جرت تظاهرة حاشدة للمعارضة البحرينية غرب العاصمة أمس الجمعة 5 نيسان الجاري، تحت عنوان " لا للتضييق على الحريَّات الدينيَّة .. وسعى في خرابها " في إشارة لهدم المساجد التي تمر ذكراها هذه الأيام والتي كانت ضمن انتهاكات وجرائم أقدم عليها النظام في البحرين في فترة "الطوارئ" التي امتدت منذ منتصف شهر آذار 2011 حتى مطلع حزيران الذي يليه، وتزامن مع دخول البحرين حالة من غياب القانون ودخول قوات درع الجزيرة للبلاد. وشملت تلك الفترة ممارسات لم تسعها حتى تقارير المنظمات الحقوقية ومؤسسات حقوق الإنسان ولا حتى تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها النظام لاحقاً ووثقت جزء من تلك الفترة، وخرجت بنتائج مذهلة. حيث قام النظام في تلك الفترة بسلسة إجراءات وعمليات انتقامية تستهدف التشفي من المواطنين المطالبين بالحرية والديمقراطية، وكان أكثرها انتهاكاً قيام النظام بهدم حوالي 38 مسجداً في مختلف مناطق ومحافظات البحرين، وبعضها يفوق عمر وجود العائلة المالكة في البحرين، ما ينوف عن 400 سنة.
وكادت هذه الانتهاكات بحق الشعائر الدينية أن تودي بصدام أهلي، لولا حكمة بعض الشخصيات الوطنية ورجال الدين لتلافي مشكلة أكبر، من خلال قيامهم بتحميل النظام وحده مسؤولية هدم المساجد دون أي طرف آخر.
تقرير لجنة تقصي الحقائق أو ماي عرف بلجنة السيد بسيوني، خلصت في تقريرها الصادر في نوفمبر 2011 ( تشرين ثاني ) بأن عمليات هدم المساجد التي قام بها النظام هي عمليات انتقامية لشريحة من المواطنين وهي بلا وجه قانوني وتفتقر للتبرير المنطقي، وأشارت إلى تدمير وإتلاف عدد آخر من المقدسات والمؤسسات الدينية والعبث بمرافقها ومحتوياتها، وأوصت اللجنة ببناء المساجد ومحاسبة المسئولين عن هذا الانتهاك بحق شعائر ومعتقدات ومقدسات المواطنين.. غير ان الملف لازال مفتوح مع رفض السلطات إعادة بناء المساجد بالكامل.
وشملت الانتهاكات اعتقالات وقتل تحت التعذيب وفصل آلاف العمال وهدم للمساجد، ما أوجدت ردود فعل دولية رافضة لهذه الإجراءات.
ولم يوفر النظام في البحرين لحد الآن أية تبريرات جدية لعملية هدم المساجد، وقام بعض مسؤوليه بتسويق التبريرات التي تتناقض مع بعضها البعض، ما عبر عن حالة تخبط أكدت على ما طرحته المعارضة بأن العملية أتت في سياق انتقامي من المواطنين ومعتقداتهم، وهو الإجراء الذي لم تقم به أية سلطة في كل البلاد الإسلامية بالعالم.
ودخلت مطالبات شعب البحرين عامها الثالث في فبراير 2013 بالتحول نحو الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والشراكة الحقيقية في إدارة البلاد، لكن هذه المطالب لاتزال تواجه بالقمع والعنف من الجانب الرسمي، وتتحول مناطق البحرين المختلفة إلى ثكنات عسكرية من قبل قوات النظام التي تعمل جاهدة على منع التظاهرات السلمية التي تجوب المناطق المختلفة على طول البلاد وعرضها.