عباس شراقي: تجارب توربينات سد النهضة غير مكتملة    انتخابات مجلس النواب 2025| الأحزاب على خط النار.. متابعة دقيقة وغرف عمليات مفتوحة    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    فائدة تصل ل 21.25%.. تفاصيل أعلى شهادات البنك الأهلي المصري    بعد 43 يوما عجافا، الكونجرس الأمريكي يقر مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    مجلس النواب الأمريكي ينهي أطول إغلاق حكومي في التاريخ    بيان الفجر، زحف للسحب الرعدية الآن على هذه الأماكن مصحوبة بضربات البرق والرعد    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    قانون يكرّس الدولة البوليسية .."الإجراءات الجنائية": تقنين القمع باسم العدالة وبدائل شكلية للحبس الاحتياطي    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    نجم الزمالك السابق: «لو مكان مرتجي هقول ل زيزو عيب».. وأيمن عبدالعزيز يرد: «ميقدرش يعمل كده»    بسنت النبراوي تتألق على السجادة الحمراء في افتتاح الدورة ال46 من مهرجان القاهرة السينمائي    من «رأس الحكمة» إلى «علم الروم».. مصر قبلة الاستثمار    حبس المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات زوجية    مؤتمر المناخ COP30.. العالم يجتمع في قلب «الأمازون» لإنقاذ كوكب الأرض    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    «لو أنت ذكي ولمّاح».. اعثر على الشبح في 6 ثوانِ    التفاف على توصيات الأمم المتحدة .. السيسي يصدّق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    أبوريدة: متفائل بمنتخب مصر فى أمم أفريقيا والوقت لا يسمح بوديات بعد نيجيريا    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    بعد ظهور السلوكيات المرفوضة فى المتحف الكبير.. كيف تحمى دول العالم متاحفها؟    نقابة الموسيقيين تنفى إقامة عزاء للمطرب الراحل إسماعيل الليثى    الإنتاج الحربي يلتقي أسوان في الجولة ال 12 بدوري المحترفين    انطلاق معسكر فيفا لحكام الدوري الممتاز بمشروع الهدف 15 نوفمبر    فرصة مميزة للمعلمين 2025.. التقديم الآن علي اعتماد المراكز التدريبية لدى الأكاديمية المهنية    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 الآن في السودان ببداية تعاملات الخميس 13 نوفمبر 2025    وزير المالية السابق: 2026 سيكون عام شعور المواطن باستقرار الأسعار والانخفاض التدريجي    سحب منخفضة ومتوسطة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025    بدء نوة المكنسة بالإسكندرية.. أمطار متوسطة ورعدية تضرب عدة مناطق    قرارات جديدة بشأن مصرع وإصابة 7 في حادث منشأة القناطر    مرور الإسكندرية يواصل حملاته لضبط المخالفات بجميع أنحاء المحافظة    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    واشنطن تدعو لتحرك دولي عاجل لوقف إمدادات السلاح لقوات الدعم السريع    وزير الإسكان: بدء التسجيل عبر منصة "مصر العقارية" لطرح 25 ألف وحدة سكنية    المستشار بنداري: أشكر وسائل الإعلام على صدق تغطية انتخابات نواب 2025    بتروجت: اتفاق ثلاثي مع الزمالك وحمدان لانتقاله في يناير ولكن.. وحقيقة عرض الأهلي    محمد صبحي يطالب أدمن صفحته بإحياء ذكرى زواجه ال52    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    يقضي على ذاكرتك.. أهم أضرار استخدام الشاشات لفترات طويلة    عقار تجريبي جديد من نوفارتيس يُظهر فعالية واعدة ضد الملاريا    طريقة عمل فتة الحمص بالزبادي والثوم، أكلة شامية سهلة وسريعة    إذا قالت صدقت.. كيف تتمسك مصر بملفات أمنها القومي وحماية استقرار المنطقة؟.. من سرت والجفرة خط أحمر إلى إفشال محاولات تفكيك السودان وتهجير أهالي غزة .. دور القاهرة حاسم في ضبط التوازنات الإقليمية    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    ممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي: مصر لا تحتاج لتحريك سعر الوقود لمدة عام    إسرائيل تُفرج عن 4 أسرى فلسطينيين من غزة بعد عامين    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تماسيحٌ إسرائيلية في أفريقيا
نشر في الشعب يوم 27 - 01 - 2013

يفتخر الإسرائيليون بأن الزمن الذي كانت فيه القارة الأفريقية السوداء حديقةً للعرب والمسلمين وحدهم دون غيرهم قد انتهى، وأن الزمن الذي كانت فيه دولها مغلقة أمام الإسرائيليين، ومحرمةً على أموالهم وشركاتهم، وخطرةً على مواطنيهم القاطنين أو الزائرين السائحين قد ولى.
فلم يعد العرب والمسلمون هم الأقوى والأكثر نفوذاً في أفريقيا، كما لم يعد ثمة تأثير عربي وإسلامي على القرارات الأفريقية، التي باتت حرة من أي قيدٍ أو إلتزامٍ قديم، وأصبحت قادرة على إنشاء علاقاتٍ دبلوماسية مع الدولة العبرية، وفتح حدودها للمستثمرين الإسرائيليين، ولرساميل المال الإسرائيلية الضخمة، وسهلت الطريق أمام الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات، التي تدار بعقولٍ إسرائيلية وصهيونية، وتخدم السياسات الإسرائيلية، وتعمل بموجب خططٍ مدروسة، وفق تنسيقٍ واتفاقٍ مع صناع القرار في الخارجية الإسرائيلية، ومع قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، ممن يتطلعون إلى اختراق النسيج المجتمعي الأفريقي على كل المستويات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
ما يفتخر به الإسرائيليون ويعتبرونه إنجازاً هو حقيقة لا مراء فيها، فقد بات الكيان الصهيوني حاضراً في أفريقيا، وأصبح لهم سفاراتٌ متبادلة في معظم عواصم الدول الأفريقية، وبدأت شركات الطيران الأفريقية والإسرائيلية بتسيير رحلاتٍ منتظمة من وإلى مطار اللد جنوب مدينة تل أبيب.
وأصبحت المنتوجات الإسرائيلية المختلفة تملأ الأسواق الأفريقية، وهي سلعٌ كثيرة وعديدة، غذائية وطبية وإليكترونية وغيرها، في الوقت الذي يجوب فيه الخبراء الإسرائيليون كل الدول الأفريقية، ينفذون برامج مختلفة، ويعقدون مؤتمراتٍ وندواتٍ كثيرة، وينظمون للناشئة الأفريقية دوراتٍ تدريبية في مختلف المجالات، فيتعرفون على قدراتِ بعضهم، ويكتشفون مواهب الكثير منهم، ويرشحونهم للعمل في مؤسساتٍ إسرائيلية كثيرة تحمل أسماءً وهمية وأخرى حقيقية، إنسانية وغوثية وصحية واقتصادية، ولكنها جميعاً تخدم الأهداف الصهيونية وتعمل لأجلها ووفق أجنداتها المعدة، مستفيدين من حاجات الأفارقة الماسة، إذ يعانون من الفقر والبطالة وتدهور الأوضاع الصحية، ما يجعل قبولهم للعروض الإسرائيلية سهلاً، والاستفادة إلى أبعد مدى من قدراتهم المختلفة بأبخس الأثمان وأقلها كلفة.
كثر الإسرائيليون في الدول الإفريقية وازداد عددهم، ولم تعد اللغة العبرية غريبةً في عواصمهم، بل بات المتحدثون بها يرفعون أصواتهم، ويجاهرون بوجودهم، ويتحدون سكان البلاد الأصلية أن يتخلوا عنهم، أو يطالبوا برحيلهم، ويضحكون هازئين في وجه العرب والمسلمين أننا دخلنا الأرض التي كانت محرمةً علينا، وقد أصبحت لنا أكثر من فناءً وحديقة، فيها نعمل ونستثمر ونبني ونؤسس، ولأهلها نبيع ومنهم نشتري، وإليها نسافر وفي أدغالها نجول، وفيها نجرب ونطور، ومن أرضها نأخذ مستلزمات أسلحتنا النووية وقدراتنا العسكرية، والمواد الخام لتشغيل معاملنا ومصانعنا.
أما البوارج والسفن الحربية الإسرائيلية فقد جعلت من السواحل الأفريقية مرافئ لها، فيها ترسو، ومنها تزود بالمؤن والوقود، وتقيم فيها لأيامٍ طويلة، تحتك بالمواطنين وتختلط معهم، وهي تحمل على ظهرها آلاف الخبراء والمختصين في كل المجالات، في الوقت الذي أغرقت فيه أسواق السلاح الأفريقية بأسلحتها الفردية والمتطورة، حيث غدت الأسلحة الإسرائيلية هي السلاح الرئيس لدي بعض الدول الأفريقية، تزودهم بما يحتاجون منها، وتؤهلهم وتدربهم عليها، وتضع لهم الخطط والبرامج لخوض حروبهم الداخلية والاشتراك في منازعاتهم القبلية.
الخيرات الأفريقية التي يتطلع إليها الإسرائيليون كثيرة جداً، فهي لا تقتصر فقط على تفكيك الجبهات الخلفية للعرب والمسلمين، ولا تقف عند اختراق الأحلاف القديمة، وتهديد المصالح العربية، وتعريض الأمن المائي المصري للخطر، والحصول على الماس الخام ونقله إلى معاملهم لتصنيعه وتشكيله، وإنما تمتد أطماعهم للحصول على كمياتٍ من اليورانيوم والبلوتونيوم والراديوم ومختلف العناصر المشعة التي تلزم لصناعة القنابل النووية، وتشغيل المفاعلات النووية الإسرائيلية.
نشط اليهود الأفارقة بعد انهيار جدار المقاطعة الأفريقية مع الكيان الصهيوني، فأصبحوا عرابين للمشاريع الإسرائيلية وعيوناً لأجهزتها الأمنية، يدلونهم على كل مشروع، ويوجهونهم نحو كل كنز، وينبهونهم من كل خطر، ويخططون معهم لنقل آلاف الأفارقة اليهود إلى أرض فلسطين، ليستوطنوا فيها، ويعيشوا نعم وخيرات الأرض المباركة الموعودة، فكانوا أجهزة استطلاعٍ متقدمة وعيون تجسسية مختصة، تبحث في كل مكان، وتصل إلى كل صعبٍ وممنوع، وتقدم المعلومات والمساعدات التي تخدم الكيان الصهيوني وتقلل من آثار العزلة والحصار التي كانت مفروضة عليه، ما سهل قصف طائراتهم العسكرية لأكثرِ من هدفٍ في أفريقيا والسودان.
ما يثير العجب والاستغراب أن صانع الفتوحات الإسرائيلية في أفريقيا هو وزير الخارجية الإسرائيلي المستقيل أفيغودور ليبرمان، وهو المتهم بأنه أفسد علاقات إسرائيل الخارجية بسياساته الحمقاء وتصرفاته الرعناء، وسلوكه الشائن مع الدول والحكومات، ولكنه نجح في أفريقيا وأحسن التسلل، وتمكن من التجوال على الكثير من عواصمها مصطحباً معه عشرات الاختصاصيين في كل رحلة، ما مهد الطريق أمام التماسيح الإسرائيلية للغوص عميقاً في المستنقعات الأفريقية، لتلتهم الأحلام العربية القديمة في أفريقيا، وتقوض مشاريع الصمود والتحدي التي راهنا عليها كثيراً.
أليس من حقنا أن نتسائل لماذا خسرنا القارة الأفريقية، ومن المسؤول عن نجاح الدبلوماسية الإسرائيلية في اختراق حصوننا القديمة، وتفكيك أحلافنا التاريخية، وأين يكمن العيب والخلل، أهو في مسلمي أفريقيا وهم كثرٌ، ألم يقوموا بالواجب الملقى عليهم لتحصين بلادهم ومنع الإسرائيليين من التسلل إليهم، أم أنهم فضلوا المكاسب المادية والمصالح الخاصة على القيم والثوابت والشعارات الموروثة، وشعروا أن ما يقدمه لهم الإسرائيليون أكثر وأنفع مما يقدمه لهم العرب والمسلمون.
أم أن الحكومات العربية والإسلامية قد تخلت عن واجباتها في أفريقيا تجاه المواطن الأفريقي، وهم الأقرب إليهم ديناً وجغرافيا، ولم تعد تنظر إليهم وتهتم بشؤونهم، وتركتهم وحدهم نهباً للإسرائيليين الذين أحسنوا الاختراق وأجادوا السيطرة والهيمنة، وقد رأى الأفارقة أن العديد من الحكومات العربية والإسلامية تباشر علاقاتها الطبيعية مع الكيان الصهيوني، فلماذا يكونون ملكيين أكثر من القيصر، ويتنطعون أكثر من أصحاب الشأن والقضية، ويتصدرون المواجهة في الوقت الذي يعانون فيه من الجوع والفقر والحاجة.
الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.