أمرت المحكمة العليا في باكستان رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني بالمثول أمامها بتهمة تحقير القضاء، في خطوة قد تزيد التوتر بين حكومته المدنية والجيش، وهو توتر فجرته مذكرة سرية طلبت مساعدة أميركية للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري في مواجهة جنرالات المؤسسة العسكرية. وقالت المحكمة اليوم إن على جيلاني المثول أمامها شخصيا الخميس، لعدم التزامه بأوامر بفتح تحقيق في قضايا فساد يلاحق فيها الرئيس. وكانت المحكمة طلبت من الحكومة التواصل مع الحكومة السويسرية لتطلب منها التحقيق في شبهات فساد يواجهها زرداري. لكن الحكومة وزرداري قالا إن الرئيس يملك الحصانة من الملاحقة لأنه بعد في منصبه. وجاءت القضية لتضاف إلى تحقيقٍ أمرت المحكمة نهاية العام الماضي بفتحه في مذكرة سرية أرسلت في مايو الماضي إلى واشنطن، تطلب دعما لزرداري في مواجهة الجنرالات بحجة تخطيطهم لانقلاب، وذلك مقابل تحفيزات أمنية. ونفى زرداري أن يكون وراء المذكرة التي أطاحت بأحد أقرب حلفائه، وهو سفير باكستان في واشنطن حسين حقاني. ويقول أنصار الحكومة إن المحكمة العليا دشنت حملة انتقامية ضد الحكومة التي يقودها حزب الشعب. وانتقد جيلاني الجيش لتعاونه مع التحقيق في قضية المذكرة، واعتبر أن باكستان مخيرة اليوم بين "الديمقراطية والديكتاتورية". وقال في مقابلة مع صحيفة صينية إن قادة الجيش والمخابرات تصرفوا "بشكل غير دستوري في قضية المذكرة". واتهم جيلاني قادة الجيش بتجاوز صلاحياتهم للدفع باتجاه التحقيق الذي أشار بأصابع الاتهام لأطراف داخل الحكومة. ووصف الجيش ما ورد على لسان جيلاني بالتصريحات الخطيرة جدا، وحذر من "نتائج وخيمة" ستترتب عن أفعال الحكومة. ويتحدث بعض المراقبين عن تواطؤ بين الجيش والمحكمة العليا، التي باركت في عقود سابقة انقلابات نفذها الجنرالات على الحكومات المدنية. وكانت الحكومات المدنية تقبل سابقا بأن يعهد بملفات الخارجية والدفاع إلى الجيش، لكن حبل الود بدأ ينقطع بين الطرفين منذ مجيء جيلاني وزرداري إلى السلطة في 2008. وقد التقى الرئيس زرداري قائد الجيش أشفق برويز كياني الذي يتوقع أن يلتقي أيضا رئيس الوزراء جيلاني، في محاولة لنزع فتيل التوتر، الذي ربما أطاح بالحكومة، ما قد يعني انتخابات برلماية ستأتي قبل وقتها بعام كامل. وقالت مصادر سياسية إن الحكومة تعتزم أن تطلب تصويتا برلمانيا بالثقة لدعم الزعماء المدنيين. لكن بعض حلفاء حزب الشعب أوصوا بألا يضغط زرداري وحلفاؤه كثيرا على الجيش، خشية نشوب أزمة ضخمة أخرى في البلد المسلح نوويا الذي يواجه تمرد حركة طالبان. وتقول مصادر عسكرية إن الجيش يرغب فعلا بأن يترك زرداري السلطة، لكن عبر الطرق الدستورية.