يحظى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بشعبية كبيرة لدى الأقلية المسيحية في البلاد والتي تفضله على الأحزاب الأخرى الأكثر علمانية وقومية, والتى تبنى دعايتها المضادة على اتهامه بالتخطيط لإقامة دولة إسلامية. ففي قرية واقفلي الأرمنية، يرجح مسيحيون منح أصواتهم لحزب العدالة والتمنية ذي الجذور الإسلامية في الانتخابات المقررة يوم 22 يوليو الجاري. يقول حنا بيبيك (76 عاما) إن الحكومة قدمت الكثير لهم وتحظى بشعبية في أوساطهم لأنها تظهر لهم ولدينهم كل الاحترام. أما عميد القرية بيرك كارتون (45 عاما) فرأى أن حزب العدالة والتنمية حاول أن يساعد الأقليات بينما اكتفت أحزاب أخرى بالكلام. محللون قالوا إن مسيحيي تركيا كثيرا ما كانوا يدلون بأصواتهم للأحزاب العلمانية مثل الحزب الشعبي الجمهوري الذي ينتمي لتيار يسار الوسط، لكن الحزب انضم إلى مد القومية التركية المتصاعد مما جعلهم يميلون للعدالة والتنمية الذي يتزعمه رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. ومؤخرا، أيد الزعيم الروحي للأرمن الأتراك البطريرك مسروب الثاني الذي يقيم في إسطنبول حزب أردوغان واعتبره أكثر اعتدالا في تعامله مع الأقليات وأكثر إنصاتا للمسيحيين، وقال خلال مقابلة مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية إن المسيحيين الأتراك سيصوتون لهذا الحزب في الانتخابات المقبلة.
غير أن محللين آخرين يرون أن حزب أردوغان الإسلامي التوجه بعيد عن المثالية ويخضع للضغوط القومية رغم أنه أكثر ليبرالية بمائة مرة من الأحزاب الأخرى، ورغم أنه يسعى لتطبيق إصلاحات اقتصادية وسياسية بما في ذلك مزيد من الحقوق للأقليات. وفي هذا الصدد، يشير المحلل والناشط الحقوقي باسكين أوران إلى أن أردوغان استسلم أمام الضغوط القومية حينما تم سحب تقرير كتبه أوران نفسه عن الأقليات في تركيا. فالقوميون الأتراك يتعاملون بحساسية مع ما يعتبرونه مزاعم بإبادة الإمبراطورية العثمانية مع اقتراب انهيارها لنحو مليون ونصف أرمني عام 1915، ويرتابون من أن ذوي الأصول اليونانية وزعيمهم الروحي البطريرك بارثولوميو يسعون لإقامة دولة صغيرة على غرار الفاتيكان في إسطنبول. وذكر أوران أن توجه أنقرة للإصلاح فتر منذ مدة طويلة، فعلى سبيل المثال أرجأت الحكومة قانونا كان يهدف إلى التخفيف من قيود الملكية على الأقليات المسيحية، كما لم تعد فتح معهد لاهوتي أرثوذكسي قرب إسطنبول يعد مهما لاستمرار مذهب الروم الأرثوذكس في تركيا على المدى الطويل. كما فشلت السلطات في اقتلاع نمط من السلوك القومي راح ضحيته الصحفي الأرمني هرانت دينك في يناير الماضي والذي قتل رميا بالرصاص على يد قومي متطرف خارج مكتبه في إسطنبول، مما أثار موجة جارفة من الحزن والتضامن بين المسيحيين الأتراك.