يواجه الاقتصاد الصهيوني العديد من التحديات نتيجة تأثره بالأزمة الاقتصادية العالمية والتداعيات الإقليمية للربيع العربي، فضلا عن الجمود المستمر الذي يعتري الساحة السياسية والمماطلات التي تعرقل سير مفاوضات السلام وما يترتب عليها من انعدام الاستقرار بالمنطقة، الأمر الذي حدا بالحكومة الصهيونية إلى تفعيل خطة طوارئ اقتصادية حتى تتمكن من مواجهة الأزمة التي من المتوقع امتدادها حتى نهاية عام 2012. وتشمل الخطة التى أقرتها وزارة المالية الصهيونية على آليات أمان لصيانة صناديق التوفير والتقاعد لمواجهة الخسائر المتلاحقة لها بأسواق المال، فضلا عن تحديد الضمانات التي ستقدم للمصارف التجارية والصناعيين وكبار رجال الأعمال والمصدرين. وبناء على ما تشهده تل ابيب من عدم استقرار والتهديدات التى أصبحت قائمة بعد اندلاع ثورات الربيع العربي، هدد نحو 34% من أصحاب الشركات العاملة بمجالي الصناعة والتجارة في تل ابيب بنقل مشاريعهم الانتاجية إلى خارج الدولة اليهودية. بينما أقرت نحو 50% من الشركات أنها ستستمر في مزاولة نشاطها الصناعي بتل ابيب، رغم الخطر المحدق بها نتيجة التهديدات التي قد تؤدي الى اغلاق الشركات والمصانع أو تجميد نشاطها، نتيجة الوضع المتأزم على الصعيد السياسي، خاصة وأن للثورات العربية تأثير كبير جدا على الاقتصاد الصهيوني، مما سيجفعه الى تسخير الكثير من الاستثمارات الأجنبية بعد أن تسربت منه العديد من الشركات المحلية إلى خارج الدولة، إضافة الى لتراجع الكبير في التبادل التجاري بين تل أبيب وبعض الدول العربية. ويأتي المشهد المتأجج من قلب تل ابيب نفسها والمتجدد بالاضراب الذي قامت به البنوك والموانئ والبورصة الصهيونية بعد أن واجهت المفاوضات بين النقابات والحكومة الصهيونية عقبات جديدة. بلغت الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الصهيوني جراء ذلك نحو 500 مليون دولار يوميا نتيجة عطل حركة القطارات وإغلاق بنك تل ابيب المركزي ومكاتب حكومية. واستطاعت تل ابيب من خلال الخطط التي أعدتها تجاوز جزء من الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألقت بظلالها على الأوضاع في تل ابيب وتمكنت خلال الفترة الماضية من التعايش مع كافة التطورات التي تطرأ على الأسواق العالمية وخاصة أوروبا التي تعد الأقرب إليها، إلا أن موجات الربيع العربي التي فاجأت تل ابيب لتثقل كاهل اقتصادها. بالاضافة إلى العصيان المدني الذي تفرضه القوى العاملة في تل ابيب داخل المرافق الاقتصادية العامة، بهدف التنديد بأوضاع العمال من أصحاب العقود المؤقتة، ممن يستخدمهم القطاع العام، وبعض أجزاء القطاع الخاص بدعوة من اتحاد العمال الصهيونى. وكانت وزارة المالية الصهيونية قد خفضت من حجم استفحال أزمتها الاقتصادية في ظل انعدام الاستقرار الإقليمي والتذرع بالمخاطر الأمنية والعسكرية، معزية هذا التهويل لمسعى الحكومة لتجاوز صدى الاحتجاجات الشعبية والاجتماعية في الشارع الصهيوني. ويرى المحللون ان القرارات التى قد اتخذتها الحكومة الصهيونية بشأن الانتاج الصناعي للشركات الصهيونية خارج حدود الدولة من شأنها أن تمس بشكل كبير الأنشطة الصناعية والإنتاجية المحلية، كون غالبية الشركات التي تنوي الانتقال للخارج تتطلع ليكون نشاطها بديلا عن وجودها ابيب في تل. وهناك الكثير من العوامل والاعتبارات الأخرى التي قد تدفع بالشركات الصهيونية للانتقال للخارج، والتى يأتي في مقدمتها حصولها على دعم من الدول التي انتقلت إليها، وأيضا الحصول على هبات وتسهيلات ضريبية، إلى جانب قربها من الأسواق العالمية، وتوفر الكفاءات المهنية، وكلفة مواد الخام المنخفضة. وشهدت الفترة الحالية انخفاضا بحوالي 20% في الطلب على الوظائف بالقطاع الخاص في تل ابيب في مجال شركات التكنولوجيا والاتصالات والعقارات، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وتم عرض 31 ألف وظيفة مقابل 39 ألفا في الفترة ذاتها من العام الماضي. وأدت هذه المظاهر إلى انكماش الأسواق الصهيونية؛ حيث يعتمد الاقتصاد الصهيوني بشكل كبير على التصدير، خصوصا للأسواق الأوروبية والأمريكية، التي تعاني من أزمات اقتصادية خانقة أدت إلى تراجع الطلب عامة ومنه الطلب على البضائع الصهيونية، هذا إلى جانب ما تعانيه الدولة العبرية من الثورات العربية والجمود السياسي ومقاطعة منتجات المستوطنات. أما على مستوى قطاع الصناعة والتجارة الصهيونية فنجد أن معاناة هذا القطاع فتتمثل في مدى قدرة البضائع والمنتجات الصهيونية على المنافسة العالمية الشرسة، خصوصا في مواجهة الأسواق الشرق آسيوية. وأدى الانكماش في حجم الصادرات الصهيونية الى التأثير بشكل مباشر على المواطنين الفلسطينيين العاملين داخل تل ابيب، وتم تسريح مئات العمال بوصفهم الحلقة الأضعف في الاقتصاد الصهيوني، وكانوا أول المتضررين من أي انكماش بالأسواق الخارجية. ويذكر أن الاقتصاد الصهيوني من أكثر الاقتصاديات تنوعًا في منطقة الشرق الأوسط، ويعتبر دخل الفرد في تل ابيب من أعلى معدلات الدخل في العالم؛ اذ يتخطى حاجز 28 ألف دولار. ويعتمد الاقتصاد الصهيوني على صناعة التكنولوجيا ومستلزماتها والزراعة، وتعد تل ابيب من أكثر الدول ذات الاكتفاء الذاتي في المجال الزراعي، وتقوم بتصدير الفائض الزراعي من خضروات وفواكه إلى مختلف دول العالم المختلفه. وتشكل السياحة مصدرا هاما للدخل القومي الصهيوني، كما تلقى تل أبيب دعما ماديا كبيرا من الولاياتالمتحدة الأميركية، ويقدر الدعم المادي المخصص لتل ابيب خلال العشر سنوات القادمة بحوالي 30 مليار دولار أميريكي، وتعد أميركا والإتحاد الأوروبي الشريكان الرئيسيان لتل ابيب على المستوى التجاري.(وكالة الصحافة العربية) الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة