كشفت إحصائية حديثة عن مصدر مسئول في قطاع المعاهد الأزهرية أن طلاب التعليم الأزهري تتزايد رغبتهم في التحويل من الأزهر إلى مدارس وزارة التربية والعليم. ووفقا لتصريحات صحفية نقلها موقع "مصراوي" عن مسئول بقطاع المعاهد الأزهرية، فإن حوالي 27 ألف طالب وطالبة من معاهد الأزهر حولوا أوراقهم إلى مدارس وزارة التربية والتعليم. ووفقا للمصدر، فإن قطاع المعاهد الأزهرية كان قد أعلن عن فتح الباب أمام الراغبين في التحويل من معاهد الأزهر إلى مدارس وزارة التربية والتعليم، وكذلك أمام الراغبين في التحويل من مدارس التربية والتعليم إلى المعاهد الأزهرية، وذلك منذ مطلع شهر أغسطس الماضي، ولمدة شهر، بكافة أنحاء الجمهورية، مع مراعاة الضوابط التي سبق وضعها، وتشدد على مراعاة كثافة الطلاب عند التحويل من وإلى المعاهد الأزهرية ومدارس التربية والتعليم. الهروب من الأزهر ورغم أن 27 ألف طالب تقدموا برغبات التحويل من المعاهد الأزهرية إلى مدارس التربية والتعليم خلال هذا الشهر، فإنه من الملاحظ أن الإقبال على التعليم الأزهري قليلة جدا، مقارنة برغبات أولئك المقبلين على التعليم العام، فعدد الطلاب الذين يتحولون من مدارس وزارة التربية والتعليم إلى المعاهد الأزهرية يبلغ حوالي 8 آلاف طالب سنويا، وهي إحصائية آخر عام، في حين نجد أن عدد الطلاب الذين تحولوا من التعليم ألأزهري إلى التعليم العام خلال شهر واحد بلغ 27 ألف طالب وطالبة، في حين كانت إحصائية العام الماضي للطلاب الذين تحولوا من المعاهد الأزهرية إلى مدارس التربية والتعليم كان 39 ألف طالب وطالبة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا يهرب الطلاب من العليم الأزهري إلى التعليم العام، رغم أن حال مدارس وزارة التربية والتعليم ليس أفضل من المعاهد الأزهرية، إن لم يكن أسوا في أحيان كثيرة؟ التعليم في مصر التعليم في مصر لا يسر إلا العدو، وحاله يسير من سيئ إلى أسوأ، ويكفي الإشارة إلى أن مصر احتلت مراكز متأخرة في جودة التعليم الأساسي والعالي، وفقًا لمؤشر التنافسية العالمية، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، للعام 2017 / 2018. وتناول تقرير مؤشر التنافسية العالمية وضع التعليم في 137 دولة، وجاءت مصر في المركز 129 في جودة التعليم، والمركز 130 في جودة تعليم العلوم والرياضيات، والمركز 124 في جودة إدارة المدارس، والمركز 119 في توصيل المدارس بالانترنت". وفي التعليم الأساسي، حصلت مصر على المركز 93 دولة، والمركز 133 في جودة التعليم الأساسي، والمركز 87 في معززات الكفاءة. وفي مجال التعليم العالي والتدريب، جاءت مصر في المركز 100 من أصل 137 دولة. وبخصوص الالتحاق بالتعليم، احتلت مصر المركز 33 في معدل الالتحاق بالتعليم، والمركز 84 في معدل الالتحاق بالتعليم الثانوي، والمركز 76 في معدل الالتحاق بالتعليم العالي، وذلك من بين 134 دولة. والملاحظ أن مصر جاءت في مراكز أقل تدهورًا في كل من: "التعليم الاساسي، التعليم العالي والتدريب، ومعدل الالتحاق بالتعليم"، والسبب في ذلك يعود إلى جهد المواطنين ورغبتهم في إلحاق أبنائهم في سن التعليم بالمدارس، بينما التقييمات التي تعتمد على جهد الدولة مثل قياس تحصيل التلاميذ، كفاءة العملية التعليمية وجودتها، المهارات اللازم تعليمها للطلاب، وتدريب المعلمين، فقد احتلت مصر مراكز متأخرة فيها، كحصولها على المركز 129 من أصل 137 دولة، وهو ما يؤكد أن الحكومة لا تبذل الجهد المطلوب، ولا تكترث بتطوير منظومة التعليم في مصر . ولعل تراجع مستوى التعليم في مصر، سواء التعليم العام المتمثل في مدارس وزارة التربية والتعليم، و التعليم الأزهري المتمثل في المعاهد الأزهرية، لهو خير دليل عن الحالة التي وصل إليها التعليم في مصر. لماذا تراجع التعليم الأزهري؟ أما عن أسباب تراجع مستوى التعليم الأزهري، وسر هروب الطلاب منه إلى مدارس التعليم العام، رغم تراجع مستواها هي الأخرى، فتحتاج إلى وقفة عاجلة لإدراك الأسباب والبدءالفوري في مواجهة تلك الأسباب. تقريبا، لن تجد طالب أزهري لا يشتكي من عدد المواد التي يدرسها في الأزهر، إذ أن الطلاب يدرسون بالإضافة إلى المواد التي يدرسها طلاب مدارس وزارة التعليم من علوم لغوية وطبيعية، فإن طلاب الأزهر يدرسون أيضا المواد الشرعية، وذلك بحكم خصوصية التعليم الأزهري، لذلك يجد الطالب الأزهري نفسه مطالبا بمضاعفة الجهد المبذول منه بشكل يفوق زملائه في مدارس وزارة التعليم. لا نطالب هنا بإلغاء المواد الشرعية من الأزهر، لأنها جزء من خصوصية التعليم الأزهري التي تميزه عن التعليم العام، كما لا ندعو أيضا إلى تقليل المواد اللغوية والطبيعية التي يدرسها طلاب الأزهر، لكن المطلوب هو إصلاح المنظومة ككل، بشكل يحفظ لها خصوصيتها ويضمن للطلاب أكبر قدر ممكن من الاستفادة مما يدرسونه، بدلا من أن يصبح الطالب مجرد آلة يتم تلقينها وحشوها بالمقررات التي يسناها فور خروجه من الامتحان، وهي الكارثة التي يستوي فيها التعليم الأزهري بنظيره في مدارس وزارة التعليم. أيضا، من ضمن الأسباب التي أدت إلى تراجع مستوى التعليم الأزهري، والعام في نفس الوقت، تراجع أعداد المعلمين وضعف الكفاءة والمهنية فيما بينهم، وجهل غالبية المعلمين الذين تربوا على نفس المنظومة التعليمية الفاشلة، لذلك كان طبيعيا أن تخرج لنا هذه المنظومة مدرس محدود الإمكانيات لا يملك شيئا لينقله للطلاب إلا تلقينهم المقررات التي ربما لا يعرف المعلم نفسه عنها شيئا. وبالحديث عن ضعف مستوى المعلمين وقلة أعدادهم، لا يجب أن نغفل الحديث عن الحالة التي وصلت إليها مباني المعاهد الأزهرية، التي سارت أشبه بالبيوت الآيلة للسقوط بين لحظة وأخرى. تحتاج منظومة التعليم في مصر عموما، إلى الاهتمام بالبحث العلمي عن سر التراجع الحاصل، وتقديم حلول ممكنة ولها مفعول سريع لحل مشكلات هذه المنظومة، كما يجب إعداد وتطوير وتقويم المناهج الدراسية، فى ضوء بحوث علمية تتماشى مع أحدث التوجُّهات العلمية والتربوية فى إعداد المناهج، مع التركيز على رفع كفاءة المعلم في كافة مراحل التعليم، وخاصة التعليم الابتدائي، ليتأسس الطالب بشكل صحيح، فهل من مجيب؟