مع اقتراب يوم 25 يناير، ذكرى أمجد أيام مصر العظيمة، رغم تعثرها المؤقت.. نسجد لله تعالى حمدًا وشكرًا على نعمته وفضله ونصره، ونهنئ شعبنا الذي فرح لأول مرة منذ عشرات السنين، بعد عقود من الكآبة والحزن، بثورة الصابرين المحتسبين. إنها الذكرى الأولى للحدث التاريخي غير المسبوق؛ الذى أظهر مصر الحقيقية، التي أعادها ثوارها إلينا بعد طول غياب. لقد سدد الشعب المصري الكريم فاتورة الحرية ومهرها الغالي من دماء شهدائه، فصدق فيه قول الحق تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)- محمد 7. وهكذا فقد أشرقت شمس الحرية على أرض الكنانة بعد عذاب الطغيان والقهر.. ومع انتهاء أول انتخابات حرة في تاريخنا، يأتي العيد الأول للثورة وقد وضع المصريون بذرة الشرعية الدستورية الحقيقية، التي سوف تفتح الباب للانطلاقة الكبرى لمصر، في جميع المجالات. إن أهم ما في الثورات الناجحة أنها تجُبُّ ما قبلها، وتثير في الإنسان كل جوانب الخير، وتوقظ الضمائر وتدفع اليأس وتغذي الشعور بالانتماء.. لأن الشعوب تولَد من جديد في أعقاب الثورات. كما أن الثورات تغسل الناس وتزيل عنهم الصدأ فيظهر معدنهم الأصلي، ويتسابقون في حب الوطن والعمل على تنميته ورفع شأنه بين الأمم. أيضا فهي تعالج الشعوب من حالة اليأس وتزيل العاهات والأورام التي تراكمت خلال عصور الطغيان والانحدار. وأهم ما في ثورتنا أن الطاقة الثورية ودرجة الشحن المعنوي المصاحب لها كانت عالية جدا، لأن الشباب بروحهم الوثابة كانوا هم وقودها والقوة الدافعة لها. وقد لاحظنا في أعقاب ثورتنا المباركة، كنتيجة للمد الثوري، أن كل المفسدين أصيبوا بالصدمة، ودخلوا سريعا إلى الجحور.. كما اختفت الرشوة (لحظيا)، وتطوع الشباب في لجان شعبية للعمل بالشوارع في خدمة الوطن، وسارت الحياة دون شرطة أو حكومة بلا أية مشكلات، وكنا جاهزين تماما لجني ثمار الثورة. ولكن للأسف الشديد فقد حدث ما حدث من تباطؤ وفشل في سرعة استثمار هذه الطاقة الثورية الهائلة، وعدم الاستفادة من حالة الفرح غير المسبوق لشعبنا الصابر.. فخرجت الفلول من جحورها، وبدأت محاولات الثورة المضادة، وكادت الطاقة الثورية المكتسبة أن تضيع، لولا يقظة الشعب (الصابر). إننا الأن في حاجة ماسة إلى تجديد الثورة وإكمال مشوار الانتصار النهائي لحصد ثمار الثورة الذي تأجل لعام كامل!، وفي حاجة ماسة للتصالح مع مصر.. ومن هنا تأتي أهمية الخروج الجماعي يوم احتفال 25 يناير للعودة مرة أخرى إلى المسار الثوري الذي كاد أن يفلت من أيدينا، لكي تعود حالة النقاء والوعي الثوري، للبدء في تغيير الواقع المتردي. في هذا اليوم المنتظر؛ يجب أن تكون مطالبنا واضحة وصريحة وقوية: احترام إرادة الشعب واختياره بالانتخابات المذهلة الأخيرة- سرعة التحول من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية، وتمكين مجلس الشعب المنتخب من أداء دوره كاملا بصفته الجهة الشرعية الوحيدة حاليا- عزل فلول النظام المخلوع الذين لوثوا عرس الحرية بالعودة إلى رذيلة رشوة الناخبين، مستخدمين المال الحرام المسروق من الشعب- وضع حد لسيطرة إعلام النظام المخلوع، واعتبار كل من نافق الطاغية أو أعانه على طغيانه، وكل من خدع الشعب؛ جزء من النظام المخلوع- تحديد موعد معلوم لإنجاز الدستور وانتخابات الرئاسة- تطهير كل مؤسسات الدولة من بقايا النظام المخلوع- سرعة محاكمة المفسدين واسترداد الأموال المهربة. وننبه شعبنا العظيم إلى أن الثورة وضعت في أيدينا كنز ثمين.. ولنتذكر ردود الأفعال بالعالم- المبهور بثورتنا، فمما قاله زعماء العالم المتحضر عن الثورة المصرية: (يجب أن نربي أبناءنا ليصبحوا كشباب مصر- لا جديد في مصر، فقد صنع المصريون التاريخ كالعادة- اليوم كلنا مصريون- شعب مصر أعظم شعوب الأرض ويستحق جائزة نوبل للسلام- لأول مرة نرى شعبا يقوم بثورة ثم ينظف الشوارع بعدها- يجب أن نُدَرّس الثورة المصرية في المدارس- شعب مصر قدم درسا عبقريا في النضج السياسي والديمقراطي، .....). همسات: • جريمة تحريض أهالي الضبعة واعتدائهم الهمجي على موقع المحطة النووية الذي أنفق عليه الكثير ويحوي اسرارا مهمة تدل بوضوح على ان هناك أيادٍ خفية على صلة بالفلول تعبث داخل مصر لتخريبها.. كما أن هناك تقصير من وزارة الكهرباء والهيئات النووية في التواصل مع هؤلاء الأهالي الطيبين وإفهامهم حقيقة المشروع، التي لو علموها لكانوا أول المرحبين به والمدافعين عنه. إن من أبجديات النشاط النووي أن نبدأ بنشر الوعي النووي وبث الطمأنينة في قلوب الشعب قبل بدء أية خطوات تنفيذية. • أعلن البرادعي نيته الانسحاب من سباق الرئاسة، ويفكر أيمن نور في اللحاق به.. ونحن لن ننسى أنهما الوحيدان اللذان تجرآ وأعلنا نية الترشح ضد الطاغية المخلوع وهو في أوج قوته، على عكس عمرو موسى وغيره ممن أصابهم الخوف من الطاغية؛ ولكن هذا فقط لا يكفي لتحمل مسئولية قيادة مصر. • بعد نشر المقال السابق (مدينة الشروق.. أرملة المدن الجديدة)، التقيت السيد المهندس عبد المطلب ممدوح رئيس جهاز المدينة، الذي وافق مشكورا على الاستجابة لمطالب الناس وإيجاد حلول لمشكلات مشروع الإسكان العائلي، ولكنه لم يوافق على رصف الطرق (إلا بعد انتهاء الإنشاءات كلها!)، وهذه تعتبر عقوبة جماعية للملتزمين بالبناء وتعمير المدينة، ومكافأة في الوقت نفسه لمن يقومون (بتسقيع) الأراضي.. لأن استكمال الإنشاءات (كلها) لن يتم قبل عشرين سنة، وهناك وسائل عديدة للحفاظ على الأسفلت في وجود أعمال الإنشاء، كما يحدث في الدنيا كلها!.. وأفضل وسيلة للحفاظ على البنية الأساسية هي تشجيع الناس على الإقامة في هذه المدن الجديدة. [email protected] ------------------------------------------------------------------------ التعليقات ssssssss الإثنين, 16 يناير 2012 - 12:14 pm مقال رائع رائع رائع....................................................... والله صدقت يادكتور