تواصلت حالة التأزم التي يعشيها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وكانت أحدث حلقاتها ما أعلن عن تأجيل جولته التي كان ينوي القيام بها في دول آسيوية، في ظل تصاعد الضغوط الدولية عليه على خلفية تورطه في جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في اسطنبول في مطلع اكتوبر الماضي. وأعلنت كلا من ماليزيا وإندونيسيا، السبت، تأجيل زيارة محمد بن سلمان إليهما إلى أجل غير مسمى بطلب من السعودية، وقال مراسل الجزيرة إنه كان مقررا أن توقع السعودية اتفاقيات بمليارات الدولارات مع البلدين. كما تأخر سفره إلى باكستان يوما. سر التأجيل العديد من التحليلات والأخبار المسربة من داخل البلدان الآسيوية التي كانت تنتظر وصول ولي العهد السعودي، أكدت ان السر وراء تأجيل الزيارات هو الاستعداد الجيد لمنع أي تظاهرات شعبية غاضبة من زيارة ابن سلمان، على خلفية ضلوعه في قتل خاشقجي، بالإضافة إلى مواقفه المؤيدة للتطبيع مع العدو الصهيوني، وقتله الالاف من الشعب اليمني في حربه التي يشنها على بلد شقيق.. ففي باكستان، التي تأجلت زيارة ولي العهد إليها من السبت إلى الأحد، ذكرت العديد من وسائل الإعلام أن تأجيل الزيارة يتعلق بخطط السلطات الباكستانية الهادفة إلى محاولة التصدي للرفض الشعبي لزيارة بن سلمان. ويأتي ذلك بعد أن كشفت وثيقة لوزارة الداخلية الباكستانية، الجمعة، عن خطط قدمتها الشرطة تسعى إلى إغلاق أكثر من 19 ألف صفحة على "فيسبوك"، و20 ألف حساب على "تويتر"، لمنع التشويش على الزيارة. وفي إندونيسيا التي تنتظر انتخابات رئاسية هذا العام، كانت الحكومة تأمل أن تصلح زيارة محمد بن سلمان خيبة الأمل الاقتصادية التي خلفتها زيارة والده الملك سلمان قبل عامين. غير أن تأجيل الزيارة جاء أيضا لنفس المخاوف المذكورة آنفا. اما في ماليزيا، فقد تسبب الإعلان عن زيارة ولي محمد بن سلمان في حرج كبير لساسة ومسؤولين كثر في الحكومة الماليزية أمام قواعدهم الشعبية.
واتهمت المنظمات الحقوقية الماليزية ولي العهد السعودي بالمسؤولية عن خروق واسعة لحقوق الإنسان في بلاده، والتطبيع مع إسرائيل، واغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في الثاني من أكتوبر الماضي، وكان مهاتير محمد اعتبر مقتل خاشقجي عملا وحشيا غير مقبول. كما قالت بعض المنظمات إن هناك في ماليزيا حساسية كبيرة تجاه دور السعودية والإمارات في قضايا الفساد، خاصة فضيحة اختلاس مليارات الدولارات من الصندوق السيادي الماليزي، مشيرا لأسباب أخرى لحرج الساسة الماليزيين من زيارة بن سلمان بينها تدخله لزعزعة استقرار لبنان وحصار قطر . جدير بالذكر أن باكستان وقوفها مع محمد بن سلمان خلال أزمة مقتل خاشقجي، وشارك رئيس وزرائها في المؤتمر الاستثماري بالرياض، لتعلن الحكومة السعودية بعد ذلك حزمة تمويل لباكستان بقيمة ستة مليارات دولار. وبعد باكستان، من المقرر أن يزور ولي العهد السعودي الهند ثم الصين التي ينتظر أن يزورها الخميس المقبل.