قلل وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق الدكتور محمود الزهار من أهمية الرهان على مهمة رئيس الحكومة البريطاني السابق طوني بلير كمبعوث للرباعية في الشرق الأوسط، وذلك اعتباراً لتجربة بلير السياسية في التعاطي ليس فقط مع القضية الفلسطينية وإنما في موقفه من العالمين الإسلامي والعربي، لكنه أشار إلى أن معيار الحكم هو الممارسة. وشكك الزهار، وهو أحد القياديين في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في إمكانية أن يحدث بلير اختراقاً حقيقياً في عملية السلام في الشرق الأوسط، وقال "لا شك أن ثقافة وتربية والتوجه السياسي والاعتقادات الدينية تؤثر على أي شخص، وطوني بلير خلال تجربته السياسية كان جزء من السياسة الأمريكية في المنطقة، ومنفذاً أساسياً لها، خصوصاً في أفغانستان والعراق، على نحو يعكس توجها سلبياً ضد الإسلام وضد العرب، تنفيذاً لتوجه صهيوني مسيحي متشدد مستند إلى أساطير دفعت الرئيس بوش إلى أن يتصرف بهذا الشكل المتشنج في الشرق الأوسط، ولا أعتقد أن بلير يمكنه أن يغير جلده، لكن السياسة متغيرات، ربما يسعى للتكفير عن خطايا بريطانيا بطرد الفلسطينيين عن ديارهم عام 1948 أو بصمتها عن الجرائم التي ارتكبت بحق الفلسطينيين طيلة الاحتلال". وجوابا على سؤال عما إذا كانت تجربة رئيس الوزراء البريطاني الناجحة في أيرلندا والتي أنهى بها ثلاثة عقود من الحرب بين الجيش الجمهوري الأيرلندي وبريطانيا يمكن تنفيذها على الشأن الفلسطيني- الصهيوني؛ قال الزهار لوكالة "قدس برس": "تجربة أيرلندا التي نجح فيها بلير لا يمكن تكرارها في الشرق الأوسط، لأن الأمران مختلفان تماماً، ذلك أن التجربة الأيرلندية عبارة عن قضية مواطنين يطالبون بحق المساواة دون أن يتعرضوا لعملية استئصال بالكامل، وهذا مختلف عن الشأن الفلسطيني تماما، مما يعني أن استنساخ التجربة الأيرلندية غير وارد بحكم اختلال الأطراف والطبيعة والأهداف المتصلة بالصراع". وأشار إلى أن ما يدعو إلى عدم الرهان على إمكانية الاستئناس بتجربة أيرلندا هو تجربة طوني بلير وعلاقته بالملف الفلسطيني، وهي تجربة قال بأنها لا تدعو إلى الاطمئنان. ونفى الزهار أن تكون هناك قناة اتصال مباشرة بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ورئيس الوزراء البريطاني السابق بلير سواء أيام كان في الحكم أو بعد تعيينه مبعوثا للرباعية، لكنه قال "لا توجد بيننا وبين طوني بلير قنوات اتصال مباشرة، لكن هناك قنوات اتصال متعددة مع صناع قرار في عدد من الدول الأوروبية وهم من الناصحين والمستشارين لبعض القيادات الجديدة الذين يحتفظون باتصالات مع الأطراف الفلسطينية المختلفة من زواياه المتعددة، ونحن لم نقطع علاقاتنا يوما مع أي جهة، لأنه ليس لدينا ما نخفيه، لكننا نقولها صراحة نحن لسنا معنيين بالجلوس المجاني الذي يكون ثمنه التنازل عن حقوقنا المكفولة بحق الشرع والقانون". واعتبر الزهار أن استثناء حركة "حماس" من أجندة طوني بلير مبعوث الرباعية إلى الشرق الأوسط، الذي وصفه بأنه مجرد وسيط، "سيفقده مصداقيته كوسيط أولاً وحتى كصديق للصهاينة"، وقال "أولا بلير لا يملك مفاتيح الحل في الشرق الأوسط، الذي يملك هذه المفاتيح هم أطراف الصراع، والجانب الصهيوني لا يريد حلا بل يريد استخدام هذه اللقاءات لمصادرة مزيد من الأراضي وبناء الجدار، وبلير في هذا الإطار هو ليس إلا مجرد وسيط بين أطراف يحتاجون إلى محفز نزيه محايد، وإذا ذهب إلى الرئيس عباس وحده وأهمل الطرف الشرعي الذي يحظى بأغلبية شعبية كما أكدت ذلك صناديق الاقتراع، فإنه سيفقد مصداقية لدى الصهاينة التي تدرك هذا المعنى جيداً". وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق وموفد اللجنة الرباعية إلى الشرق الأوسط قد أعلن في ختام أول اجتماع للجنة بمشاركته في العاصمة البرتغالية لشبونة الخميس (19/7) عن التفاؤل بإمكانية إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وقال عقب أول اجتماع حضره ممثلو اللجنة الرباعية التي تضم كلا من الولاياتالمتحدة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وروسيا "أن أهم شيء تمخض عنه الاجتماع هو أن هناك فرصة لإعطاء قوة دفع لمحادثات السلام في الشرق الأوسط". وقد شارك في الاجتماع كل من وزيرة الخارجية الأمريكية ونظيرها الروسي والأمين للأمم المتحدة ومفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوربي خافيير سولانا.