هل تتزوج لطيفة في 2026؟.. توقعات «بسنت يوسف» تثير الجدل    رفع حالة الطوارئ بالسويس تزامنًا مع انقطاع المياه 12 ساعة    مكتب الرئاسة التايواني: المناورات الصينية تمثل تحديا للقانون والنظام الدوليين    عمرو يوسف يكشف تفاصيل صداقته القوية ب عمرو دياب    بإطلالة شعبية مفاجئة.. درة تخطف الأنظار بكواليس «علي كلاي» في رمضان 2026    كوريا الشمالية تجري تجربة إطلاق صاروخ كروز بعيد المدى    هبوط حاد لأسعار الذهب عالميًا.. وخسائر الأوقية تتجاوز 30 دولارًا    بالرقص والهتاف.. احتفالات واسعة في طهطا عقب إعلان فرز اللجان الانتخابية    الحوثى: أى وجود إسرائيلى فيما يعرف بإقليم أرض الصومال سيكون هدفا عسكريا لنا    مصرع وإصابة 111 شخصا بسبب انحراف قطار عن القضبان في المكسيك    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    نتيجة الحصر العددى للأصوات بالدائرة الثامنة دار السلام سوهاج    شديد البرودة وشبورة كثيفة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين 29 ديسمبر    الدفاع الروسية تعلن إسقاط 21 مسيرة أوكرانية خلال ثلاث ساعات    كشف ملابسات تعليق بشأن سرقة دراجة نارية لطفل بدمياط    حسام حسن يستقر على رباعي دفاع منتخب مصر أمام أنجولا    اليوم، الاجتماع الأخير للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بعد انتهاء مهامها    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    فوضى السوشيال ميديا    البوصلة والربان!    الفرق بين الحزم والقسوة في التعامل مع الأبناء    طفرة غير مسبوقة بالمنيا.. استرداد 24 ألف فدان وإيرادات التقنين تقفز ل2 مليار جنيه    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    متحدث الوزراء: الدولة لن تستبعد أي أسرة من منظومة الدعم بسبب عدد أفرادها    النيابة الإدارية تنعى مستشارة لقيت مصرعها أثناء عودتها من الإشراف على الانتخابات    هدى رمزي تتحدث عن علاقة الشيخ الشعراوي بارتدائها الحجاب    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    ترامب: أوكرانيا وروسيا تقتربان من اتفاق بشأن إقليم دونباس    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    منير فخري عبد النور: ضعف المشاركة أبرز سلبيات المشهد الانتخابي الأخير لمجلس النواب    محافظ البحيرة: تطوير مدينة رشيد لتحويلها إلى وجهة سياحية عالمية    BeOn تحصل على استثمار استراتيجي بالدولار لدعم التوسع الإقليمي وتطوير حلول CRM الذكية    الداخلية السورية: احتجاجات الساحل نتيجة دعوات انفصالية    وزير الإسكان: تم وجارٍ تنفيذ نحو مليون و960 ألف وحدة سكنية متنوعة    اشتعال المنافسة، كوت ديفوار والكاميرون يكتفيان بالتعادل الإيجابي في أمم أفريقيا 2025    على رأسهم مصر.. 3 منتخبات حسمت تأهلها رسميا بعد الجولة الثانية لمجموعات أمم أفريقيا 2025    أمم إفريقيا – تعرف على جميع مواعيد مباريات الجولة الثالثة    حسم التأهل مبكرًا.. مصر ونيجيريا والجزائر إلى دور ال16 من أمم أفريقيا 2025    درة بإطلالة شعبية من كواليس "علي كلاي"    شحتة كاريكا يكشف مفاجأة عن الراحل أحمد دقدق: أوصى بحذف أغانيه    طاهر أبو زيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    كأس عاصمة مصر - أحمد عبد الله يدير لقاء الأهلي ضد المقاولون العرب تحكيميا    الجزائر يتصدر المجموعة الخامسة ب6 نقاط ليحسم تأهله رسميا لدور 16 بأمم أفريقيا    مصرع طفلين في تصادم بالفرافرة    رئيس مصلحة الجمارك: نعمل على بناء منظومة جمركية متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي    محافظ الفيوم يتابع غلق لجان التصويت في اليوم الثاني لانتخابات النواب بالدائرتين الأولى والرابعة    الصحة تكشف أبرز خدمات مركز طب الأسنان التخصصي بزهراء مدينة نصر    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    الصحة تغلق "مصحة المريوطية" وتحيل القائمين عليها للنيابة    محمود حميدة: طارق النبراوي يفهم معنى العمل العربي المشترك وقادر على رسم المستقبل    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدي أحمد حسين يكتب : تغضبون للرسول وتتعاونون مع أعدائه ؟!
نشر في الشعب يوم 15 - 09 - 2012

أوباما لم يخرج الفيلم .. ولكنه ينفذ فيلما واقعيا لقتل المسلمين كل يوم
الاسلاميون الذين سارعوا لإدانة اغتيال السفير الأمريكى لم يدينوا قتل أمريكا للمسلمين
نطالب الرئيس مرسى بالالتزام بالضوابط الشرعية للسياسة الخارجية
لا الاستثمار الاجنبى ولا الصندوق سيحلان مشكلات مصر .. ولكن بالخطة الوطنية للتنمية المستقلة
حل مشكلات 1570 مصنعا متعثرا وتفعيل المجلس الأعلى للبحث العلمى أولوية قصوى
الأحداث متلاحقة ولايمكن فى صحيفة سيارة أن تلتزم بخطة وضعتها فى رأسك لكتابة سلسلة من المقالات حول موضوع محدد ( استراتيجية التنمية المستقلة ) والمهم أن نخبة من العلماء والأساتذة يتابعون ذلك فى لقاء عمل أسبوعى بحزب العمل ( تابع الحلقة الثانية فى هذا العدد) . فقضية التنمية المستقلة هى القضية المحورية الآن وهى التحدى الأكبر لحكم مرسى ، وإن شئت حكم الاخوان المسلمين . ولذلك فحتى الأحداث المتلاحقة التى يتعين التعليق عليها ستجدها تصب فى هذا الموضوع الأصلى . وأبرز أحداث الأسبوع الماضى بلا جدال : واقعة الإساءة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بهذا الفيلم الحقير والذى ثبت أن مخرجه يهودى اسرائيلى وأن إخراج الفيلم تم بالتعاون مع القس الأمريكى الذى تخصص فى حرق القرآن الكريم كل عام. والحكومة الأمريكية تقول إنه لاعلاقة لها بالموضوع ، وتحدث الاعلام الأمريكى عن حرية التعبير. وكأنه لايوجد فى القوانين الأمريكية مايجرم سب مليار ونصف مليار مسلم فى العالم !! ويعلم الأمريكيون أن حرية التعبير حتى فى بلادهم ليست بلا ضوابط . وأخيرا على سبيل المثال تم إيقاف الكاتب الكبير فريد زكريا عن الكتابة فى إحدى كبريات الصحف الأمريكية وتم منعه من الظهور فى برنامج تلفزيونى لفترة محددة لارتكابه خطأ مهنى كما يزعمون .وإذا لم يكن فى القوانين الأمريكية ما ينص على معاقبة من يسب مليار ونصف مليارمسلم ، فإن من حقنا أن نطالب بذلك إذا كانوا يريدون إقامة أى نوع من العلاقات معنا .
المهم إن مايحدث الآن قرره القرآن الكريم من فوق سبع سموات وتنزل على محمد صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 14 قرنا : ( كيف وإن يظهروا عليكم لايرقبوا فيكم إلا ولاذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون ) التوبة 8
نعم إن سيطروا على بلد مسلم استباحوا فيه النساء والأطفال والشيوخ قبل المقاتلين حتى يقللوا من خسائرهم ويضغطوا على المقاتلين الوطنيين بخسائر المدنيين وعذاباتهم . حدث هذا فى غزة وعموم فلسطين وحدث فى العراق وافغانستان وباكستان ويحدث فى اليمن ، وهذه أحدث الأمثلة فحسب . يرضونكم بأفواههم ( تصريحات وزارة الخارجية الأمريكية وأوباما ) وتأبى قلوبهم والفيلم المسيىء يعبر عما فى قلوب التيار المسيحى الصهيونى المسيطر على المجتمع الأمريكى منذ تأسيس الولايات المتحدة . يتحدث القرآن عن مجاملة المشركين للمؤمنين باللسان وإخفاء الكراهية فى القلوب ، ولكنهم لايستطيعون الكتمان على طول الخط فينفجر مكنون قلوبهم بالموقف الحقيقى ولكن تتواصل محاولة التخفيف خوفا من رد الفعل ( قد بدت البغضاء من أفواههم وماتخفى صدورهم أكبر ) آل عمران 118
لذلك يظل الجهر بالعداء للمؤمنين يفرض نفسه عليهم ( إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون ) الممتحنة 2
ولاتعارض بين هذه المواقف الثلاثة : العداء الاعلامى المكشوف – إظهار جزء من العداء وكتمان الجزء الأكبر فى الصدور – الإرضاء الاعلامى الكامل دون ربط ذلك بالأفعال ! فأعداء الاسلام يتفرقون بين هذه المواقف الثلاثة حسب الظروف والملابسات ، أوتوازن القوى ، أوبغرض الخداع والمناورة والاختراق أو بسبب تقسيم الأدوار بينهم. ولكنهم جميعا حاقدون على الاسلام رافضون له ويشعرون أنه البديل الحضارى لحضارتهم المادية . ونحن نتحدث هنا عن النخبة الحاكمة الأمريكية وهى أوسع بكثير من الحكومة الأمريكية ، ولا نتحدث عن عموم الشعب الأمريكى .
المسيحية الصهيونية هى الطائفة الحاكمة فى أمريكا ويتراوح مريدوها بين 80 إلى 120 مليون أمريكى وهى من الفرق البروتستانتية ، وهى بمنتهى الاختصار امتداد لفئة البيوريتان التى هاجرت من بريطانيا إلى أمريكا وأسست المجتمع الأمريكى ومن أبرز معتقداتها أنها تتمسك بالتوراة أكثر من الانجيل ، وتفسر الانجيل بالتوراة ، وتؤمن بضرورة عودة اليهود لفلسطين كضرورة لعودة المسيح ، أى أن الصهيونية المسيحية سبقت الصهيونية اليهودية بعدة قرون!! ( راجع كتابى : أمريكا طاغوت العصر ).
والمواقف الثلاثة كالتالى : الأول أوباما ووزارة الخارجية الامريكية كلامهم مثل العسل ويقطرون حبا للاسلام والمسلمين ( الإرضاء الاعلامى الكامل ) ولكنهم لايربطون أفعالهم بهذه الأقوال وقد وصفهم القرآن بأنهم ( لايرقبون فى مؤمن إلا ولا ذمة ). فإدارة أوباما أكثر من استخدم الطائرات بدون طيار لقتل المسلمين ، فيوميا يقتل العشرات فى أفغانستان وباكستان واليمن والصومال ، والآن تهدد باستخدامها ضد ليبيا ، واسرائيل استخدمتها مرة واحدة مؤخرا لقتل مصرى فى سيناء! وأقول لقادة الأحزاب الاسلامية فى مصر وخارج مصر ، ألم تسمعوا عن هذه الغارات ، ولماذا لم تدينوها بكلمة ، وهل قتل المسلمين بالطائرات بدون طيار مسألة مقبولة شرعا ولا تثير أى حفيظة كقتلهم بالإف 16 مثلا أو صواريخ كروز. ولماذا تشمرون عن سواعد الجد الآن لإدانة مقتل السفير الأمريكى فى ليبيا ، رغم أن قتله كان انتقاما لمقتل الليبى فى أفغانستان أو باكستان بطائرات أمريكية بدون طيار.
الثانى : الذى يهاجم الاسلام دون أن يذهب فى عدائه إلى آخر المدى ، وهذا يمكن أن نجد أمثلة كثيرة منه فى الاعلام الأمريكى وبعض المسئولين الذين تفلت منهم تصريحات جارحة مثل المرشح الجمهورى رومنى وبعض المسئولين فى عهد بوش الصغير ، لأن الحزب الجمهورى أكثر إرتباطا بالمسيحية الصهيونية ، ولكنها تظل مظلة للحزبين الحاكمين.
الثالث : الذى يهاجم الاسلام بضرواة وعلى طول الخط فيمثله هذا المخرج الحقير والقسيس جونز وكبار قساوسة التيار المسيحى الصهيونى .وهذا هو التيار الفكرى الحاكم فى أمريكا الذى يخرج منه قادة أمريكا عموما وليس الرؤساء فحسب . وهويركز على محاربة الاسلام لا الارهاب ، ومحاربة القرآن والرسول عليه الصلاة والسلام ، باعتبار الاسلام هو دين شرير ودين الارهاب ( راجع التفاصيل فى ص2 وص3) .
التعاون مع أعداء الرسول !!
السب والوقاحة والتقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمر جسيم فى حد ذاته ولا يغتفر ولايساوم عليه . ولكن إذا تم فصله عن مجمل العداء للاسلام والمسلمين نكون قد انتزعنا جزءا من آيات الله المشار إليها آنفا دون باقى الأجزاء المكملة لها . فالمشكلة الأصلية أننا نواجه من أمريكا والصهيونية العدواة وهم المبادرون لها . فنحن لم نحتل أرضهم ولكنهم احتلوا فلسطين ثم توسعوا فى مصر ولبنان وسوريا ، وهم الذين احتلوا العراق وأفغانستان ويضربون المسلمين فى أى مكان بالطائرات إياها ( بدون طيار). ومن المثير أن نذكر أن أول بلد تحتله أمريكا خارج نطاق الأمريكاتين كان بلدا اسلاميا : الفلبين .
أقول للاخوان المسلمين إن تحويل واقعة هذا الفيلم الفاحش إلى واقعة فردية معزولة وتبرئة الحكومة الأمريكية من المسئولية عن وقف مثل هذه الممارسات المتكررة ضد الاسلام والمسلمين ، حتى فى هذه النقطة وحدها ( الاساءة للرسول ) ولنتذكر كيف قامت سلسلة من الصحف الغربية بنشر الكاريكاتير المسيىء للرسول كنوع من التضامن مع الصحيفة الدنماركية . نحن أمام وقائع مستمرة ولكن مايصل إلينا هو أقل القليل .
ولكن الموضوع أكبر من ذلك .. إنه يطرح موقفنا من العالم ، وعلاقتنا به . وقد حدده القرآن ( يا أيها الذين امنوا لاتتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ماعنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وماتخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الأيات إن كنتم تعقلون ) آل عمران 118.
فى عهد المخلوع نشف ريقنا لنقول له إن أمريكا لاتريد بنا خيرا ، لابد أن نعتمد على أنفسنا لبناء البلد ، ولا نسعى إزاء أى مشكلة للغرب نطلب معونة أو استشارة . الآية 118 من سورة آل عمران تتحدث عن صندوق النقد الدولى ، الاستعانة ببطانة من دون المؤمنين للتشاور والبحث والدراسة واتخاذ القرار بالنسبة للاقتصاد المصرى ، بينما هم لا يريدون لنا الخير . ومع الأسف فى عهد الاخوان المسلمين نقول نفس الكلام . كيف يسبون هم الرسول ، وتقولون لاحل لمشكلاتنا الاقتصادية إلا معهم ؟ أليس فى هذا هدم لأساس العقيدة ، بل لأساس النظرة الواقعية . ولاتعارض فى رأينا بين الواقع والعقيدة على عكس مايروج بعض الاسلاميين ، لأن معنى ذلك أن العقيدة مثالية لا مجال لتطبيقها فى السياسة !! والواقع هنا يقول إن أمريكا لن تعطيك إلا الماكدونالد والكولا وما أشبه . وستتوسع فى منتجات المياه الغازية ، ثم فى الانتاج البترولى لتأخذه لنفسها ، وهكذا . وبالتالى فإن الاعتماد على الاستثمارات الغربية والأمريكية لن يقيل الاقتصاد المصرى من عثرته ، وأقصى مايمكن أن يحققه هو قليل من الانتعاش فى ظل علاقات التبعية والسيطرة على المارد المصرى ومنعه من الانطلاق فى عالم البحث العلمى والتكنولوجيا الفائقة . لاتضيعوا سنوات من عمر البلاد حتى تكتشفوا أن الآية 118 ومثيلاتها فى نفس الموضوع تقدم قوانينا وسننا للتنمية ، وليست كلاما عابرا جميلا. وأنتم تتلون الكتاب بينما المخلوع لم يكن يقرأه .
الضوابط الشرعية للسياسة الخارجية
نؤكد فى البداية أننا لانرفض العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الغرب بصورة مطلقة ، ولكن هناك ضوابط شرعية لذلك . فقد نهانا الله عن الصداقة والتعاون مع الذين يناصبوننا العداء فى آية محكمة : ( إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ) الممتحنة 9
الحكومة الأمريكية تحاربنا الآن وتقتل المسلمين بصورة مباشرة بآلة حربها فى 4 بلاد على الأقل ، وتساعد اسرائيل التى تواصل قتل الفلسطينيين فى غزة والضفة . والحلف الصهيونى الأمريكى اخرج المسلمين من ديارهم ليس فى فلسطين فحسب وإن كان ذلك الطرد الأكبر من الديار ولكن أمريكا مسئولة عن تهجير ملايين المسلمين من ديارهم فى أفغانستان وباكستان والصومال والعراق واليمن . وتظاهر أمريكا اسرائيل فى كل جرائمها الاستيطانية فى فلسطين ومجازرها فى غزة . وكان يمكن تخفيف القيود على العلاقات مع أمريكا على أساس انسحابها من العراق ، وإن لم يكن ذلك تفضلا بل على سبيل الهزيمة ، وأيضا على أساس إعلان الانسحاب القريب من أفغانستان ، وبناء على كبح جماح اسرائيل فى ارتكاب الجرائم ضد غزة والضفة ، ولكن دون وقفها تماما . ولكن التوسع فى الاغتيال بالطائرات يعود ليضع عقبات على أى علاقات خاصة مع أمريكا . وقد قلنا لمبارك إن العلاقات الاسترتيجية مع أمريكا فى ظل هذه الظروف حرام شرعا ، ومن الطبيعى أن نقول للدكتور مرسى حافظ القرآن نفس القول : إنه حرام شرعا !
لقد استمعت بنفسى لخيرت الشاطر يصرح لفضائية قائلا : إن علاقتنا مع الولايات المتحدة علاقات استراتيجية ، لأنها هى التى ستقدمنا للعالم . واعتبرنا مثل هذا الكلام على سبيل المناورة . ولكن المجال يضيق الآن عن الأخذ بتفسير المناورة ، ولكننا سننتظر قليلا دون تصعيد ونحن نتمنى أن نكون على صواب : إن الاخوان يناورون مع الغرب لحين تثبيت أقدامهم ، لإقامة مشروع النهضة الاستقلالى ، وليس لتثبيت أنفسهم وجماعتهم. ولكن حتى إن كنتم تناورون فإننا غير ملزمين بهذه المناورة المفترضة ، كما أن إبرازنا للموقف الشرعى الصحيح يساعدكم إن كنتم بالفعل تناورون !
ونعود للتعاون الاقتصادى مع العالم الخارجى . وفقا لضوابط الشرع فإن أصل العلاقات الخارجية هى مع العرب والمسلمين كدائرة أولى إجبارية ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) ثم كل الأمم الشرقية والغربية التى لم ترسل قوات لاحتلال بلاد المسلمين ، وتشريدهم من ديارهم ، أو المعاونة على ذلك : وسنجد عشرات من الأمم فى كل قارات الأرض تدخل فى هذا الإطار . وتبقى الدائرة الثالثة والأخيرة وهى دائرة المحاربين . وحتى مع هؤلاء يمكن التعامل معهم بالقطعة تحت بند المستأمنين ، أى مواطنى الدول المحاربة الذين يؤمن جانبهم . ولابد من تشجيع الدول الغربية على الانسحاب من أفغانستان والابتعاد عن اسرائيل لرفع مستوى العلاقات معها .
لابد من ملاحظة أن انخفاض وتيرة الحروب فى السنوات القليلة الماضية يرجع أساسا لنجاح مقاومتنا فى فلسطين والعراق ولبنان وافغانستان فى صد العدوان أو تكبيده خسائر فادحة ، ولابد أن يلاحظ المعتدون أن علاقتنا تتحسن معهم بقدر توقفهم أو تراجعهم عن العدوان حتى وإن كان بسبب صمودنا . ولقد جاءوا بأوباما كستار لتحقيق بعض الانسحابات خاصة فى العراق. وإذا فاز رومنى فسيكون ذلك إيذانا بالعودة إلى التصعيد من جديد. ولكن فى تقديرنا أن الولايات المتحدة ستظل تعيش مرحلة الهبوط وستكون غير قادرة على اجتياحات مسلحة واسعة النطاق فى البلاد العربية والاسلامية ، لأنها اختبرت فاعلية المقاومة الشعبية المسلحة فى بلادنا.
إن الانتفاضة التى شهدها العالم الاسلامى خلال الأيام الماضية نصرة لرسول الله ، انتفاضة تخلع القلوب ، فلم يحدث أن السفارات الأمريكية قد اقتحمت بكل هذا الكم من الاقتحامات فى يوم واحد ( أقصد يوم الجمعة الماضى ) . إنه بركان الغضب الذى انفجر ليس بسبب الفيلم وحده ولكن لكل تراكمات الظلم الأمريكى .
لكن أولويات مرسى والاخوان غير واضحة حتى الآن : إنهم يحاولون استرضاء أمريكا والاعتذار لها وتبرئة الأمريكان من جريمة الفيلم ، وكأن مشكلتنا مع النظام الأمريكى متعلقة بالأفلام . فلم يعد لنا مشكلة معها فى الأقصى والقدس واختراق البلدان العربية والاسلامية للسيطرة عليها من الداخل . كأن أمريكا غير مسئولة عن جرائم المخلوع فى حق مصر والشعب المصرى ، وعن الأمراض التى فتكت بالشعب ، ومنع مصر عن التقدم التكنولوجى والقوة بل وحتى عن حقها فى الاكتفاء بالغذاء . وإذا كان مشروع خيرت الشاطر ( الذى كان اسمه مشروع النهضة ) سيعتمد على التعاون مع أمريكا ، فسيكون فى ذلك مضيعة للوقت ، لأننا جربنا هذا الخيار واكتوينا به أكثر من 30 سنة .
وبعد الضوابط الشرعية المشار إليها فى العلاقات الدولية ، فإن اللجوء للاستثمار الأجنبى لايصلح كحل لتحقيق قفزات تنموية محددة ، فهذه لاتتحقق إلا بالاعتماد على سواعدنا وفقا لخطة وطنية ثم تستدعى الاستثمار الجنبى ليسد هذه الثغرة أو تلك فى الخطة إما لنقص فى التمويل أو الخبرة . ولكن مسألة الترحيب العام بالاستثمار العربى أو الأجنبى فى أى مجال تحت شعار الحركة بركة ، فهذا هو المنهج الاقتصادى الفاشل فى عهدى السادات ومبارك . سيفيد جزئيا ، سيوفر بعض فرص العمالة سيحدث بعض الانتعاش الاقتصادى المؤقت ، ولكنه سينهار سريعا . لأن القفزات التنموية تعتمد على مجموعة مترابطة من المشروعات التى ترفع المستوى الاقتصادى العام إلى نقطة أعلى . ولايمكن الاطمئنان إلى ذلك حتى الآن . فالرئيس مرسى على كثرة اجتماعاته لم يعقد أهم اجتماعات . ولم يشكل أهم تشكيلات . لم يشكل مجموعة لوضع خطة التنمية لفترة محددة ولتكن خمسية أو رباعية ، على أن يكون الصناعيون فى قلب هذه اللجنة العليا للتنمية . نعم لقد عقد لقاء مع مجموعة من رجال الأعمال ربما غلب عليهم العاملون فى التجارة والصناعة الخفيفة . المطلوب لقاء مع الصناعيين وحدهم لحل مشكلات الصناعة الملحة ، ثم تمثيل اتحاد الصناعات فى اللجنة العليا للتنمية . بعد 19 شهرا من الثورة لاتزال مؤشرات الصناعة مفزعة : 1570 مصنعا متوقفا أو متعثرا ( تصريح لوزير الصناعة ) . برنامج مرسى الانتخابى لا يوجد به رؤية استراتيجية للصناعة ، بل ورد ذكرها عرضا ضمن أنشطة القطاع الخاص ! حتى عندما تحدث عن التنمية القطاعية لم يعتبر الصناعة قطاعا. ولكنه تذكرها فى المحليات وذكر عناوين مشروعات صناعية فى المحافظات . ليس هذا هو المهم الآن . المهم هل الرئيس مرسى والاخوان يدركون أن الصناعة هى قاطرة التقدم والتنمية ولحل مختلف مشكلات مصر أم لا ؟ وإذا كان ذلك كذلك فيجب أن نعتمد على سواعدنا أولا ، ثم تأتى المساعدات والمعاونات الخارجية تالية ومكملة ومساعدة . لأنه لاتوجد دولة صناعية فى العالم ستعطيك سر صنعتها كى تستغنى عنها !!
وهذا ينقلنا إلى الاجتماع الثانى الذى لم يعقده د. مرسى حتى الآن ، وهو الاجتماع مع كبار العلماء والباحثين لوضع الخطوط العريضة لخطة البحث العلمى ، وتأسيس المجلس الأعلى للبحث العلمى ، وقد علمت أن هذا المجلس موجود ويرأسه رئيس الوزراء ولكنه لايجتمع !! والمطلوب الآن تفعيله وإعادة النظر فى تركيبته ، لتضمن التمثيل المتوازن لكل القطاعات البحثية لأنها لايمكن أن تظل تعمل كجزر معزولة ، بل يتعين أن تعمل كوحدات متكاملة ، ووفقا للخطة الخمسية المقرة فى اللجنة العليا للتنمية .
كذلك اكتشفت مؤخرا وجود مجلس أعلى لتنمية سيناء برئاسة وزير الكهرباء السابق ( يونس ) تم تأسيسه فى يناير الماضى ولكن يبدو أنه يعمل سرا تحت الأرض ، أو بالأحرى لايفعل شيئا . علمت ذلك خلال لقاء مع رئيس مجلس الشورى د. أحمد فهمى ومجموعة من القيادات السياسية ، وطالبت برئاسة مختلفة وروح جديدة ، ولكن لم نسمع عن تشكيل جديد ولا تنشيط للقديم . ثم سمعنا عن تخصيص مليار جنيه لمشروعات سيناء ، وهذا شىء مذهل . فهذا رقم تافه يصلح لبعض الاسعافات . فهل أصبحت الخطط الجادة حلما بعيد المنال . وبطبيعة الحال لايمكن أن يعمل مجلس لتنمية سيناء بدون خطة أشمل لمجلس تنمية مصر . وإذا كان مرسى يراهن على حركة السوق والاقتصاد الحر ، وإذا كانت هذه فكرة الاخوان عن التنمية فنحن أمام خطر داهم . فكل التجارب التنموية الناجحة قامت على تدخل كثيف للدولة لتوجيه الموارد وتحقيق حد أدنى من العدالة الاجتماعية ، وهذا يتطلب خطة تنموية مركزية حتى فى إطار الاعتماد الكبير على القطاع الخاص ، لأنه يتعين مشاركة القطاع الخاص فى هذا المجلس الأعلى للتنمية ، سيشارك فى التخطيط وسيضمن بذلك أرباحه ولكن فى إطار الأولويات المتفق عليها لمصلحة الوطن . وإذا درستم تجارب النمور الآسيوية وغيرها ستجدون أن المشاركة الكثيفة للدولة فى التنمية ومن خلال التخطيط كانت قاسما مشتركا لهذه التجارب جميعا.
نحن نريد لتجربة مرسى والاخوان أن تنجح لأن البلد لايتحمل بسهولة تجربة فشل جديد ، لذلك نحن مخلصين فى النصيحة ، ومن ضمن الاخلاص فى النصيحة عدم التهاون مع الهفوات ولا مع الأخطاء الكبرى .
ونسأل الله العلى القدير أن يوفقنا إلى مايحبه ويرضاه .
[email protected]

الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.