"روحنا نشوف ولادنا المعتقلين.. قالوا إنهم اتعدموا".. ملخص ما حدث مع أهالي 3 معتقلين في سجون نظام السيسي، نفذ فيهم النظام حكم الإعدام شنقا لرفضهم الانقلاب، الخميس، بعد اتهامهم بمقتل نجل قاض عام 2014، رغم تأكيد المتهمين ودفاعهم أن الاتهامات كيدية والقضية سياسية خالصة. من أهم إنجازات السيسي طوال فترة حكمه الكئيبة، أنه جعل مصر تتصدر كل تصنيفات العالم في الكوارث والخراب، ويأتي على رأس هذه التصنفيات التي تتصدرها مصر، قائمة أكثر الدول إصدارا لأحكام الإعدام بحق المعارضين، وتنفيذ هذه الأحكام دون مراعاة الأعراف والقوانين وأبسط حقوق الإنسان التي نصت عليها كل الأديان والدساتير. شبان المنصورة أقارب الشباب الثلاثة في دلتا مصر نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي الأنباء عن تنفيذ حكم الإعدام بحق الشباب دون إخبار ذويهم مسبقا ليتسنى لهم زيارتهم للمرة الأخيرة. وسبق أن أيدت محكمة النقض في ديسمبر 2017، أحكام الإعدام الصادرة من محكمة جنايات المنصورة بحق 3 مصريين، بذريعة إدانتهم باغتيال نجل المستشار بمحكمة استئناف القاهرة، محمود السيد المرلي، ظنًا منهم أنه ضابط الشرطة المسؤول عن ملف طلاب جماعة الإخوان بجامعة المنصورة، حسب ادعاءات النيابة. وقضت محكمة جنايات المنصورة بإعدام خمسة متهمين شنقاً، اثنان منهم غيابياً، وثلاثة حضورياً، وهم عبد الحميد عبد الفتاح متولي (43 عاماً)، صاحب شركة كمبيوتر، والذي سبق اعتقاله من المطار أثناء محاولته السفر إلى الخارج، في 28 ديسمبر 2014، وأحمد ماهر الهنداوي، الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الهندسة، والمعتز بالله غانم، الطالب بكلية التجارة جامعة المنصورة. واستنكرت مؤسسة الشهاب لحقوق الإنسان في بيان نشرته على حسابها في "فيسبوك" تنفيذ حكم الإعدام، وأكدت أن القضية ذات طابع سياسي. وأوضحت المنظمة أن أجهزة الأمن شنت حملة اعتقالات عشوائية واسعة قامت على إثرها باعتقال عدد من الشباب وعذبتهم بمقرات أمن الدولة للضغط عليهم للاعتراف بتهمة القتل المذكورة في القضية. جمهورية الإعدامات ومنذ الانقلاب العسكري في 2013، اعتقل نظام السيسي آلاف من مناهضي الانقلاب في السجون وأصدر أحكاما بالإعدام على المئات في محاكمات وصفتها منظمات حقوقية "بالمحاكمات الصورية". وكانت مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان قد حثت محكمة النقض على إلغاء أحكام الإعدام الجماعية، التي صدرت في سبتمبر الماضي ضد 75 متهماً من رافضي الانقلاب والمعارضين لنظام السيسي، في المحاكمة المعروفة إعلامياً ب"فض اعتصام رابعة"، والتي وصفتها المفوضية بأنها "محاكمة غير عادلة". واعتبرت أن تنفيذ هذه الأحكام يمثل إجهاضاً جسيماً للعدالة في مصر. كما أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إحصاءً مبسطًا بأحكام الإعدام التي صدرت في يناير 2018، رصدت فيه تنفيذ الحكم بحق 30 متهماً، وأوضحت أن هناك 51 متهماً آخرين في 17 قضية، تمت إحالة أوراقهم إلى المفتي في نهاية عام 2017، استعداداً لتنفيذ العقوبة. وقالت 10 منظمات حقوقية مصرية، في بيان مشترك لها، أن هناك تزايداً غير مسبوق في تنفيذ أحكام الإعدام في مصر، إذ بلغ عدد الأشخاص المنفذ بحقهم حكم الإعدام منذ 26 ديسمبر 2017، وحتى أول فبراير 2018، ما لا يقل عن 26 شخصاً معلومين لديها. لماذا عادت الإعدامات؟ قلنا أن أهم سمات حكم السيسي خلال الفترات الماضية أنه حقق أرقاما قياسية قي القمع والاستبداد واعتقال المواطنين وإصدار أحكام الإعدام بحق المعارضين. ورغم تديد العديد من المنظمات الحقوقية بأحكام الإعدام التي تخطت مئات الأحكام، إلا أن النظام لم يتوقف لحظة عن إصدار هذه الأحكام، مدفوعا بالدعم الذي يلقاه من العدو الصهيوني والولاياتالمتحدةالأمريكية. لكن، وطأة تنفيذ أحكام الإعدام كانت قد خفت البعض الشيء، على خلفية بعض المتغيرات التي شهدتها مصر، بالإضافة إلى صعود الديمقراطيين في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتعثر صفقة القرن _التي يراهن السيسي على تمكنه من المساعدة في تنفيذها هدية لترمب ونتنياهو) بالإضافة إلى تعثر أحوال نتنياهو بشكل يهدد فرص فوزه في الانتخابات المقبلة. عودة أحكام الإعدام من جديد يمكن أثار تساؤلات عديدة حول توقيتها، حيث أنها تأتي قبل استعداد نظام السيسي لتمرير التعديلات الدستورية التي تسمح له بالحكم إلى 2034، لذلك كان البعض يتوقع أن تقل وطأة القمع كنوع من التنازل من النظام في مقابل تمرير هذه التعديلات. لكن، ولأن نظام السيسييقتات على القمع ويعيش على القتل، صدم المصريين بتنفيذ حكم إعدام في 3 معارضين في قضية تحمل في طياتها أسباب عودة تنفيذ الإعدامات من جديد. إن القضية التي أعدم بسببها الشباب الثلاثة تختص بمقتل نجل أحد القضاة، ومن طالع التعديلات الدستورية، سيرى أن السيسي قرر أن يلغي تماما دور القضاء واستقلاليته، بعد نغوله على الهيئات القضائية سابقا بقانون الهيئات القضائية، ثم في التعديلات الدستورية التي يعتزم تمريرها، نجد أن السيسي ينصب نفسه المسئول الأول عن كل الهيئات القضائية. ووفقًا لبيان رسمي صادر عن برلمان المخابرات الحربية، فقد "أظهر الواقع العملى أن للجهات والهيئات القضائية شئوناً مشتركة يتعين أن يقوم عليها مجلس تنسيقى يرأسه رئيس الجمهورية بوصفه رئيساً للبلاد." أي أن السيسي يريد أن يجمع في يده كل المناصب القيادية، على نفس طريقة محمد بن سلمان ولي عهد السعودية، الذي يجمع في يده كل المناصب القيادية. وها هو السيسي يلغي دور القضاء والقضاة ويصبح هو القاضي الأول والأوحد في البلاد. وبالعودة إلى تنفيذ حكم الإعدام في الشباب الثلاثة، يرى البعض أن السيسي يحاول استمالة القضاة، بعد تململهم من التعديلات الدستورية التي تعصف بالقضاء وتنهي دور القضاة وتجعلهم مجرد "عرائس" يحركها السيسي كيف يشاء. السيسي حاول إرضاء القضاة بان أعدم 3 سبق اتهاهم بقتل نجل أحدهم، لكن هل يقتنع القضاة من الأساس بتورط الشباب الثلاثة في قتل نجل القاضي؟ وهل أرضى إعدام الأبرياء ضمائرهم ام أن الأخيرة باتت في سبات عميق؟