يمثل إزاحة النائب العام واحداً من أهم مطالب الثورة الحرجة. فمن غير النطقى بأن الرجل الذى كان يمثل عصا النظام و أمين سر دولة الطغيان و الفساد و الذى عينه المخلوع يمكن أن يأتمنه الشعب على محاكمة أركان النظام السابق. فلم يكن المخلوع يختار رجاله إلا من المرتطين بعلاقات شرعية أو غير شرعية مع أركان النظام. فالرجل مثل أمين سر الفساد فى مصر و لا يخرج قضية إلا مضطراً و إذا أحالها فهى ناقصة يشوبها العوار. و لا أعتقد أن الرئيس يمكن أن يتخذ قراراً غير قانونى بإقالة النائب العام و لكن ماهو المسوغ القانونى للقرار؟ بين العزل و الترقية : لقد حرص المخلوع على إطلاق يده فى إختيار النائب العام و لكن أسبغ المثاليات القانونية على حماية المنصب و كان يكفى مكالمة من المخلوع لأى كان موقعه أو وظيفته للإستقالة من تلقاء نفسه. فليس أمام الرئيس إلا ترقية النائب العام إلى درجة وزير و فى الغالب وزير العدل. لكن كيف يمكن تعيين مثل هذا الرجل وزيراً ؟ الحل يكمن فى وزارة الخارجية حيث هناك منصب سفير من الدرجة الممتازة بدرجة وزير. و بهذا يكون النائب العام قد حصل على ترقية. ردود الأفعال السلبية : رفض النائب العام القرار و أكد أنه مازال فى منصبه و أنه يتمسك بقانون السلطة القضائية. وخرج فوراً فئتين لدعم النائب العام. الأولى مخلصون مثاليون يؤلمهم إختراق السلطة التنفيذية للسلطة القضائية وكأن طبقة القضاة من الأنبياء و المعصومون أما الفئة الأخرى فهم دولة الفساد و رجالات النظام السابق و قد خرجوا علينا ببيان تهديد للرئيس. هل يخفض الرئيس سن تقاعد القضاة إلى 65 عاماً : هناك إقتراح بأن يقوم الرئيس بتخفيض سن التقاعد إلى 65 سنة بدلاً من القانون الحالى الذى يتيح للقضاة العمل حتى 70 سنة. فى الحقيقة قد يكون هذا هو الحل الأسهل و لكن : · سيستعدى هذا القرار شيوخ القضاة الذين فى الخدمة ضد القرار · بالرغم من فساد بعض شيوخ القضاة إلا أن معظم قضاة هذه الطبقة من الشرفاء و هؤلاء هم من يعول عليهم فى إصلاح القضاء · أما الطبقات التالية من القضاة فيغلب عليهم الإختيارات الفاسدة من ضباط الشرطة و أبناء الحزب الوطنى و المقربين منهم أو تم تعينهم عن طريق الرشوة فقد يمثل هذا الحل خسارة فادحة للأمل فى إصلاح القضاء. خيارات الرئيس : من الناحية القانونية هذا قرار جمهورى واجب النفاذ حتى لو كان غير قانونى فليس أمام النائب العام إلا التنفيذ و اللجوء إلى محكمة القضاء الإدارى. وسيستغرق القضاء الإدارى عدة أشهر قد تتغير فيها المراكز القانونية بعد الدستور الجديد. و فى نفس الوقت يقوم اانائب العام الجديد بمحاسبه محمود على تقاعسه و تقصيره فى قضايا قتل الثوار و الفساد. ليست مذبحة قضائية بل تطهير : أما إذا كان الإصطفاف القضائى خلف النائب العام قوياً فليس أمام الرئيس إلا التصعيد و إلا ضاعت هيبته أو تدمرمستقبله السياسى خصوصاً أمام مؤيدى الثورة. الشعب معكم للتصعيد لأقصى مدى و بيدكم سن القوانين التى تطيح بالنائب العام و إعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى و يكفى أن تسلمه لتيار الإستقلال و سيقومون هم بما ينبغى.