فرضت سلطات الأمن في سوريا حصارا مشددا على مدينة حمص لليوم الخامس على التوالي, في حين واصلت قوات الأمن مواجهة المتظاهرين المطالبين برحيل نظام الرئيس بشار الأسد في مناطق متفرقة، مما أسفر عن مقتل 22 بأول أيام عيد الأضحى المبارك. ووصف بيان أصدره المجلس الوطني السوري الحصار بأنه وحشي, وقال إنه "يستهدف كسر إرادة أهل حمص والبطش بشعبها الصامد الذي تجرأ عن بكرة أبيه على رفض سلطة النظام ووصايته، وأصر على المطالبة المشروعة بحقه في الحرية والكرامة". واتهم البيان الأجهزة الأمنية الحكومية بالاستعانة بالشبيحة لفرض حصار خانق على حمص، مشيرا إلى وقف إدخال المواد الطبية والتموينية لما يزيد عن مليوني نسمة، ومنع الأسر والنساء والأطفال من المغادرة والانتقال إلى مناطق آمنة مع "استخدام النظام للمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والطيران الحربي في قصف الأحياء السكنية المأهولة". كما منعت وسائل الإعلام وممثلو المنظمات الدولية من الاطلاع على ما يجري ونقل الحقائق إلى الرأي العام, بحسب البيان الذي أشار أيضا إلى هجوم "واسع النطاق" على حمص من عدة مداخل, بالإضافة إلى عمليات قتل وصفها بالعشوائية. كما تحدث المجلس الوطني عن انتشار للجثث في شوارع حمص وعدم تمكن الأهالي من دفنها أو الوصول إلى المستشفيات بسبب القصف وعمليات القنص. وفي هذا السياق قال المجلس الوطني السوري إنه يعلن للرأي العام العربي والعالمي "حمص مدينة منكوبة", وطالب على نحو مستعجل كلاً من الأممالمتحدة والمنظمات الإنسانية التابعة لها ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية وكافة الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بتطبيق التشريعات الدولية الخاصة بتقديم العون الطبي والإغاثي، وتحرك المنظمات على المستوى الدولي "لوقف المجزرة التي ينفذها النظام". كما طالب بتوفير الحماية الدولية المطلوبة للمدنيين، وتأمين انتقالهم بعيداً عن المناطق التي تتعرض للقصف والتدمير، ومساعدتهم في إيجاد ملاذ آمن, وإرسال مراقبين عرب ودوليين بصفة فورية إلى حمص "للإشراف على مراقبة الوضع الميداني ومنع النظام من الاستمرار بارتكاب مجازره الوحشية". مواجهات مستمرة وكان أول أيام عيد الأضحى المبارك قد شهد مقتل 22 على الأقل برصاص الأمن في سوريا، وفق ما ذكرته الهيئة العامة للثورة السورية، في حين خرجت مظاهرات بعد صلاة العيد في أنحاء متفرقة من البلاد تصدى لها رجال الأمن بالرصاص. وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن حمص وحدها شهدت مقتل 11 أغلبهم بحي بابا عمرو. ورغم العمليات العسكرية الجارية بحمص التي تحولت إلى مركز للحركة الاحتجاجية ضد النظام، فإن معظم أحياء المدينة شهدت مظاهرات ضخمة، حسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان. مظاهرات حاشدة وأكد المرصد واتحاد تنسيقيات الثورة السورية أن مظاهرة خرجت بعد صلاة عيد الأضحى بالأحياء الجنوبية لمدينة بانياس تطالب بإسقاط النظام وإعدام الرئيس بشار الأسد. وفي محافظة حماة خرجت مظاهرات حاشدة تطالب بإسقاط النظام في كل من حماة وطيبة الإمام وحلفايا واللطامنة والحماميات وكرناز وكفر نبودة وخطاب وصوران وكفر زيتا. وأشار المرصد إلى أن حي كفر سوسة في دمشق شهد مظاهرة حاشدة بعد صلاة العيد خرجت من جامع الدقر، ولم تتمكن قوات الشرطة من قمعها قبل وصول التعزيزات الأمنية التي أطلقت القنابل المدمعة والرصاص في الهواء واستخدمت الهراوات. وأشار المرصد إلى أن الأمن والشبيحة شنوا هجوما على المتظاهرين مما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات واعتقال أكثر من ثلاثين متظاهرا. كما شن الأمن حملات دهم واسعة في الحي أسفرت عن اعتقال 43 على الأقل. وفي دمشق أيضا سقط عدد من الجرحى في إطلاق نار كثيف لتفريق المتظاهرين بمنطقة القابون. أما في القدم فلوحظ انتشار أمني كثيف وتجول مكثف لحافلات الشبيحة "لإرهاب المواطنين". وفي حلب انطلقت بعد صلاة العيد ثلاث مظاهرات حاشدة في حي صلاح الدين والصاخور وبستان القصر قوبلت بهجوم من قبل الشبيحة والأمن. كما خرجت بعد صلاة العيد مظاهرات للمطالبة برحيل النظام في كل من حي البياض باللاذقية وعدد من مدن ريف دمشق بينها الزبداني ودوما وتفتناز وبنَّش وجبل الزاوية بريف إدلب. وبينما كان المتظاهرون يطالبون بإسقاط النظام وإعدام الرئيس الأسد، أدى الأخير صلاة العيد في جامع النور بمدينة الرقة شمال سوريا التي شهدت احتجاجات طالبت برحيله. من جهة أخرى أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن معتقلي الرأي والتظاهر السلمي في السجون والمعتقلات السورية دخلوا أمس الأحد في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على عدم تنفيذ وعود السلطات السورية بالإفراج عنهم. وكان النظام السوري قد أعلن السبت إطلاق سراح 553 اعتقلوا في سياق التصدي الأمني للحركة الاحتجاجية، كخطوة أولى على طريق تطبيق الخطة العربية. دمشق تتهم الجامعة العربية بتجاوز صلاحياتها من جانبه، قال المندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية يوسف أحمد إن تصريحات أمين عام الجامعة نبيل العربي ونائبه تخلق التباسا وتداخلا ليس في محله مع مضمون خطة العمل العربية، وتعد تجاوزا للصلاحيات التي خولها ميثاق الجامعة. وقال السفير أحمد، في حديث للتلفزيون الرسمي السوري "سورية تسجل استغرابها للتصريحات التي أدلى بها الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ونائبه أحمد بن حلي، وخاصة أنهما يعرفان جيدا أن الورقة التي اتخذت عنوان خطة العمل العربية جاءت نتيجة جهد كبير بذل بين اللجنة الوزارية العربية والقيادة والمسؤولين في سورية". وأضاف أحمد أن "من المفروض بالأمانة العامة للجامعة العربية أن تقوم بالدور التنسيقي بين الحكومة السورية واللجنة الوزارية وليس أن تنصب نفسها طرفا في مواجهة الحكومة السورية وخاصة أننا زودنا ونزود الأمانة العامة بكل المعلومات التي تظهر الاعتداءات التي تمارسها المجموعات الإرهابية المسلحة على المدنيين وقوات الأمن". وكان العربي طالب، يوم السبت، الحكومة السورية بضرورة التطبيق الفوري للخطة التي وضعتها اللجنة الوزارية العربية والتي من شانها حل الأزمة التي بدأت تعصف بسورية منذ أشهر، معربة عن أسفها لاستمرار أعمال العنف في عدة مدن في البلاد. وأشار أحمد إلى أن "الأمانة العامة وبهذه التصريحات تخلق التباسا وتداخلا ليس في محله مع مضمون خطة العمل العربية وكذلك تمارس دورا يعتبر تجاوزا للصلاحيات التي خولها ميثاق الجامعة العربية". واستغرب أحمد "كيف لم يلحظ الأمين العام ونائبه بنية صادقة وانطلاقا من المسؤولية القومية التحريض الأميركي السافر للمجموعات الإرهابية المسلحة لعدم تسليم أسلحتهم والاستفادة من العفو السوري"، على حد قوله.