منذ تولي السيسي مقاليد الحكم في مصر بشكل رسمين، وهو حريص جدا على تسليم مقدرات مصر إلى منظومة النهب الدولي، المتمثلة في صندوق النقد والبنك الدوليين، والمعروف أنهما من أهم ادوات الهيمنة الأمريكية، ويتذرع السيسي بالحاجة إلى الاقتراض من هذه المؤسسات التي تشترط دوما تفكيك القطاع العام بحجة خسائره، وإلغاء الدعم الحكومي وتحرير أسعار الصرف، والامتثال لأوامر السوق الحر، ما يعني تطبيق الرأسمالية في أبشع صورها التي لا تنتج إلا خرابا ولا تثمر إلا فقرا. قبل أيام، أعلن محمد رضوان، رئيس الشركة القومية للأسمنت، إحدى شركات قطاع الأعمال العام، إن الشركة ستتلقى دراسة يجريها فريق من كلية الهندسة جامعة القاهرة، بعد 3 أسابيع، لتحديد مصير الشركة، سواء بالغلق أو الاستمرار. وقال فى تصريحات صحفية إن الشركة بلغ حجم مديونياتها 3.5 مليار جنيه لصالح وزارة البترول، مقابل الغاز الذى حصلت عليه، فيما بلغ صافى الخسائر المتراكمة 2.5 مليار جنيه، لافتًا إلى أن الميزانية تتضمن إيرادات ومصروفات من بينها المديونية. وأضاف "رضوان" أن الدراسة التى نترقبها تحدد جدوى الاستمرار أو الغلق، وفى حالة الغلق سيتم صرف تعويضات أو معاش مبكر، وفقا لكل حالة على حدة، مشيرًا إلى أنه خلال أسبوع سيتم إعلان فتح نظام المعاش المبكر داخل الشركة فى مرحلته الأولى، لمن يستحق وتنطبق عليه الشروط، التى منها ألا يكون وصل إلى سن المعاش، وأن تتخطى مدة عمله 20 عامًا. وأشار رئيس الشركة إلى أن من لا تنطبق عليه الشروط سيتم صرف تعويضات له توازى قيمة تأميناته طوال سنوات عمله التى تقل عن 20 سنة، لأن المنطبق عليهم شروط المعاش المبكر سيتم صرف معاش شهرى لهم، وقال إن عدد الذين لا تنطبق عليهم شروط المعاش المبكر يمثلون 50% من عمال الشركة البالغ عددهم الإجمالى 2100 عامل، بمتوسط أجر للعامل الواحد يتراوح بين 12 و14 ألف جنيه سنويًا. وأوضح "رضوان" أن الشركة حاليا مستمرة فى طحن الكلينكر وبيعه، وما تبقى منه يكفى لعمل 3 أشهر، وسيستمر حتى عقب إعلان المعاش المبكر الذى يجرى دراسته حاليًا مع الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، ووزارة قطاع الأعمال العام، متوقعا حال التوصية بالإغلاق، عرض أصول الشركة على جهات التقييم وتحديد الأسعار، لإمكانية بيع الأرض وسداد الديون، منوها أن الأرض مساحتها 3 ملايين متر مسطح، ولا يمكن تسييلها إلا لسداد الديون. الحكومة تنوي التخلص منها وزير قطاع الأعمال، هشام توفيق، المعروف بإيمانه الكامل بالخصخصة والسوق الحر، قال في حوار صحفي مع "أخبار اليوم" إنه طلب إعداد دراسة حول أزمات شركة القومية للأسمنت، وتم إسنادها إلى أحد المكاتب الاستشارية، مشيرا إلى أنه انتظار تقرير الاستشارى المكلف بعمل دراسة فنية وبيئية واقتصادية ومالية متكاملة، حتى تتضح الرؤية كاملة، ومن ثم اتخاذ القرار المناسب والوصول إلى حل جذرى ونهائى لأزمة الشركة، وفى الوقت نفسه الحفاظ على حقوق الجهات الدائنة والعمال والدولة ووقف نزيف الخسائر المستمرة منذ سنوات. وأضاف وزير قطاع الأعمال،أن الأزمات الشركة تتلخص فى استمرار الخسائر منذ سنوات وارتفاع تكلفة الإنتاج وعدم الإحلال والتجديد فى ظل منافسة شرسة، وكذلك تحديات السوق وقوى العرض والطلب، فسوق الأسمنت مختل نتيجة «تخمة المعروض» وتراجع الطلب، وحجم المعروض يصل إلى 90 مليون طن، بينما الطلب متراجع إلى 54 طناً، وهو ما يعنى أن هناك نحو 36 طناً زائدة فى السوق، رغم حجم المشروعات العملاقة فى البنية التحتية. وحول الخيارات المطروحة لحل مشكلة القومية للأسمنت، قال وزير قطاع إنه لن يستطيع الإجابة قبل مرور 3 أسابيع لحين انتهاء دراسة المكتب الاستشارى وحتى نتخذ القرار المناسب، وكل الخيارات متاحة وفقاً لما ستخلص إليه الدراسة. وكان الوزير قد عقد اجتماعًا مع عدد من مسؤولي الشركة وأعضاء اللجنة النقابية، انتهى إلى عزم الوزارة دراسة الوضع الحالي للشركة، للاختيار بين أمرين، وهما "إما إعادة تشغيلها في موقعها الحالي، أو تصفيتها" واستبعدت الوزارة فكرة الوزير السابق خالد بدوي، بنقل المصنع إلى المنيا، والاستفادة بأصولها في حلوان في عملية تمويل إنشاء المصنع الجديد. وكانت الشركة القومية للأسمنت قد تقدمت بالفعل بطلب لنقل الرخصة إلى المنيا. ودخلت الشركة في أزمة كبيرة في مارس الماضي، بعدما دخل العمال في اعتصام مفتوح، رفضا لقرار الوزير السابق خالد بدوي، بوقف عمل أفران المصنع وخفض حوافزهم، وفتح باب المعاش المبكر للعاملين، وذلك "لمنع المزيد من نزيف الخسائر". ويبلغ عدد العاملين بالقومية للأسمنت أكثر من 2300 عامل وموظف. وفي 24 مايو الماضي وافقت الجمعية العامة غير العادية للشركة على شطب أسهمها من البورصة. ولا يزال العمل في أفران الشركة متوقفًا حتى الآن، وتستخدم الشركة مخزونها من الكلينكر، في إنتاج الأسمنت. ووفقا لمصادر بقطاع الأعمال، فإنه سيكون على الجمعية العامة للشركة، في اجتماعها المتوقع خلال سبتمبر المقبل، مناقشة إمكانية استمرار الشركة في عملها، أو اللجوء للتصفية، خاصة وأن الشركة ستتوقف عن العمل نهائيًا مع نفاد كمية الكلينكر الموجودة بها في سبتمبر المقبل بحد أقصى.