احتل خبر هجوم قوات الأمن على منظمات حقوق الإنسان في مصر أهمية في الصحف والمواقع الإخبارية الأمريكية والبريطانية صباح اليوم حيث أشارت نيويورك تايمز إلى أن قوات الأمن أغلقت ثلاثة جمعيات ممولة من أمريكا وست منظمات أخرى غير ربحية، وأشارت الصحيفة على موقعها إلى أن ذلك يعد إشارة على تدني مستوى العلاقة بين واشنطن والحكام العسكريين في القاهرة. ونقلت الصحيفة عن نشطاء حقوقيين قولهم أن قوات الأمن اقتحمت مكاتب منظمات دولية بشكل لم يحدث مسبقا حتى في ظل حكم الرئيس مبارك الذي خلعته الثورة هذا العام. ونقلت الصحيفة عن أحد النشطاء العاملين في المعهد الوطني الديمقراطي قوله : ” لا أحد يفهم ما يحدث ” وأكمل ” لقد بحثوا في كل الأوراق والملفات والحواسيب المحمولة ، ولا نعرف ما سيحدث ” . وذكرت الصحيفة في معرض دفاعها عن الجماعات الحقوقية التي تتلقى دعمها من الخارج والذي اتخذته قوات الأمن مبررا لاقتحام مقراتها ، أن جماعات حقوق الإنسان المصرية اعتمدت بشكل كامل على الدعم الأجنبي، وذلك بسبب عداء حكومة مبارك لها مما جعل المانحين المصريين ينصرفون عنها. ودفع العديد منها لتلقى دعما معقولا من الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى الولاياتالمتحدة . ولكن يبدو أن الحكام العسكريين لمصر يشكون من خطر التمويل الأجنبي على السيادة المصرية بينما يتلقون دعما عسكريا من أمريكا يصل على 1.3 مليار دولار . وأشارت الصحيفة إن سياسات الولاياتالمتحدة – التي أعلنت في وقت سابق أنها ستخصص 65 مليون دولار للمساعدة في تعزيز الديمقراطية – جعل تلك الجماعات الحقوقية هدفا سهلا للنيل منها ، وأشارت الصحيفة أن معظم جماعات حقوق الإنسان في مصر تعمل تحت شرعية ملتبسة؛ ونادرا ما تمنح الحكومة التراخيص للمؤسسات المستقلة استقلالا حقيقيا. و من نيويورك تايمز إلى واشنطن بوست أحتل نفس الموضوع “الهجوم على المؤسسات الأهلية” الاهتمام الرئيسي للصحيفة في مصر والتي أفردت له عنوان ” الدهس على حقوق الإنسان في مصر “. وكتب ديفيد كرامر رئيس ” فريدوم هاوس ” أن ما حدث يوم الخميس الماضي من مداهمة قوات الأمن كانت استمرارا للحملة التي يشنها القادة العسكريون ضد منظمات المجتمع المدني ، واعتبر الكاتب أن هذه الهجمات على “فريدوم هاوس ” وغيرها من المنظمات غير الحكومية تمثل انتكاسة كبيرة للآمال التي انبثقت هذه السنة مع ثورة التحرير ، وحذر الكاتب أنه إن لم تتخذ إجراءات تصحيحية لما حدث فإن ذلك سوف يحيق الضرر بالاستقرار على المدى البعيد وكذلك على مستقبل الديمقراطية في البلاد . وحاول الكاتب أن يقدم قراءة سريعة منذ تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة في البلاد، حيث حصل على الثناء والمديح في بداية الثورة لضبط النفس – نسبيا – وسط الاحتجاجات التي عمت وسط القاهرة ، ولكن ذلك لم يستمر طويلا حيث مارس الجيش أنواع الانتهاكات التي كانت في حكم المخلوع ، هاجم المتظاهرين بوحشية ، أثار التوترات الدينية بين المسلمين والأقباط المسيحيين ، ولاحق من ينتقدون نظامه في المحاكم العسكرية ، ووصولا إلى الاعتداء على المتظاهرات ، بما في ذلك اختبارات العذرية كما حافظ على ” قانون الطوارئ ” الذي ظل معمولا به في حكم مبارك منذ ثلاثة عقود واختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى إن كل هذه الإجراءات تؤكد أن الجيش خطف الثورة . وفي صحيفة الجارديان البريطانية نقرأ مقالا لبراين ويتاكر حول المداهمات المصرية على منظمات حقوق الإنسان أكد فيها بعد استعراض للأوضاع في المنطقة العربية وموقفها من منظمات المجتمع المدني : أن الأنظمة الاستبدادية تشعر بالقلق حيال المنظمات غير الحكومية وغيرها من منظمات المجتمع المدني ، وتسعى للسيطرة عليها وتقييدها ، فمثل هذه الأنشطة تعتبرها تخريبية لأنها تقوض فكرة أن السلطات تعرف دائما أفضل من غيرها ، ولا يستثني الكاتب العمل الخيري يمكن أن تعتبره تلك الحكومات خطرا إذا لفتت الانتباه إلى فشل الحكومة في توفير الخدمات الأساسية . وأشار الكاتب إلى أن الحكومات في معظم الدول العربية سوريا والأردن ومصر – في عهد المخلوع – والخليج كانت تجعل كثيرا من تلك المنظمات تحت رعاية زوجات الحكام حتى يحكموا سيطرتهم عليها ، وهناك أسلوب آخر للتحكم في تلك المنظمات ، السماح لتلك المنظمات بالعمل في ظل قوانين غامضة تسمح بموجبها لتلك المنظمات بالعمل ، وهذا ما تشتهر به مصر ، وهذا يعني أنه إذا كانت السلطات تريد مقاضاة منظمة أو إغلاقها فهي ستجد حتما الذريعة القانونية للقيام بذلك .