلاده، وبالجنرالات الأمريكان المرتزقة الذين غدروا بالزعيم أحمد عرابى وساعدوا الغزاةالإنجليز على احتلال مصر؟!! فى الثلاثين من سبتمبر عام 1882 فعلها الخديوى توفيق الذى كان حاكما لمصر وقتها.. ومن لا يصدق،فعليه أن إلى جريدة "الوقائع المصرية".. وبالذات عدد أول أكتوبر عام 1882 والأعداد التى أعقبته، ليقرأ بنفسه بعضا من الوصف التفصيلى للولائم والاحتفالات، وللأوسمة والنياشين والهدايا الثمينة، التى قدمها الخديوى توفيق، حاكم مصر وقتها (إلى عساكر الإنجليز الخلصاء،لتغلبهم على العاصى ابن العاصى أحمد عرابى وأتباعه الأشقياء، وإنقاذ البر المصرى من فتنة العصاة والجهلاء!!).. تقول جريدة الوقائع المصرية على سبيل المثال:(فى يوم السبت الموافق 30 سبتمبر عام 1882 كانت ساحة عابدين، قد تم إعدادها لهذا الاستعراض أحسن إعداد، وتم فرشهابالسندس والبساط، وتعلقت البيارق والرايات، وتزينت مقصورة جناب الخديوىوضيوفه، بالرياحين، والملطفات.. وفى الساعة الخامسة بعد الظهر، شرف المقصورة جناب الخديوىبالملابس الرسمية، ومن خلفه النظار -أى الوزراء-ورجال المعيّة، وقائد عموم العساكر الإنجليزية الجنرال ولسلى، والدوق إفكنوت نجل ملكة إنكلترة، وكذلك عسكر الأمريكان.. وما أن اعتدل جناب الخديوى المعظم فى المقصورة، حتى أخذت صفوف عسكر الإنجليز،فى المرور من أمامه، فانشرحت صدور الحاضرين، وأعجب جناب الخديوى بما رآه من مهارة عساكر الإنجليز وحسن انتظامهم، وكمال هندامهم، وشكرهم جناب الخديوى المعظم على ما قاموا به من إخماد فتنة العصاة، وإطفاء ثورة عرابى وأتباعه، الشاردين عما أمرهم به الله من طاعة الولاة!!).. وقالت جريدة الوقائع المصرية أيضا:(فى آخرحفل الاستعراض الذى استغرقأكثر من ساعة ونصف الساعة، أولم جناب الخديوى المعظملقواد عساكر الإنجليز والأمريكان، وليمة كبرى شائقة، فى سراى الجزيرة، أعقبها حفلة سمر باهرة، وساهرة، حفاوة وتكريما لهؤلاء القواد الإنجليز، الذين شهدوا بأن هذه الليلة وما حصلفيهامن بهجة واحتفالات، كانت من الليالى المعدودة فى المسرات، والتى أنعمفيها جناب الخديوى توفيق، على ستين من هؤلاء القواد الإنجليز والأمريكان،بالهدايا، والعطايا، والأسلحة الفاخرة، المحلاة بالجواهر الثمينة الساحرة، مثلتلك التىحصل عليها، كل من الجنرال ولسلى، قائد عمومالجيش الإنجليزى، والجنرال لو، أول قائد تغلب على جيش عرابى، ووصل بعساكره إلى القاهرة، إذ حصل كل منهمامعا، على سيف مجوهر بالعقيق والذهب، وحصل الأدميرالسيمور قائد عموم السفن الإنجليزية -التى ضربت الإسكندرية!!-على طبنجةمجوهرة بالزمرد والماس.. وفى آخر الحفل تفضلجناب الخديوى، وأنعم أيضا علىنفس القواد الإنجليز من الحاضرين، بأرفع الأوسمة والنياشين!!).. مكافأة لهم طبعا على غزو مصر !!
لحظة من فضلك:
قد يسأل أحدنا، كيف كان خديوى مصر يعامل هؤلاء الأمريكان "المرتزقة"، وكيف ردوا له "الجميل".. هاهو شاهد من أهلها، وهاهى شهادته التى نال عليها درجة الدكتوراه فى التاريخ الحديث من جامعة كولومبيا.. هاهو الباحث الأمريكى "لينوار تشامبرر رايت" ورسالته الجامعية التى عنوانها(سياسة أمريكا إزاء مصر فى الفترة من عام 1830 إلى عام 1914).. وهى الرسالة التى تقول إن أول قنصل "لأمريكا" فى القاهرة، كان يحمل الجنسية "البريطانية" وإن العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين مصر وأمريكا بدأت عام 1831، وإن رجل الأعمال البريطانى "جون جيلدون" الذى كان يقيم وقتها فى الإسكندرية، هو الذى اختارته أمريكا ليكون ممثلا لقنصليتها فى مصر.
الرسالة العلمية نفسهاتقول إن خديوى مصر وقتها (كان فى غاية الكرم والشهامة مع الجنرالات الأمريكان الذين عملوا فى خدمته، واحتلوا أهم وأخطر المناصب فى الجيش المصرى).. وتعترف الرسالة نفسهاأيضا بأن (الفترة التى عمل فيها الضباط الأمريكان المرتزقة فى خدمة الخديوى وجيشه كانت تمثل ذروة النفوذ الأمريكى فى مصر قبل الحرب العالمية الأولى.. حيث كان رئيس أركان حرب الجيش المصرى وقائده الفعلى، ضابطا أمريكيا اسمه تشارلز ستون، وهيئة الأركان مؤلفة هى الأخرى من ضباط أمريكان!!).. بقى أن نعرف ما فعله هؤلاء الجنرالات "الأمريكان" فى مصر وفى جيش مصر.. ردا على (كرم الخديوى وشهامته!!).. لن أقول لكم ما قالته صحيفة "هيرالد تربيون" حين أكدت أن ضباطوجنود الجيش الأمريكى ارتكبوا خارج أمريكا خلال العام الماضى فقط 14 ألفا و394 جريمة.. وبحسبة بسيطة، يتضح أن هذا الرقم معناه ارتكاب أكثر من 40 جريمة فى اليوم الواحد.. ومعناه أن أفراد الجيش الأمريكى حينما يكونون خارج أمريكا فإنه لا تمر عليهم ساعة من ساعات اليوم الواحد، إلا ويكون كل جندى أو ضابط أمريكى قد ارتكب جريمة فى مكان ما خارج أمريكا!!).. لن أقول لكم شيئا من هذا الذى قالته "الهيرالد تريبيون" والعهدة على الموقع الإليكترونى لشبكة (سى. إن. إن) الأمريكية منذ أقل من شهر.. لكنىفقط سأقرأ لكم "عينة" مما فعله الأمريكان فى جيش الخديوى حاكم مصر، ورآه الضابط المصرى "أحمد عرابى" بنفسه، قبل أن يصبح وزيرا للحربية.. سأقرأ لكم عينة مما كتبه الزعيم أحمد عرابى فى مذكراته الشخصية التى كتبها بخطيده، وأسماها (كشف الستار عن سر الأسرار) والتى صدرت عن "دار الهلال" عام 1953 فى كتاب يحمل الاسمنفسه..يقول عرابى نصا:(لما سارت حملة الجيش المصرى إلى الحبشة، كنت -أنا العبد الفقير إلى الله- مأمورا لهذه الحملة فى عهدتى عشرة آلاف حيوان، من الجمال والخيل والبغال، وأغلبها أخذته الحكومة من المصريين غصبا وبلا ثمن، هى وعلفها من الفول والشعير والذرة والتبن، الذى أخذته الحكومة أيضا من الأهالى بلا عوض.. وكان الخديوى إسماعيل، قد أسند قيادة الحملة إلى راتب باشا سردار العساكر المصرية، وأمره بصفته قائد عموم الحملة، بأن يكون مقيدا برأى خواجة أمريكى هو الجنرال لورنج رئيس أركان حرب العساكر المصرية.. كما كان معظم رجال أركان الحرب معه من بنى جلدته "الأمريكية"، أما جميع الآلايات -أى الكتائب-فمن الأمراء والباشاوات والجركس.. إلا واحدا فقطيدعى محمد بك جبر، لا وزن لرأيه معهم ولا اعتناء.. وفى هذه الأثناء، أى أثناء الثلاثة أشهر التى عسكر جنود الحملةفى بلدة مصوع قبل بدء القتال، كان أحد المبشرين الفرنساويين فى بلاد الأحباش، يتردد كل يوم على الجنرال الأمريكى لورنج رئيس الأركان فى الحملة المصرية.. أما السبب فقد ظل خفيا علينا، إلى أن اتضح جليا، حينما فوجئنا عند بدء القتال يوم13 سبتمبر 1876 بجميع الضباط الأوربيين والأمريكان يلقون طرابيشهم الرسمية على أرض القتال، ويرتدون القبعات الإفرنجية، ويربطون حول أعناقهم مناديل بيضاء، كإشارة خفية تميزهم عن غيرهم من العساكر المصرية، وتحفظهم من الحراب الحبشية عند التلاحمات القتالية، حيث أخذ عساكر يوحنا ملك الحبشة، يضربون حرابهم المدببة فى عسكرنا المتعبة.. إلا من كان منا على رأسه قبعة أو حول عنقه منديلا أبيض.. أما من أسرع يركض بجواده للهرب، فكان مثل راتب باشا قائد عموم الحملة المصرية وهو جركسى الجنسية، أو مثل حسن باشا ابن الخديوى الذى هرب هو الآخر على فرسه كالرهوان، مع الجنرال الأمريكى رئيس الأركان، بعد أن تسبب بخيانته لنا فى الهزيمة والخذلان) هذه نصا شهادة الضابط "أحمد عرابى" قبل أن يصبح وزيرا للجهادية.. هذه شهادة أحمد عرابى نفسه على خيانة المرتزقة الأمريكان للجيش المصرى، كما جاءت فى مذكراته الشخصية.. فكيف ننسى كل ذلك.. ولا نتعلم من التاريخ؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.