بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    ضعف المياه بمركز طهطا بسوهاج لأعمال تطهير محطة شطورة السطحية    باريس سان جيرمان يتأهل لدور ال32 من بطولة كأس فرنسا    الولايات المتحدة تصادر ناقلة نفط ثانية قبالة فنزويلا وسط تصاعد الضغوط على كراكاس    كورتوا: حمل شارة قيادة ريال مدريد كان حلما.. ومن الصعب إيقاف مبابي    علاء نبيل: حذرت أبو ريدة من الصدام بين طولان وحسام حسن قبل كأس العرب    مبابي: سعيد بمعادلة رقم قدوتي رونالدو مع ريال مدريد    10 نجوم إفريقية فى صراع بمعارك الأدغال    تامر حسنى يشكر راعى مصر فى ختام حفل عابدين    العرض الخاص لفيلم «بكرا» بحضور أشرف زكى ومحمد رياض    أميرة الإيقاع نسمة عبد العزيز تشعل مسرح أوبرا الإسكندرية بحفل فني مميز    «كتاب جدة» يقرأ ملامح الفنون السعودية المعاصرة    «القصص» ل أمير المصرى يفوز بالتانيت الذهبى كأفضل فيلم فى مهرجان قرطاج السينمائى    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    14 توصية لدعم وتعزيز صناعة الغذاء في مصر    محمد صبحي: غزة اختبار سقطت فيه كل الشعارات والمواثيق.. والقوى الدولية تلعب دور محامي العدو    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    الثالث تواليا.. يوفنتوس ينتصر على روما ويقترب من المربع الذهبي    الدفاع المدني يرفع ركام شقة منهارة وإصابة طالب في العجوزة    وزارة الداخلية تنفذ أكثر من 60 ألف حكم قضائي في حملات أمنية مكثفة    محمد صبحي: المقاومة الفلسطينية لن تموت.. والمعركة على الوجود الفلسطيني كاملا    إعلام الاحتلال: الجيش ينهي عملية نزع السلاح من غزة داخل الخط الأصفر    وزير خارجية روسيا: ناقشنا مع الشركاء إصلاح مجلس الأمن وتعزيز ميثاق الأمم المتحدة    رئيس البرازيل: أي تدخل أمريكي في فنزويلا سيكون كارثيًا    مجلس القضاء الأعلى العراقي: لا يمكن تأجيل أو تمديد جلسة انتخاب الرئاسات الثلاث    محمد صبحي عن فيلم «الست»: أم كلثوم ليست ملاكا لكنها رمز.. اهتموا بالفن ولا تنبشوا في السلوكيات الشخصية    آية عبد الرحمن: مصر أرض انغرست فيها جذور الترتيل وأثمرت أصواتا وصلت لشتى بقاع الأرض    المؤتمرات الدولية.. ركيزة الحوار البناء والشراكات الاقتصادية بين الدول    خبير عسكري: مصر تمتلك أوراق ضغط دولية لم تستخدمها بشأن سد النهضة    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    9 عادات يومية تعيق بناء العضلات    مقتل 5 متهمين بترويج المخدرات بعد ساعتين من تبادل إطلاق النار مع الأمن في أسوان    أسماء ضحايا ومصابي حادث تصادم تريلا وموتوسكلين بقنا    وزير البترول: لدينا 13 شركة تعمل بمجال استكشاف المعادن والذهب.. ونحتاج إلى 200 مثلهم    مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    زعم أن أخاه يسيء معاملته.. تفاصيل واقعة إشعال شقيق ناصر البرنس النيران في نفسه بالشيخ زايد    تحسين حياة المواطن بالأقصر تتصدر اهتمامات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة    محمد صبحي يكشف كواليس لقائه بأم كلثوم: «غنّت لي وحدي وأهدتني 50 جنيهًا»    خلال 10 أيام.. التفتيش على 3605 منشآت يعمل بها أكثر من 49 ألف عامل    رئيس جامعة بنها يحيل طبيبين بالمستشفى الجامعى للتحقيق    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    أمن الجيزة يلقي القبض على "راقص المطواة" بالبدرشين    وزير الصحة يتفقد مستشفى الخانكة للصحة النفسية ويوجه بسرعة الانتهاء من أعمال التطوير    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    بسام راضي: تدشين خطوط جديدة لرحلات لمصر للطيران إلى إيطاليا    قمة إنجليزية نارية.. ليفربول يحل ضيفًا على توتنهام في الجولة 17 من البريميرليج    مباراة الزمالك وحرس الحدود اليوم والقنوات الناقلة في كأس عاصمة مصر 2025    «المنشاوي» يستقبل أسامة الأزهري وزير الأوقاف بجامعة أسيوط    محاكمة 37 متهما بخلية التجمع.. اليوم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كريستوفر كولمبس مكتشف أمريكا كان مجرد نصاب عالمي!
دراسة: المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (19)
نشر في الشعب يوم 04 - 03 - 2018


* رحلته كانت جزءاً من خطة صليبية لضرب المسلمين
* الأسبان يحتلون جزر المورو الاسلامية ويسمونها الفلبين
* والعثمانيون يطردون البرتغال من جنوب المستطيل المتوسط

(هذه دراسة غير منشورة وغير مكتملة بعد لمجدي حسين رئيس حزب الاستقلال ورئيس تحرير جريدة الشعب الذي يقبع الآن مغيبا خلف أسوار السجون بأحكام ظالمة وغير دستورية.. لقد تم ترتيب الجزء المكتوب من الدراسة في حلقات وسننشر تباعا الحلقات الموجودة لدينا لحين خروجه من محبسه وإكمال عطائه الفكري والسياسي والذي نأمل أن يكون قريبا بإذن الله..)
قبل أن نقلب صفحة البرتغال التي لم يطل عمرها في المستطيل المتوسط من العالم (الشرق الأوسط) وبالتالي لم يطل عمرها كقوة عظمى، بل كانت مشروع دولة عظمى أجهض سريعا، نتوقف عند أسباب ذلك الهبوط السريع من الزاوية التي تهمنا في هذه الدراسة، كي نتأكد من دقة القانون الذي يعمل عبر التاريخ. ولا شك أن هناك أسبابا مركبة لصعود وهبوط الأمم. فمثلا البرتغال لم تتقدم في طريق التقدم الصناعي والتكنولوجي ولكن في ذلك الوقت كان هذا حال جميع الدول الأوروبية. ولكن من زاوية دراستنا فالبرتغال كان لابد أن تسقط سريعاً كمشروع دولة عظمى عجزت عن التمركز في المستطيل القرآني (مركز العالم): الوطن العربي الآسيوي+ مصر، بل هي حامت حوله وعلى بعض أطرافه الجنوبية دون أن تتمكن من التوغل فيه. رغم أنها مدت نفوذها إلى العالم الجديد (بعض أجزاء من أمريكا اللاتينية) واحتلت بعض مدن وموانئ المغرب: سبتة- طنجة- أغادير لبعض الوقت، واستقرت كقوة مستعمرة في بعض دول أفريقيا الساحلية (أنجولا على الساحل الغربي- وموزمبيق على الساحل الشرقي) وبعض البقاع الصغيرة الأخرى. ووصلت كما رأينا إلى سواحل الهند واليابان. ولكن كل هذا لم يشفع لها أن تستقر كقوة عظمى، بل لا يكاد يذكرها التاريخ، وكأن اسمها كقوة عظمى كان مكتوباً بالقلم الرصاص وقام العثمانيون بمحوه سريعاً من كتاب التاريخ بأستيكة وذلك عندما طردوها شر طردة من جنوب المستطيل القرآني.. (الخريطة القرآنية). العثمانيون (الدولة العثمانية) أغلقوا مضيق باب المندب في أقصى جنوب البحر الأحمر أمام البرتغاليين، ودخلوا عدن وتعز وصنعاء وحضر موت والمكلا وساحل الحبشة (أريتريا)، سواكن ومصوع وطهروا الخليج العربي من البرتغال حتى البصرة، بل وأكثر من ذلك أمنوا طرق التجارة البحرية من مصر والخليج حتى الشرق الأقصى. وطبعا ما كان لهم أن يحققوا كل ذلك بدون الارتكاز على مصر وميناء القلزم (السويس حاليا) وامن العثمانيون بذلك الأراضي المقدسة في الحجاز (مكة والمدينة) من اعتداءات البرتغال بصورة نهائية. وعندما ظهر الأسطول العثماني في الخليج العربي 1585 قابلهم أهل الساحل بحماس شديد وترحاب. وظلوا يحرسون ويحمون ساحل شرق أفريقيا وشمال المحيط الهندي حتى مطلع القرن 18 م. ومع ذلك لا تزال كتب تصدر في مصر تتحدث عن الاستعمار العثماني، ولا تشير لدور العثمانيين في كسر شوكة الصليبيين البرتغال الذين استهدفوا مكة والمدينة.
والعجيب ان المناهج الدراسية في الأزهر الشريف تسير في نفس هذا الاتجاه الظلامي من ذلك مثلا كتاب الصف الثالث الثانوي الأزهري لعام 2012- 2013 الدراسي تأليف د. علي محمد حسن العماري الذي يتحدث عن 3 قرون تحت نير حكم المماليك (ثم أطبقت على مصر الظلمات بدخولها تحت الحكم العثماني 3 قرون أخرى كانت لياليها كلها سرار (وهي الليالي التي يختفي فيها الهلال) إلى ان بدأت أشعة فجر خافتة باهتة تسري مع قدوم الحملة الفرنسية! ثم أخذت هذه الأشعة تسطع وتتسع حتى غمرتها أشعة الشمس في آواخر القرن 19) أي عندما استقر الاحتلال البريطاني!! ويدعي هذا الكتاب العجيب أن العثمانيين أغلقوا المدارس!!
نعود إلى البرتغال.. فقوتهم البحرية أوصلتهم لشواطئ اليابان، وظنوا أنهم يمكنهم أن يغزو هذا البلد بالتبشير الكاثوليكي وترويج البضائع والسلع البرتغالية. ولكن اليابانيين كانوا أذكياء وخدعوا البرتعاليين حتى يتجنبوا الاحتلال العسكري فتظاهروا أنهم معجبون بالحضارة البرتغالية. في عام 1577 وصل قس برتغالي لليابان في إطار حملات التبشير بالكاثوليكية وعاش طويلا في اليابان وكتب في مذكراته أن الشعب الياباني راغب في تقبل كل شئ من البرتغال فهم يرتدون الملابس البرتغالية والحلى والأحزمة البرتغالية.
ولكن تبين مع مرور الزمن ، أن اليابانيين كانوا يتجنبون الغزو العسكري ويتخذون هذه الملبوسات والبضائع كنوع من الموضة في حين أنهم كانوا يخدعون البرتغال ويمثلون دور الضعفاء في حين أنهم ظلوا متمسكين في داخلهم بثقافتهم القومية. وأنهم أرادوا بذلك تجنب مصير الصين التي كانت نهباً للتدخلات الأوروبية العسكرية في ذلك الزمان.
وتتحدث كتب التاريخ- في مقابل الغباء البرتغالي الكاثوليكي- عن الذكاء الهولندي (وهم بروتستانت) حيث اهتموا عندما وصلوا لسواحل اليابان بالقيام بأعمال تجارية و"بيزنس" دون الانشغال بوهم التبشير بالمسيحية واستراح لهم اليابانيون أكثر. ولكن ما يهمنا أن نشر النفوذ الاقتصادي في أقصى الشرق الأقصى دون التمركز في المستطيل لا يصنع دولة عظمى.
في آواخر القرن الخامس عشر عندما توجه الايطالي كريستوفر كولمبس إلى ملك البرتغال وحاول إقناعه بمغامرة الرحلة البحرية إلى آسيا عبر الأطلنطي لم يستجب له، فتوجه إلى أسبانيا حيث أفلح في إقناعها وسنعود لتلك القصة، ولا شك أن البرتغال خسروا بذلك قصب السبق إلى العالم الجديد الذي اكتشفه كولومبس لحساب أسبانيا. ولكن التوجه للعالم الجديد لم يفلح في إقامة دولة عظمى حتى لأسبانيا.
ولكن البرتغال أخذت فيما بعد أجزاء من أمريكا اللاتينية لم تفلح في تغيير مصيرها. حيث تحولت وحتى الآن إلى دولة أوروبية متخلفة، ظلت تحتل أنجولا وموزمبيق في أفريقيا كقوة استعمارية غاشمة حتى بعد منتصف القرن العشرين حيث قامت حركات تحرر وطني مسلحة أجبرت البرتغال على الانسحاب.
حكم البرتغال قرابة 40 عاماً في القرن العشرين الديكتاتور سالازار (شبيه بديكتاتور أسبانيا فرانكو) حتى قامت ثورة شعبية أسقطته، ولكن لاتزال البرتغال من أكثر دول أوروبا تخلفاً، وكأنها لا تزال تدفع ثمن خياراتها الحمقاء عندما كانت تحاول أن تكون دولة عظمى.. في الستينات من القرن العشرين غادر البرتغال 500 ألف مواطن (10% من السكان النشيطين) والكثير من الشباب ذوي الشهادات العالية، وكانت الحكومة تشجع على الهجرة خوفاً من انفجار الأوضاع الاجتماعية، وفي اوائل القرن الحادي والعشرين تجددت مخاطر الهجرة خاصة وأن النمو السكاني بمعدلات متدنية مع نقص حاد في الكفاءات والمهارات.
أسبانيا دولة عظمى سقطت سريعا:
وهذا ينقلنا إلى أسبانيا فهي توأم البرتغال، ولكنها التوأم الأكبر الذي حقق نجاحاً أكبر. البلدان يشكلان معاً شبه جزيرة أيبريا التي شملها جميعا الفتح الاسلامي (الأندلس) خلال عامين (92 ه حتى 94ه) وقد اتحد البلدان عام 1581 م أي بعد سقوط الأندلس، ثم انفصلت البرتغال عام 1640م.
في الهزيع الأخير من ليل المسلمين في الأندلس حيث لم يتبق الوجود الاسلامي إلا في غرناطة، كان هناك مشروع زواج بين أكبر مملكتين أسبانيتين بين فردناند الثالث ملك أرجون وإيزابيلا ملكة قشتالة، فتم توحيد المملكتين عام 879 ه، ولكن الملك والملكة أقسما على أن يكون حفل الزواج في قصر الحمرا في غرناطة وهذا ما تم عام 879ه- 1492م عام سقوط الأندلس رسمياً ونهائياً في يد الصليبيين.
وفي القرن 16م أصبحت أسبانيا القوة السياسية الأعظم وبسطت نفوذها على الأراضي الواطئة (هولندا- بلجيكا) ومعظم أوروبا والبحر المتوسط وحكمت أمريكا الوسطى والجنوبية ونويات في أفريقيا، وجنوب شرقي آسيا: الفلبين على سبيل المثال والتي سموها باسم ملك أسبانيا فيليب، وكانت جزراً إسلامية (المورو) وعاصمتها "أمان الله" التي تم تحريفها إلى مانيلا.
وامتداداً لحرب الأندلس احتلت أسبانيا موانئ في الجزائر وتونس والمغرب (سبتة ومليلية). ولكنها ظلت بعيدة عن الشرق الأوسط (المستطيل القرآني) وظلت هذه نقطة ضعفها الكبرى.
القصة اللحقيقية لكريستوفر كولمبس مكتشف أمريكا:
صور الغرب لنا كرييستوفر كولمبس كبطل عالمي غير مجرى التاريخ لأنه اكتشف أمريكا، وانه صاحب رسالة انسانية، ويحتفلون في الولايات المتحدة بشكل سنوي به كرمز انساني عظيم ويضعون له تماثيل في العديد من الميادين بالمدن والولايات الأمريكية. وهناك روايات تاريخية عديدة عن وصول العرب والمسلمون إلى أمريكا قبل كولمبس وكذلك روايات أخرى عن وصول الصينيين ولكني لم أبذل جهداً في تقصي هذه المعلومات لأنها إن صحت فإنها لم تؤدي إلى ربط العالم القديم بالأمريكتين. وبالتالي فإن الواقع يؤكد أن الرحلات البحرية الأسبانية هي التي أدت إلى هذا الربط النهائي بين قسمي العالم، وبالتالي لا نقلل من شأنها. ولكن في المقابل لابد من توضيح الصورة الحقيقية لهذه الكشوف الجغرافية.
قلنا من قبل أن هذه الكشوف كانت جزءاً من الصراع الصليبي مع العالم الاسلامي، وان رحلات عبر المحيط الأطلنطي استهدفت الوصول إلى آسيا مباشرة من الناحية الغربية باعتبار كروية الأرض التي أصبحت ثابتة علمياً، وذلك للخلاص من طريق الشرق الأوسط الاسلامي للوصول إلى الهند والصين وشرق آسيا عموما. ولإنهاء السيطرة الاسلامية على مركز العالم.
كريستوفر كولمبس مغامر ونصاب عالمي، هو إيطالي وأشاع عن نفسه انه من الأرستقراطية الإيطالية وليس أي أرستقراطية بل هو سليل عائلة الامبراطور قسطنططين نفسه! وواقع الأمر انه كان ابن انسان متواضع يفتح محلاً لبيع النبيذ في جنوة بإيطاليا عندما كان كريستوفر صغيراً، ثم كان يقوم- عندما كبر- ببيع الجبن. عندما سافر من جنوة إلى لشبونة في البرتغال ادعى انه تاجر كبير من الطبقة الأرستقراطية الايطالية وركب سفينة تجارية إلى هناك وكان لديه قدرات على التمثيل جيدة بحيث تزوج من عائلة غنية واستطاع من خلالها أن يصل إلى البلاط الملكي البرتغالي، ومن خلال تجميع معلومات من هنا وهناك تقدم بمشروع رحلة بحرية إلى آسيا من الغرب إلى ملك البرتغال. وكان المشروع يتضمن تجهيزه بمجموعة من السفن وتحمل تكاليف الرحلة بما في ذلك أجور الربان والبحارة وأن يتم تعيينه برتبة أدميرال بحري كبير وأن يحصل على 10% من حصيلة التجارة التي ستنجم عن هذه الرحلة. ورفض الملك البرتغالي هذا العرض. بعد عدة سنوات اتجه كولمبس إلى أسبانيا المجاورة ومستفيداً من علاقاته بالبلاط البرتغالي تمكن من الوصول إلى البلاط الأسباني وقابل الملكة ايزابيلا عام 1487 وعرض عليها نفس المشروع ولكنها لم تقتنع به في البداية ولكنه تمكن من إقامة جسور شخصية معها وأصبح من زوارها ومن المترددين على البلاط. وتقول إحدى الروايات انه في عام 1492 عندما تمكن الأسبان من السيطرة التامة على الأندلس وطرد المسلمين، في هذا العام بالذات أصبح لدى ايزابيلا المال الكافي لتمويل رحلة كولمبوس، ولكن يبقى الأساس أنه في عام السيطرة على الأندلس بدأت ايزابيلا الصليبية في التفكير في المرحلة التالية، لمحاربة المسلمين فهذه الرحلة كما ذكرنا تضرب الأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط كمعبر ضروري لآسيا، كما أن مكاسبها المالية التجارية يمكن أن تمول الحرب على المسلمين خارج الأندلس. لم يكن إذن من قبيل الصدفة أن يكون عام سقوط الأندلس هو نفسه عام رحلة كولمبوس (1492م). تم تجهيز 3 سفن بكل احتياجاتها لرحلة طويلة ومرتبات البحارة ووافقت على كل طلبات كولمبوس التي كان تقدم بها، في عقد مكتوب، عدا البند المتعلق بحصوله على 10% من ثمار وأرباح الرحلة. وسافر كولمبوس حيث قام بتأجير أفضل ملاح استطاع الحصول عليه لأنه لا يعرف أي شئ عن الملاحة!! ولم يسبق له أن قام بقيادة أي مجموعة من الناس في أي عمل! وكان لا يعرف الفرق بين الجزيرة والقارة، وكان يسيئ معاملة البحارة ، ويصفه المؤرخون بأنه شخص "متوسط الكفاءة" ولكنه كان يجيد تسويق نفسه للملوك والمجتمعات الراقية. وقد فشلت الرحلة الأولى في الوصول لطريق إلى قارة آسيا، بل وصلت إلى عدة جزر في أمريكا الوسطى، ولكنه نجح في الحصول على موافقة ايزابيلا على تمويل رحلة أخرى، خاصة بعد أن أغراها باحتمالات كبرى للحصول على الذهب في هذا العالم الجديد الذي لم يتصور حجمه ومساحته بعد، وأن هذا الذهب يمكن أن يمول الحملات الصليبية ضد المسلمين. (راجع كتاب أمريكا طاغوت العصر لمؤلف هذه الدراسة- الطبعة الثالثة).
في واقع الأمر كولمبوس لم ينجح في رحلتيه بين 1492- 1495 إلا في تأسيس مستوطنة أسبانية صغيرة في سانت دومينيجو على جزيرة هسبانيولا في أمريكا الوسطى التي تقع بين الأمريكتين الشمالية والجنوبية. ولكنه لاشك فتح الطريق لتوسع الامبراطورية الأسبانية في أمريكا اللاتينية فيما بعد. ورغم كل هذه الفتوحات الرهيبة في قرية بكر بأكملها، ورغم سيطرة أسبانيا على جزء كبير من أوروبا وبعض الأطراف في آسيا وشمال أفريقيا، إلا أن هذه الامبراطورية هوت سريعاً لأنها لم تدرك أن الأهمية الاستراتيجية الأولى للشرق الأوسط أساسي لإقامة دولة مستقرة عظمى. بل انها لم تنتقل من دولة عظمى أولى إلى دولة عظمى من الدرجة الثانية أو الثالثة بل هوت في جرف سحيق وأصبحت من أكثر دول أوروبا تخلفاً حتى وقت قريب. وفي ذلك دروس استراتيجية مهمة لنا حول مدى أهمية منطقتنا التي نعيش فيها- الشرق الأوسط!!.
إقرأ أيضًا : -

·المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (1) الحلقة 1
·دراسة المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- الحلقة (2) الحلقة 2
·آدم يمني..نوح عراقي..أيوب مصري..إلياس فلسطيني الحلقة 3
·نوح عاش في المستطيل.. دلائل قرآنية إضافية الحلقة 4
·لماذا مصر في رباط إلى يوم الدين؟ الحلقة 5
·مصر هي البلد الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن الحلقة 6
·بعثة محمد (ص) وضعت الشرق الأوسط في البؤرة الحلقة 7
·هنا.. يجري استعداد أمريكا واليهود لمعركة نهاية العالم الحلقة 8
انجيل أمريكا: مصر والشرق الأوسط أساس السيطرة على العالم الحلقة 9
رسول الله لم يسع إلى إقامة دولة اسلامية بالحبشة الحلقة 10
البابا يدعو لتحرير القدس من قبضة المسلمين الأنجاس الحلقة 11
الفاطميون يندفعون كالاعصار من طنجة إلى مكة الحلقة 12
صلاح الدين يغلق مضائق تيران ويحمي قبر الرسول الحلقة 13
لماذا أقسم الله بالشام ومصر ومكة في سورة التين؟ الحلقة 14
المغول اجتاحوا آسيا وأوروبا وروسيا والمشرق..وهزمتهم مصر! الحلقة 15
قطز ذبح سفراء هولاكو وعلقهم على أبواب القاهرة الحلقة 16
البابا يدعو البرتغال ل (إطفاء شعلة شيعة محمد) الحلقة17
الحلقة (18) البرتغال: هدفنا الاستيلاء على رفات "محمد" لنبادلها بالقدس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.