ومنهم جابر عصفور الذى ظل يمدح الأنظمة الديكتاتورية ويمجد فيها بدءًا بعبد الناصر وحتى مبارك، ولم يترك عصفور ديكتاتورًا إلا وحجّ إليه، يعرض عليه خدماته.. منهم صدام حسين، ومعمر القذافى الذى نال جائزته للآداب فى دورتها الأولى عام2010، قبل سقوطه بأقل من سنة وسط انتقادات حادة من قبل مثقفين عرب، خصوصًا بعدما تردد أن الكاتب الإسبانى "غوان غويتسوول" ورفض الترشح لنيلها. غير أن عصفور اكتشف فجأة أن القذافى ديكتاتور ويذبح شعبه، فقد كان خافيًا عليه مدة 42 سنة قضاها القذافى الحكم يسوم شعبه سوء العذاب، المنطق نفسه طبقه مع مبارك، فقد كان من المقربين منه يمدحه طوال الوقت واشترك فى إرهاب معارضته بالكتب الموجهة وعند رحيله (طلع فيه القطط الفاطسة)، وتولى عصفور منصب وزير الثقافة فى حكومة الفريق أحمد شفيق التى شكلها الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك. ولم يستمر فى منصبه سوى بضعة أيام قدم استقالته بعدها إثر مشادة مع وزير الإعلام فى حينها أنس الفقى، الذى اعتبر أن الحكومة هى حكومة الحزب الوطنى الحاكم، فى حين كان يراها جابر عصفور وزارة ائتلاف وطنى تسعى إلى إصلاح الوضع. وعندما واجهه الكاتب الصحفى حسن عبد الموجود وندد بمواقف جابر عصفور وقبوله الوزارة على جثث الشهداء الذين قتلوا يوم جمعة الغضب وقبل الوزارة ليجمل صورة مبارك الذى صنعه وجعله فى أرفع المناصب والأماكن ومنحه الجوائز وقربه إليه، يظهر أن عصفور كان يسكن المريخ ولم يسمع عن هؤلاء الشهداء وهؤلاء الثوار الذى سخر منهم سيده شفيق وقال سنرسل لهم البونبونى إلى ميدان التحرير، ورد له الجميل بعد ذلك حيث أعلن على الملأ انتخابه له فى انتخابات الرئاسة وقد رد عصفور وهو يبكى ويتحسر ولكن هى دموع التماسيح فقال: "لم أكن أتخيل هذا الكمّ من الإيذاء الذى نالنى بسبب الخطأ الذى ارتكبته دون أن أدرى، ومن منطلق نوايا وطنية، خالصة وبريئة، عندما قبلت منصب وزارة الثقافة، حين دعانى الفريق أحمد شفيق لأن أكون معه فى وزارة لإنقاذ الوطن وعلى هذا الأساس قبلت المنصب، ولكن أثبتت لى الأيام التالية أننى أوقعت نفسى فى شراك عصابة من الوزراء الذين أصبح كثير منهم فى السجون وجعلت من نفسى هدفا لافتراءات لم تنته إلى اليوم، ولذلك أجد نفسى مضطرا لوضع النقاط على الحروف للمرة الأخيرة، كى تتبين الحقائق التى تسعى هذه الافتراءات إلى تشويهها، نعم أخطأت حين قبلت هذا المنصب، وليس لى من عذر سوى أننى سرعان ما استقلت منه، وما كان لى أن أستقيل إلا بعد أن اطمأننت على أن المتاحف الفنية الخاصة بوزارة الثقافة ومنشآتها قد أصبحت آمنة، وتحت حراسة محكمة، وتأكيد عدد من التوجهات الجديدة التى تتفق مع شعارات ثوار التحرير الخاصة بالحرية وعدالة توزيع الثقافة والخروج من مركزية القاهرة، وزملائى من قيادات الوزارة شهود على ذلك، وأغلبهم باقٍ فى منصبه، شريف فى عمله، نزيه فى توجهه الوطنى. ورأيت صور الشهيدات والشهداء للمرة الأولى فى برنامج من تقديم عمرو أديب شعرت بالغضب على المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجريمة الشنعاء، وزاد غضبى معرفتى بجرائم القناصة، وغمرنى حزن قاهر أدى إلى تساقط الدموع من عينى وزوجتى لأننا رأينا فى صور الشهداء التى عرضها عمرو أديب صور أولادنا وبناتنا، وكانت النتيجة أننى ذهبت لحضور الجلسة الأولى والأخيرة لى فى مجلس الوزراء، وكلى تصميم على أن أتحدث باسم هؤلاء الشهداء الذين لم نعاقب قتلتهم إلى اليوم وعندما بدأت الجلسة رسميا استأذنت رئيس الوزراء فى الكلام فى ثلاثة موضوعات، ومن المؤكد أن كلامى لا يزال موجودا إلى اليوم فى محاضر مجلس الوزراء، ويمكن لمن يريد الرجوع إليها أن يفعل." وعندما اتهمه الكاتب بتقربه من الرئاسة وتعرفه على سوزان مبارك فى أثناء إعطائه الدروس الخصوصية لجيهان السادات وهى تدرس فى قسم اللغة العربية بآداب القاهرة، فينفى حدوث ذلك قائلًا: "ليتنى كنت صديقا مقربا حقا فى منازل الرؤساء؟ على الأقل كنت سأقول لهم باستمرار عن حقيقة أوجاع الشعب المصرى الذى لا يزال يعانى الهوان حتى بعد قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير. والسؤال المطروح هل رد عصفور جائزة القذافى (وقيمتها مليون جنيه) إلى الشعب الليبى كما صرح بذلك بعد اندلاع الثورة الليبية؟!! ونفس السؤال يوجه إلى الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة، الذى استقال احتجاجًا على استخدام مرسى العنف المفرط ضد المعارضة، وكان الأولى به أن يحذو حذو سلفه فيرد قيمة جائزة الدولة التقديرية التى استقال من أجلها من وزارة الجنزورى.. قيمة الجائزة 300 ألف جنيه وميدالية ذهبية. هؤلاء الذين يحاربون الرئيس مرسى قبل أن يكمل شهره السابع، وقد صبروا على الفساد والاستبداد وحكم البيادة ستين عاما طالما صب فى مصالحهم الضيقة على حساب الوطن..