بعد غلق باب الترشح لرئاسة الجمهورية ظهرت كثير من الأمور التي أدت لظهور خلاف جوهري بين أبناء التيار السلفي على أولويات المرحلة من حيث: هل آن الأوان لظهور رئيس ذو توجه إسلامي أم أن المرحلة لا تقتضي ذلك ، وبعد التشاور بين العلماء والشيوخ والسياسيين الإسلاميين استقر الأمر على ضرورة اختيار مرشح إسلامي ، وذلك لأن هذه فرصة لا تتكرر ، ولكن كان هناك الخطأ الأكبر وهو عدم الاتفاق على مرشح معين يستطيعون من خلاله تطبيق النظرية الإسلامية المفقودة ، ويرجع ذلك لأسباب كثيرة أهمها أولا: ضيق الفترة منذ قيام الثورة وحتى اختيار الرئيس خاصة وأن الأحداث متلاحقة وتخللتها انتخابات مجلسي الشعب والشورى والهجوم الإعلامي الشرس على كل ما هو إسلامي حتى أنهم ادعوا أن الإسلاميين قد أخذوا السلطة ولم يحققوا للناس شيئا وهو كذب وخداع فما أخذ الإسلاميون السلطة ولا تحكموا في صنع القرار وكل ما حصلوا عليه هي سلطة واحدة وهي الرقابة والتشريع ، ولا يكون هناك حكم إلا إذا اجتمعت السلطات جميعاً لكي تؤدي ما عليها لدى المواطنين . ثانياً: عدم وجود شخص تتوافر فيه مقومات الرئيس القادم للمرحلة وهذه المقومات تختلف من مجتهد إلى آخر ، والكل يجتهد ولا جدال في أنهم جميعاً يتبعون الحق ويريدونه ، والكل يخشى أن يجتهد فيخطئ فيدمر المشروع الإسلامي بأكمله ، وخاصة أن الفرصة لن تتكرر في الوقت القريب ، وقد اجتهد بعض العلماء باختيار أحد الشيوخ الأفاضل ، واجتهد مجلس شوري العلماء فأصاب نفس الشخص ، وتبعهم كثير من طلبة العلم وأبناء التيار والدعوة السلفية ثم اجتهد مجلس إدارة الدعوة السلفية وقرر التوقف عن تأييد مرشح بعينه حتى يغلق باب الترشح لحين البحث والتروي ، وخاصة وأنهم يعملون كمؤسسة تبحث وتتشاور مع كل العلماء في كل القضايا وتجلس مع كل مرشح على حدة ، وقد أحصوا عدد الساعات لكل مرشح إسلامياً كان أو ليبرالياً ، وعرضوا كل القضايا على المرشح سواء كانت قضايا دولية أو قضايا داخلية ، وموقفه العام من قضية تطبيق الشريعة الإسلامية والحفاظ على الهوية الإسلامية ، وخرجوا جميعاً نتيجة واحدة وهي التريث لحين غلق باب الترشح وتحملوا كثيراً من الأذى في سبيل ذلك من أعز أبنائهم ، ومن لهم فضل عليهم ، ومع ذلك كان أمامهم الخيار الأسهل و هو أن يتخذوا قراراً متسرعاً ويستجيبوا لعاطفة الشباب ، والتي لنا منها درس عظيم في "غزوة أحد" مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن حكمة الشيوخ والتي تعلم الناس الصبر يجب أن تستثمر مع قوة الشباب لكي يتم صناعة الحدث إن الالتزام بالعمل المؤسسي الجماعي يفرض علينا الصبر وتحمل الأذى ، و أن يذوب البعض في الكل وليس هناك قرارا فرديا لأحد وإن أكثر ما تحملوا الأذى فيه ما ذكر من دفعهم وتأييدهم لمرشح الإخوان الرئيسي وهو ما تم نفيه قطعيا ، ونحن نثق في ذلك ونثق أنه عُرض عليهم مثله مثل أي مرشح من المرشحين الحاليين ، وهم مأجورون على ذلك ، لكن الأمر الذي سوف يقف التاريخ عنده أن التيار السلفي كله لم يجتمع على شخص واحد يُدفع به تنطبق عليه الشروط والمواصفات وإن لم تكتمل جميعاً ، لأنه ليس هناك بشر كامل إلا المصطفي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا أقصد مجلس إدارة الدعوة فقط بل كل من ينتمي إلى السلفية نشأة وتربية ، إن المرشحين الحاليين ليس فيهم سلفي واحد ليست له خلفية أو كان محسوبا على تيار آخر في يوم من الأيام وهذه هي المسئولية الواقعة على مجلس شورى العلماء والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح وجمعية أنصار السنة والجمعية الشرعية وجبهة علماء الأزهر . وعلى الأزهر نفسه وعلى بعض الشيوخ الذين اتخذوا خطاً منفرداً ولهم تلاميذ كان لابد أن يتم الاتفاق على عمل مشروع رئيس لا يختلف عليه أحد من أبناء التيار السلفي ، ولا ينتمي لتيار عليه أقوال أو له منهجية مختلفة عن المنهجية الشرعية والتي تعتمد بعض الأساليب السياسية حتى نوحد الصف السلفي الذي تجتمع عليه قلوب العامة لأن الورقة المؤثرة في الانتخابات هي ورقة العامة وهم الشعب المصري كله ، ولكن سبق السيف العزل لأنه أغلق الباب وفات الأمر . إننا لسنا ضد أي تيار آخر ولكن بما أن كل تيار يرغب في أن يكون له رئيس ليتحكم في صناعة القرار، فلابد للتيار السلفي أيضا أن يكون له ذلك ، أما أن نجلس فنتلمس هذا وذاك فهذا لن يجدي شيئاً ويضعف الصف السلفي بل ويفتت صوته ولا يصبح قوة مؤثرة لكي نكون قوة مؤثرة في المجتمع ويُسمع لنا صوت يجب أن تكون كلمتنا واحدة و رأينا واحد وإن اختلفنا لأنه لا ضمانة لنا عند أي رئيس قادم إلا بوحدتنا وأن تكون لنا قوة مؤثرة تحافظ على الدعوة والدعاة والعلماء ، والآن وجب علينا أن نستعد للمرحلة القادمة فيمن سنؤيد من أبناء التيار الإسلامي والذي سيحمل عبء المرحلة القادمة . سامح الله شيوخنا وعلماؤنا وساستنا الإسلاميين على هذه اللحظة التي من الممكن ألا تتكرر وخاصة بعد ترشح من له باع طويل في محاربة التيار الإسلامي والعودة بنا للنظام الظالم وصاحب ملفات تقسيم السودان وغزة . يا علماؤنا ومشايخنا الآن إن لم تتحدوا وتتوافقوا على مرشح واحد فإن الله سائلكم عن ذلك ونحن تبع لكم فأنتم من تحملون الأمانة وتبلغون عن رب العالمين والناس لا تثق إلا فيكم وبفتواكم نعمل ، فاللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا. E-mail:[email protected]