قرر جيش الاحتلال الأمريكي إخضاع الآلاف من جنوده الذين سيتوجهون إلى العراق إلى اختبارات عقلية خاصة، لتحديد مدى استجابة أدمغتهم لعدد من اختبارات الذكاء والذاكرة. وقال الجيش إن الهدف من وراء ذلك تحديد القدرات العقلية للجنود قبل دخولهم أرض المعركة لتسهيل تشخيص إصابتهم ب "التوتر المرضي اللاحق للصدمة" الذي بات العدو السري للجنود الأمريكيين في العراق. ويأتي قرار الجيش بعدما أكدت مصادر طبية قبل أسابيع أن آلاف الجنود العائدين من الخدمة العسكرية في العراق، يعانون من إصابات شديدة التعقيد في الرأس والدماغ جراء التفجيرات والعمليات العسكرية، معربين عن خشيتهم من أن يعاني معظم أولئك الجنود من عوارض مرضية طويلة قد تلازمهم طوال حياتهم. وتشمل الاختبارات العقلية مجموعة من العمليات الحسابية ومتابعة الرموز والأشكال عبر شاشات الكمبيوتر، ويتوجب على الجنود تسجيل إجاباتهم بأسرع وقت ممكن وذلك لتحديد مدى استجابة أدمغتهم. ومن المقرر أن يتم تعميم الاختبار على كامل معسكرات الجيش الأمريكي المحتل خلال الشهرين المقبلين، على أن القيادة المركزية ستترك قرار إخضاع الجنود للاختبار بين يدي قادة المعسكرات. غير أن إحدى لجان قدامى المحاربين حذرت من إمكانية أن يكون القرار مقدمة لخطوات مستقبلية، تسمح للجيش بالتملص من تحمل نفقة علاج الجنود بدعوى أنهم كانوا عرضة لإصابات في فترات سبقت أدائهم للخدمة العسكرية. وكان عدد من الأطباء الأمريكيين قد حذروا بأن الإصابات الدماغية التي تظهر لدى الجنود العائدين من العراق تختلف بشكل كبير عما اعتادت عليه الأطقم الطبية الأمريكية، التي كانت تعالج تاريخياً حالات ناجمة عن حوادث السير أو العمل، مما يشكل تحدياً كبيراً للنظام الصحي غير المؤهل للتعاطي مع هذه الحالات. وتشمل العوارض التي قد يعاني منه الجنود المرضى الصداع والدوار ومصاعب النوم والاكتئاب والارتباك وصعوبة التركيز والتوتر، إلى جانب مشاكل في النطق والنظر، وقد تدفع صعوبة تشخيص الإصابة إلى إرسال جنود مرضى إلى أرض المعركة مجدداً. ولفتت جهات طبية مطلعة إلى أن ما يزيد الوضع الصحي للجنود المصابين سوءا، هو أن عوارض إصابتهم الدماغية تصبح أكثر وطأة عندما تترافق مع الإصابة بالتوتر المرضي اللاحق للصدمة