شهد اجتماع اللجنة المشتركة من لجان العلاقات الخارجية والشئون العربية والدفاع والأمن القومي الذي رأسه أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب أثناء مناقشة قضية قتل الأسرى المصريين هجومًا حادًّا من قبل النواب ضد السياسة الخارجية المصرية واتهموها بالتفريط في دماء هؤلاء الشهداء. ولم يقتصر الهجوم على نواب المعارضة حيث شنَّ نواب الأغلبية هجومًا، وحَمَلَت اتهاماتهم نوعًا من السخرية اللاذعة لوزارة الخارجية. وقال النواب الذين شاركوا في الاجتماع إننا نريد من بيانات الخارجية أن تحمل النخوة وليس الخنوع ولا نريد بياناتٍ تردِّد عبارات أننا نشعر بالقلق معلنين رفضَهم التبريراتِ التي تقدِّمها الخارجية حتى يفلت الصهاينة من العقوبة. وأكدوا أن تأخُّر الخارجية خمسين عامًا في الدفاع عن كرامة المصريين وصل بالأمر إلى إهانة وضرب الدبلوماسيين المصريين في الخارج وخروج مصر من مكان الريادة داخل المنطقة العربية وتسليم هذه الريادة إلى السعودية وقالوا إن الوزير حضر متوترًا إلى اللجنة خوفًا من المحاسبة والمساءلة البرلمانية. وأضاف حسين محمد إبراهيم- نائب رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان- أن الدولة تقطع علاقاتها لمجرد فيلم درامي، ونحن هنا شاهدنا قتل 250 جنديًّا مصريًّا وهم أحياء على أيدي الصهاينة ولم نفعل شيئًا!! . وقال إن قضية قتل الأسرى ليست جديدةً، ومع ذلك ما زلنا في طور البحث والتحرِّي عن وثائق، رغم أن الجرائم الصهيونية مستمرة منذ 50 عامًا. وأضاف في سخريةٍ: علينا أن ننتظر ردود كافة الجهات المعنية على وزارة الخارجية ومدّها بالوثائق والمستندات، وللأسف لا يوجد شيءٌ اسمه محاسبة الكيان الصهيوني . وتساءل: ماذا فعلنا عندما تهكَّم السفير الصهيوني على مجلس الشعب المصري وقسَّمه إلى فئتين منها فئة وصفها بالموتورة؟! ورغم ذلك لم نفعل شيئًا إزاء تلك الإهانة التي مسَّت نواب الشعب والمجلس، ولقد طالبنا تحت القبة بسحب السفير المصري وطرد السفير الصهيوني من على أرض مصر، وهي طلبات دعا إليها الكثير من النواب، ومع ذلك لم تفعل الحكومة شيئًا. فيما وصف النائب الإخواني د. حمدي زهران ردَّ فعل الحكومة إزاء هذه الجريمة بالضعيف جدًّا، وأنه لم يحقق آمال الشعب المصري في الثأر لأولادنا الشهداء، وكان يجب أن نشنَّ حملةً إعلاميةً داخليةً وخارجيةً مثل ما تقوم به إسرائيل، وتساءل زهران: ماذا لو فشلت المحاولات القضائية؟ وماذا لو فشلنا أمام مجلس الأمن وأمام المحاكم الدولية في الحصول على حقوقنا وحقوق أُسَر الشهداء الذين قُتلوا؟! مؤكدًا أن الكيان الصهيوني لن يتوقف عن أعماله الإجرامية. وتساءل النائب د. حمدي حسن- المتحدث الإعلامي لنواب الإخوان- أين أوراق الضغط المصرية على الكيان الصهيوني ؟! وهل فقدت مصر أوراق اللعبة؟ وأين الدبلوماسية الرسمية المصرية في كسب تأييد عدد من الدول في هذه القضية؟ وأين الحكومة من مجلس الشعب الذي تستطيع من خلاله أن تُشعر العالم أن وراءها ضغطًا شعبيًّا كبيرًا متمثلاً في مجلس الشعب؟! كما تساءل النائب الإخواني د. إبراهيم الجعفري عن موقف وزارة الخارجية من هذه الجرائم التي ارتُكبت في حق الجنود المصريين الأسرى وقتلهم أحياءً؟ وما هو موقف الخارجية والإجراءات التي سوف تتخذها مع هذا العدو الذي بثَّ هذا الفيلم الوثائقي وعرض لفيلم آخر عن ضرب المفاعل النووي العراقي؟! موضحًا أن جرائم الصهاينة متعددة وعلينا أن نعلم ما حدث أثناء حرب 1973 أثناء الثغرة، وما قامت به من جرائم وحشية غرب قناة السويس، من قتلِ المدنيين بالبنادق والرشاشات، واقتحامهم للمنازل، وحرقها بمن فيها من أُسَر مصرية. وقال الجعفري إنه عقب وقف إطلاق النار أيضًا في حرب 1973 تم تدمير آلاف المنازل على أصحابها، مضيفًا: "يجب أن نأخذ مواقف سياسية متشددة.. إذا كان وزير الخارجية يبحث عن وثائق تدين إسرائيل فإن معي العديد من الوثائق التي تدين العربدة الصهيونية". وقال نائب الوطني د. خليفة رضوان إن الخارجية المصرية تأخرت خمسين عامًا في اتخاذ مواقف ضد إسرائيل، وقال- في سخرية-: إنني أُطمئن الشعب المصري أن الخارجية في طريقها لاتخاذ مواقف متشددة ضد الاحتلال الصهيوني خلال الخمسين عامًا القادمة، مؤكدًا أن الشعب المصري غير مقتنع بكافة المبرِّرات التي تسوقها الخارجية المصرية حول هذه القضية، مشيرًا إلى أنه كان يتمنَّى أن يرى ويشاهد موقفًا قويًّا على مستوى الدولة. وتساءل: ما قيمة حياتنا في ظل الخنوع وإهدار كرامتنا؟! وهل هناك شيء بعد انتهاك الكرامة؟! ماذا تبقَّى لمصر بعد أن تخلَّت عن دورها القيادي في المنطقة العربية وتركت القيادة للسعودية بعد أن انحصر الدور المصري في كيفية تسليم الأسير الصهيوني الموجود في فلسطين إلى الكيان الصهيوني ؟ أين دور مصر مع ما يحدث في الصومال؟ وحتى السودان لم يكن لمصر أي دور نهائي؟! مؤكدًا أن نواب الشعب سوف يدافعون عن جنودهم الشهداء الذين قُتلوا أحياء بعيدًا عن تلك الحكومة. وقد فاجأ النائب اللواء محمد عبد الفتاح عمر- وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي- الجميعَ بقوله: "ماتخافش يا وزير الخارجية، أنا لن أخرب العلاقات بين مصر وإسرائيل، رغم الإهانة التي أصابت الشعب المصري، ووصول الأمور إلى استدعاء الخارجية الإسرائيلية للسفير المصري وإبلاغه مش وقته تتكلموا في كلام فارغ وقول للخارجية المصرية بعد 25 عامًا من اتفاقية السلام بلادكم جاية تقول الكلام دا". وتساءل النائب- موجِّهًا حديثه إلى وزير الخارجية-: ماذا فعلتم منذ عام 1995م؟ وما هي نتائج التحقيق التي أُجريت خلال هذه الفترة؟ وقال النائب- في سخرية-: "أنت يا وزير الخارجية منتظر أن نجيب لك وثائق.. يا معالي وزير الخارجية الدم بالدم والثأر"!! فيما اتهم النائب الوفدي محمد عبد العليم الحكومةَ بتقديم العديد من التبريرات لإفلات إسرائيل من العقاب، وقال: للأسف عندما تقدَّمت بسؤال إلى وزارة التضامن الاجتماعي حول أعداد الأسرى المصريين الذين قُتلوا جاء ردُّها أنه لا يوجد لديها حصرٌ، وأكد أن حالة الهوان والضعف التي انتابت النظام المصري ترجع إلى قيام هذا النظام بوأد المعارضة والديمقراطية حتى أصبح هذا النظام لا يوجد له ظهر.