ربما تكون الكتابة فى هذا الموضوع بها بعضا من الملل, لكثرة ما تناوله كل من يكتب, وكل من يتكلم فى أى وسيلة من وسائل الإعلام, لكن هذا ينبع من أهمية الموضوع, الذى أظن أنه من المواضيع التى تثير الجدل بشكل كبير كل فترة, على الرغم من السهولة التى أراها فى تناول وتقرير الأمر. ولعل الشىء الأكثر جدلا فى هذا الأمر هو ما يتصل بشرعية عمل المرأة, ومدى قبول الإسلام لهذا العمل. وفى هذا الإطار خلط للأمور, فهناك من يدعى زورا أن الإسلام ضد عمل المرأة, وأن الإسلام جاء ليقرر وضعا متدنيا للمرأة, وهذا ما يخالف الأسس الحقيقية التى جاء بها الإسلام لتكريم المرأة, ويكفى أن نعلم حال المرأة فى الجاهلية من امتهان لكى نعرف كيف جاء الإسلام بالتكريم اللائق لأم البشر. ففى الجاهلية كانت المرأة عبارة عن مستودع لممارسة الجنس فحسب, ولم يكن يسمح لها إلا بهذه المهنة, سواء كزوجة, أو كعاهرة, بل إن نساء الجاهلية كان يتم مفارقتهن وكأنهن مرضى حينما تأتى لهن الدورة الشهرية, هذا بخلاف ما كان يتم من وأد البنات وممارسة الاستبضاع, فضلا عن الحرمان من الميراث. لكن الإسلام جاء ليحرر المرأة من كل ما سبق, ويكرمها, ويضعها فى المكان اللائق بها, وجاء هذا التكريم عبر العديد من الآيات: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات: 13). (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء: 1). (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) (آل عمران: 195). (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (النساء: 124). وهناك العديد من الآيات الأخرى التى تضيق المساحة لذكرها, ولكنها جميعا تظهر عدالة الإسلام ومساواته الرجل بالمرأة فى الحقوق والواجبات, لكنها مساواة من نوع خاص, تحفظ للمرأة كيانها, وفطرتها التى فطرها الله عليها. فليست المساواة هى أن يتساوى الاثنان فى كل شىء, وإلا لكان من الأولى أن يخلقنا الله من نوع واحد, لكن الاختلاف فى النوع من الناحية البيولوجية والنفسية والعاطفية هى التى تقرر أن هناك اختلافا فعليا لابد أن يقرر, وأن نؤمن به, وهذا الاختلاف هو ما يتفق مع الطبيعة والفطرة. بل إن من روعة خلق الله أن جعل كل من الرجل والمرأة عنصران مكملان لبعضهما البعض, فللرجل مهامه, وللمرأة مهامها, ولا ينفى أى منهما الآخر, فالرجل بطبيعته الجسمانية هو الأقدر على تحمل مشاق الحياة, والخروج إلى العمل, والمرأة تكمل هذا العمل بمكوثها فى البيت لكى تصنع أجيال صالحون من الأبناء, وهى مهمة - فى تقديرى - أهم من المكسب المادى الذى يأتى به الرجل. ولنا أن ننظر حولنا فى أسر كثيرة يمكن أن نكون قد عرفناها, لنعرف الفرق بين أسرة كانت الزوجة فيها متفرغة لأولادها, وأسرة أخرى كانت المرأة عاملة, فمن المؤكد أن هناك فرقا كبيرا فى تنشئة الأولاد, بل حتى فى طبيعة العلاقة بين الزوج والزوجة, فحينما تلتزم الزوجة المنزل تصبح معدلات الطلاق أقل ما يمكن, لكن فى ظل خروج المرأة للعمل تزداد هذه المعدلات بشكل كبير, وربما يكون هذا مبعثه إلى ظن المرأة أنها بقدرتها على كسب ما تستطيع العيش به يمكنها أن تستغنى عن الزوج, لكن هذا الاستغناء ليس استغناءا ماديا فحسب, فاحتياج الرجل للمرأة, واحتياج المرأة للرجل ليس ماديا ولا جنسيا بقدر ما هو احتياج للسكينة والراحة, والإحساس بأن هناك طرف آخر يمكن أن يُعتمد عليه, وأن يكون ملاذا وقت الضيق. يقول الأستاذ أحمد حسين فى كتابه الرائع (الإسلام والمرأة): إن الزواج ليس إلا شركة، ولابد لكل شركة من رئيس يديرها ويتكلم باسمها، ويكون صاحب الكلمة الأخيرة بشئونها، ليمكن البت فى مصالحها وكل ما يحقق سعادتها ونفعها، وعلى الزوجة أن تدخل فى طاعة زوجها دون أن ترى فى ذلك أى غضاضة أو مساس بحريتها وكرامتها، ما دامت قد دخلت فى هذا الزواج حرة مختارة، وكانت لها الكلمة الأخيرة فى ارتضاء الرجل الذى خولته حق رئاسة الشركة الزوجية. وهى فى ذلك تشبه الجماعة فى أمة ديمقراطية. حيث تختار من بينها رئيسا توليه زمامها، وقيادتها, وتخضع له وتطيع، بدون أن يكون فى ذلك أى معنى للمساس بحريتها أو كرامتها أو حقوقها، لأن الرئيس لم يفرض عليها فرضا, ولم تكره على الخضوع له، وإنما فعلت ذلك لتحقيق النظام، وبناء المجتمع الذى لا يمكن أن يستغنى عن رئيس يديره، ويدين له سائر الأعضاء بالولاء والطاعة. (أحمد حسين - الإسلام والمرأة - الطبعة التاسعة - 2007 - صفحة 73). وبطبيعة الأمور فإن وجود المرأة فى منزلها يجعل منها المستشار الأمين للزوج وللأولاد, فليس هناك مستشار أمين أفضل من الزوجة المخلصة الصادقة, تنصحه بعقلها وقلبها الحريصان على مصلحة الأسرة, وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير زوجاته, ويأخذ بأرائهن فى الأمور العامة. وهذه الطاعة للزوج من المؤكد أنه لابد أن يقابلها من الزوج الإكرام والاحترام والرعاية, فليس هناك أهم من صون الزوجة التى تضحى من أجل إسعاد الأسرة, فهى الركن الأساسى فى نجاح هذه الأسرة, وهى المأوى للزوج بعد تعبه وشقاءه, وهى الملاذ له حين يتخلى عنه الجميع. ووجود المرأة فى المنزل أكبر مكسب لأى أسرة تبتغى صلاح هذه الأسرة, وسأضرب مثلا لتقريب وجهة نظرى, وهو عقد مقارنة بسيطة بين فترة وجود المرأة فى المنزل, والفترة التى نعيشها حاليا, والتى خرجت فيها المرأة للعمل. ففى الماضى أخرجت لنا المرأة العلماء والمثقفين والأدباء, فهل ينكر أحد أن العظماء من مفكرى وسياسيى مصر أتوا من رحم أسرة كانت المرأة فيها لا تعمل؟ وفى المقابل فى عصرنا الحاضر هل يدلنى أحد على شخصية موضع تقدير نبتت فى أسرة كانت المرأة فيها تعمل!!. ولننظر إلى الغرب, حتى نأخذ الحكمة, فعلى الرغم من التقدم المادى الحادث فى الغرب, إلا أن التفكك الأسرى فى أوجه, وليس ذلك نابعا إلا من خروج المرأة للعمل وتركها للمنزل تحت دعاوى المساواة والتحضر, والتى كان من نتيجتها هذا الذى نراه من ارتفاع نسبة الجريمة, وارتفاع نسب الطلاق. وبنظرة تاريخية نجد أن الغرب لم يكن مبدأ المساواة هو الحاكم حين خرجت المرأة إلى العمل, بل كانت البداية مع الثورة الصناعية, وكان خروجها يستهدف فى البداية جذب المرأة إلى العمل فى المصانع التى كانت متعطشة للمزيد من القوى العاملة، خاصة الرخيصة, فتم استغلال المرأة فى العمل لتدنى أجرها مقارنا بأجر الرجل فى ذلك الوقت. لكن خروج المرأة للعمل فى الغرب على الرغم من الإدعاء بأنه من قبيل المساواة, إلا أننا رأينا كيف تم استغلال المرأة للدرجة التى أوصلت المرأة فى الغرب فى وقتنا الراهن إلى الدرجة التى صارت سلعة تباع وتشترى, وأصبحت مجرد وسيلة لتسويق المنتجات, إن لم تكن هى نفسها منتج يتم بيعه وشرائه. نحن بالتأكيد مع التقدم, ولكن إذا كان هذا التقدم سيكون ثمنه تفكك الأسرة, فبأس التقدم, لأن الأسرة هى اللبنة الأولى لأى مجتمع صالح, هذا إضافة إلى أن غايتنا من الدنيا تختلف كليا عن غاية الغرب من الدنيا, فنحن ننظر إلى الدنيا على أنها رحلة قصيرة نتعبد فيها إلى الله, حتى نفوز بالجنة فى الآخرة, وفى سبيل هذا الفوز لابد أن تكون وسائلنا متمتعة بالشرعية التى يرضى الله عنها, فى حين ينظر الغرب إلى الدنيا على أنها دار فوز, ويجب أن يفوز فيها بكل ما يرضى شهواته, دون النظر إلى اعتبارات الحلال والحرام. والمرأة فى الأسرة كأم صمام أمان لكافة أفراد هذه الأسرة, يحتمى بها الرجل وقت الشدائد, ويلجأ إليها الأبناء فى محنهم, فإذا كانت هذه الأم منشغلة بعملها فإلى من يلجأون؟ وحتى فى الديانة المسيحية, نجد أن الكتاب المقدس يقدم لنا نظرة واضحة بشأن دور المرأة فى الحياة, ففى رسالة للرسول بولس حول تدريب النساء كبيرات السن للشابات المتزوجات يقول: (.. ينصحن الحدثات أن يكن محبات لرجالهن ويحببن أولادهن، متعقلات، عفيفات، ملازمات لبيوتهن، صالحات، خاضعات لرجالهن، لكى لا يجدف على كلمة الله). ويتكلم سفر الأمثال فى الإصحاح 31 عن "المرأة الفاضلة", فمن بداية الآية 11 يمدح الكاتب هذه المرأة لأنها تفعل ما بوسعها للعناية بعائلتها, فهى تعمل جاهدة على تنظيم بيتها وعائلتها. ولا نجد أى موضع فى الكتاب المقدس يمنع المرأة من العمل خارج المنزل, ولكن الكتاب المقدس يعلم المرأة ترتيب أولوياتها, فإذا كان العمل خارج المنزل يتسبب فى أن تهمل المرأة أولادها وزوجها, فيكون من الخطأ أن تعمل تلك المرأة خارج المنزل, أما إذا استطاعت المرأة المسيحية أن تعمل خارج المنزل وفى نفس الوقت أن توفر بيئة محبة ودافئة لأولادها وزوجها فيكون من المقبول أن تعمل خارج المنزل. وهكذا نجد أن هناك اتفاقا شبه كامل بين نظرة الإسلام والمسيحية لدور المرأة, وأن عملها الأساسى هو فى بيتها, وأن عملها خارج المنزل هو استثناء لابد له من شروط لكى يتمتع بالشرعية. لكن هذا الكلام الذى ذكرته لا يعنى أن نظرتى للمرأة هى فى حيز ضيق, لا يسمح لها إلا بالمكوث فى المنزل لتربية الأولاد وانتظارا لعودة الزوج, على الرغم من أهمية ذلك, فما أعنيه أن خروجها للعمل ليس مستهجنا, إذا التزمت بالضوابط الشرعية, فالإسلام حينما قرر للمرأة ذمة مالية مستقلة (عبر الميراث), كان يقرر مبدأ عمل المرأة, وحقها فى أن تزاول أى مهنة شريفة, وأن تتعلم كل ما من شأنه أن يعينها على تنمية هذا المال الذى ورثته. وعلى الرغم من إيمانى بضرورة أن يكون للمرأة دورها على كافة المستويات, إلا أنه لابد أن يكون هذا الدور نابعا من شخصيتها وقدرتها, وليس نابعا من ضغوط تمارس عليها من وسائل الإعلام, فليس بخروج المرأة للعمل تتحقق المساواة, وإنما تتحقق المساواة حينما تشعر المرأة أن ما تفعله يشبع رغباتها فى الحياة, وينعش آمالها فى الغد الأفضل. فهل المرأة اليوم تشعر بالسعادة وهى تخرج للعمل فتجد نفسها وقد انحشرت فى وسائل المواصلات؟ وهل تشعر بالسعادة وهى ترى أن مرتبها الذى تستلمه آخر كل شهر لا يكفيها رغم ما تتكبده من مشقة فى سبيل الحصول عليه؟ وفى تقديرى أن الموضوع يجب أن يخضع للفطرة التى فطرنا الله عليها, وهى أقرب إلى تقسيم الأدوار والتكامل بين الرجل والمرأة, ويجب أن يُنظر إلى الأمر من هذه الزاوية, وليس من زاوية أن الرجل يتجبر على المرأة بعمله وإنفاقه على المنزل, فإذا كان الرجل ينفق المال, فإن المرأة تنفق الجهد والمشقة فى تنظيم البيت, وفى تربية الأولاد, وهو شىء ليس بالقليل, بل هو عماد نجاح أى أسرة, فالمال من السهل اكتسابه, لكن التنشئة الصالحة لا يمكن أن تشترى بالمال. وإذا تحدثنا عن الفطرة سنتحدث طويلا, فهل من الممكن أن نرى رجلا ينجح فى تنظيم بيته؟ أو نراه يستطيع عمل ميزانية الإنفاق على الأسرة؟ بالطبع لا, وأغلب الأسر تتولى فيها الزوجة هذه المسألة, فهى الأقدر على معرفة متطلبات المنزل, وأوجه الصرف وأولوياته, وإذا تولى الرجل هذه المسألة لعدة أشهر لوجدنا تراجع واضحا. ألم أقل أن العلاقة تكاملية وليست تنافسية. المرأة بفطرتها تميل إلى أمور معينة, وإذا أسندت إليها هذه الأمور فإنها تنجح فيها أكبر نجاح, ولنضرب مثلا على ذلك, فالمرأة فى مجال التعليم, وبالذات فى التعليم الابتدائى, هى النجم اللامع, وكلنا تعلمنا فى هذه المرحلة على أيدى معلمات كان لهن الأثر الكبير فى التنشئة الصحيحة, وفى مجالات أخرى من مجالات العمل يكون نجاح هذا العمل أكبر حينما تتولاه المرأة, لأنها بفطرتها تميل إلى هذا المجال, ولذلك تبدع فيه وتنجح. لكننا إذا تخيلنا أن مجرد نجاح المرأة فى مجال معين معناه النجاح فى كافة المجالات, فهذا هو الخطأ بعينه, لأننا نكون بذلك قد ظلمناها, فلابد أن يكون للمرأة المجال الذى يحفظ أنوثتها ورقتها, والذى يجعل منها قادرة على النجاح, وفى نفس الوقت يتوافق مع مهمتها الأولى فى رعاية بيتها. وأعتقد أن بحث سبل النهوض بالمرأة, من خلال النهوض بالمجتمع ككل, هى التى تجلب السعادة الحقيقية للمرأة, وكم كنت أتمنى أن يكون بين أيدينا إحصائية عن المرأة العاملة, وسؤالها عن مدى توافق العمل معها, وعن مدى رغبتها فى الاستمرار فى هذا العمل, فى حالة إذا ما توفر لزوجها العمل الجيد والكسب الذى يحفظ للأسرة حياة كريمة. فمعظم عمل المرأة فى وقتنا الراهن أصبح ضرورة لمساندة الزوج فى تحمل مشاق الحياة, ولتوفير حياة كريمة للأولاد, فإذا ما توفر ذلك عن طريق الزوج, ففى تقديرى أن المرأة ستفضل أن تظل فى بيتها, لتدير المهمة الأخطر فى تربية الأولاد, وفى الحفاظ على كيان الأسرة. وبنظرة سريعة إلى حال المرأة العاملة فى الوقت الراهن نرى أن ضغوط الحياة لا تؤهل المرأة أساسا للنجاح فى عملها, فهى تخرج إلى عملها فى الصباح لتلاقى المشقة فى المواصلات العامة, ثم تصل إلى عملها فتمارس هذا العمل فى جو من البيروقراطية لا يسمح بنجاح أى جهد يمكن أن تقوم به, ناهيك عن انشغال عقلها وفؤادها بأولادها الموجودون ما بين المدرسة والحضانة, ثم تعود إلى بيتها لتنشغل بأعباء منزلية لا حصر لها, وفى نهاية اليوم نجد أن المحصلة لا شىء, لا هى نجحت فى عملها, ولا هى أدارت بيتها بالطريقة التى تسعدها هى نفسها. وربما كان هذا سر نجاح الرجل فى عمله, فهو حين يخرج إلى عمله لا يشغل عقله إلا عمله, لأنه ترك مسئولية البيت والأولاد لزوجة ترعى ذلك, وحين يعود لبيته لا تكون عليه أعباء يجب القيام بها. وهنا يبرز بشدة الدور التكاملى بين الرجل والمرأة, فلكل منهما دور يقوم به, ولا يقلل أى منهما الآخر, وكل من الرجل والمرأة يحتاج للآخر بنفس القدر, بل لا أكون متطرفا حينما أقول أن احتياج الرجل للمرأة فى حياته أكبر من احتياج المرأة للرجل فى حياتها, فالرجل كائن يحتاج بشدة أن تكون بجواره امرأة ترعى أحواله وتنظم له معيشته, وقليل من الرجال من يستطيع أن يعيش بدون زوجة أو أسرة, وعلى العكس منه المرأة, فهى تستطيع أن تنظم نفسها وبيتها, وتستطيع أن تعيش وحدها بدون زوج أو أسرة لو توفر لها الجانب المادى من متطلبات الحياة, ولذلك فاحتياج الرجل والمرأة لبعضهما البعض احتياج نوعى, يتكاملان فيه, وهذه هى روعة العلاقة بين الرجل والمرأة, وهذا هو سر تكوين الأسرة. خلاصة القول أن الدعوة إلى المساواة بين الرجل والمرأة لا ينبغى أن يكون معناها خروج المرأة إلى العمل, فليس هذا هو ما يحقق المساواة, فالمساواة الحقيقية هى فى الاعتراف المجتمعى بأن دور المرأة فى بيتها أساسى ومحورى لنجاح المجتمع بأسره, وأن وجودها فى بيتها ليس معناه عدم مقدرتها على العمل كالرجل, ولكنه نوع من تقسيم الأدوار لنجاح الحياة, وأن وجود المرأة فى بيتها هو تكريم لها وصون لكرامتها وكيانها من مشاق العمل, وهذا بالتأكيد لا ينفى حقها فى العمل متى أرادت ذلك, ومتى كان عملها أفيد للمجتمع. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة