بدأت بوادر إيجابية في حل أزمة دارفور ومسألة القوات الدولية التي ترغب كلٌّ من الولاياتالمتحدة وبريطانيا في إرسالها إلى الإقليم؛ حيث أعلنت وزارةُ الخارجية الأمريكية أنَّ الرئيس السوداني عمر البشير سوف يوفِد خلال الأسابيع المقبلة مبعوثًا إلى واشنطن للردِّ على رسالة الرئيس الأمريكي بوش الابن حول نشْرِ قوات دولية في دارفور، فيما عدَّلَتْ بريطانيا من مشروع قرارِها في مجلس الأمن الدولي حول هذه المسألة. وبحسب متحدث باسم الوزارة- فضَّل عدمَ الكشف عن اسمه- فإنَّ المبعوث السوداني سوف يُسَلِّم ردَّ البشير قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة منتصف الشهر المقبل، وكان البشير التقى أمس جينداي فريزر- مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للشئون الأفريقية- والتي كُلِّفت بنقل رسالة من بوش إليه، بعد انتظارها لهذا اللقاء في الخرطوم لمدة يومين، وقد أَلْغَتْ فريزر جميعَ لقاءاتها مع وسائل الإعلام، وهو ما علَّلَه أحد المسئولين السودانيين بقوله إنَّ أيَّ جديد لم يكن بحوزتها لتبلغ وسائل الإعلام به. وقال المتحدث باسم الرئاسة السودانية محجوب فضل البدري بعد اللقاء: إنَّ البشير كرَّر موقفَ الحكومة الرافض لاستبدال قوة الاتحاد الأفريقي بقوة تابعة للأمم المتحدة، وأوضح البدري أنَّ رسالة بوش إلى نظيره السوداني حول الانتشار الدولي بدارفور تضمَّنَتْ أيضًا دعوةً من الرئيس الأمريكي للقاء البشير في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وذكرت إخبارية (الجزيرة) الفضائية أنَّ التنازل الوحيد الذي قدمه البشير إلى فريزر تَمثَّل في وعده بأن يدرس "من وجهة نظر إنسانية" قضية الصحفي الأمريكي بول سالوبيك المُعتقَل حاليًا في السودان، والذي اتهمته محكمةٌ في دارفور بالتجسس ونشر معلومات خاطئة. وكان الرئيس السوداني قد جدَّدَ يوم أمس الثلاثاء 29 أغسطس 2006م معارضتَه نشْرَ قواتٍ أممية، وقال إنَّ إحلال هذه القوات محلَّ قوات الاتحاد الأفريقي يعني المواجهة مع الخرطوم، وأضاف- خلال مشاركته في ندوةٍ نظَّمها الاتحاد العام لنقابات العمال السودانيين- أنَّ أعداءَ السودان أشعلوا حربًا في دارفور بعدما رأوا استتباب الأمن بالجنوب. وفي نيويورك أعلنت بريطانيا أنَّها سوف تُقَدِّم صيغةً معدَّلةً لمشروع قرارها حول إرسال قوات أممية إلى إقليم دارفور، على أمل التمكن من إقراره بحلول غدٍ الخميس، وقال مندوب بريطانيا لدى الأممالمتحدة جونز باري- في تصريح صحفي- إنَّه والمندوب الأمريكي جون بولتون يَنْوِيَان تقديم نصٍّ أُدخلت عليه تعديلاتٌ بسيطة؛ ليأخذ في الاعتبار المناقشات التي أجريت مع باقي المندوبين. وأوضح باري أنَّ مشروع القرار المعدَّل يأخذ في الاعتبار اعتراضاتِ الخرطوم، وشدَّد على أنَّه طلبَ من سفير غانا نانا إيفا إبنتنج- الذي تترأَّس بلادُه مجلسَ الأمن الدولي لهذا الشهر- إجراءَ مشاوراتٍ حول النَّص اليوم الأربعاء 30 أغسطس وعرضه على التصويت في أقرب وقت. من جهته قال السفير الأمريكي لدى الأممالمتحدة جون بولتون إنَّ واشنطن ولندن ستواصلان الضغطَ لكي يَجري التصويت بحلول الخميس، مضيفًا أنه يعتقد أن الصيغةَ الجديدةَ سوف تَحظَى بموافقة مجلس الأمن الدولي، وستحقِّق الأهداف المرجوَّة، أي النقل السريع للمسئوليات الأمنية في الإقليم إلى الأممالمتحدة، وهو الأمر الذي ترفضه السودان بشدة.