شنت حركة "فتح" حملة سياسية شعواء على صفقة تبادل الأسرى التي أبرمتها حركة "حماس" مع الكيان الصهيوني، عبر الوساطة المصرية، في محاولة لإجهاض النتائج السياسية التي بنيت على الصفقة، وهي محض مكاسب لحركة المقاومة الإسلامية، التي رفضت التقاء المفاوضين الصهيونيين، وحققت ما لم تتمكن من تحقيقه السلطة الفلسطينية على مدى قرابة العشرين عاما، حيث لم تتمكن من إطلاق أسير فلسطيني واحد. هذا وقد خصص إعلام حركة "حماس" مساحات واسعة للرد على حملة "فتح"، سواء على مواقع "حماس" الإلكترونية، أو عبر فضائية وإذاعة الأقصى اللتان تبثان من غزة، وكشف إعلام "حماس" حقيقة الحملة الفتحاوية. بينما سارع إعلام مفوضية التعبئة والتنظيم في "فتح" إلى نفي أي علاقة لها ببيان وزع عبر البريد الإلكتروني، تضمن تفاصيل الخطة الإعلامية الفتحاوية المضادة.. رفض وأدان واستنكر بشدة "اللجوء لمثل هذه الأساليب المشبوهة والتي لا تخدم إلا الاحتلال وأذياله". وكانت مصادر فلسطينية مطلعة كشفت النقاب عن أن حركة "فتح" في رام الله، وتحديدًا "الدائرة الإعلامية التابعة لمفوضية الإعلام للحركة"، التي يشرف عليها الناطق الرسمي لمؤسسة الرئاسة نبيل أبو ردينة، أعدت خطة لمواجهة "صفقة الوفاء للأحرار" إعلاميًّا، عبر تشويهها والتقليل من الإنجاز الكبير الذي حققته. وبحسب المصادر؛ فإن الخطة تهدف إلى "تبهيت الصفقة" وتقليل المخاطر والأضرار التي لحقت وستلحق بشعبية حركة "فتح" ورئيسها محمود عباس عقب نجاح حركة "حماس" في الإفراج عن أسرى فشلت كل محاولات حركة "فتح" التفاوضية من إطلاق سراحهم طوال 18 عامًا من بدء اتفاق أوسلو عام 93. وتعتمد الخطة على عدة محاور أساسية؛ أبرزها التركيز على الأسرى القدامي الذين لم تشملهم الصفقة من خلال نشر إحصائيات وأرقام مصحوبة بالاسم وتاريخ الاعتقال والتهم الأمنية التي اعتقلوا على خلفيتها من قبل سلطات الاحتلال طوال هذه المدة. وتنشر بحسب الخطة تعليقات وتصريحات لهؤلاء الأسرى القدامي من خلال استكتابهم أو استنطاقهم من داخل السجون وإبراز معاني ومصلحات ذات معاني ودلالات إنسانية وعاطفية، إلى جانب نشر لقاءات مع أسرى محررين أمضوا سنوات طويلة في السجون للتركيز على النقاط السلبية في الصفقة وإخفاء أو عدم التطرق إلى ايجابياتها بشكل مطلق. ويقول المركز الفلسطيني للإعلام، الناطق بإسم "حماس" أنه "من الأخبار الكاذبة التي نشرتها مواقع حركة "فتح"، وعلى رأسها "معا"، تصريح الأسير مروان البرغوثي بأن قيادة الحركة الأسيرة لم تستشر في الصفقة، وأنه لا يعلم عنها شيئًا، لكن ما لبث محامي البرغوثي أن سارع إلى إصدار بيان نفي لهذا التصريح، مؤكدًا أن موكله مطلع بشكل كامل على كل مراحل الصفقة ويعلم ما كان يدور في خفايا وأسرار مفاوضاتها". كما تنص الخطة على نشر تفاصيل معروفة سابقًا عن الصفقات الماضية ومقارنتها بالصفقة الحالية، مرفقة بتحليل ضمني لصالح السابقة على الحالية، يرافق هذا كله تقارير وأخبار عن السبعة آلاف أسير القابعين في سجون الاحتلال وتصوير وكأن المسئولين عن صفقة التبادل تناسوا هذا العدد الكبير في السجون الصهيونية. وتشير المعلومات؛ بأن بداية الهجوم على الصفقة، بحسب الخطة، كان من "وزير" الأسرى في حكومة رام الله، الذي اعتبرها "ارتجالية وغير متوازنة"، من خلال تركيزه على عدم شمول الصفقة للأسيرات الموقوفات في سجون الاحتلال واللاتي اعتقلن خلال الشهور الماضية، وتبعه بعض قادة حركة فتح إضافة ل "وزير" خارجية السلطة رياض المالكي الذي شكك في توقيت الصفقة. وذكرت المصادر أن وكالة "معا" الإخبارية تُعد إحدى الأعمدة الأساسية في تنفيذ هذا التوجه الإعلامي من خلال نشر أخبار كاذبة وملفقة، كما حدث مع زوجة الأسير إبراهيم حامد مساء الأحد، عندما أبرزت الرسالة المفبركة على صدر صفحتها الأولى في حين أخفت النفي في تفاصيل الأخبار. إلى جانب محاولة تحوير أي نشاط تضامني للأسرى، خلال إضرابهم عن الطعام، وكأنها مسيرة احتجاجية على الصفقة، كما حدث في تجمع بعض المواطنين أمام مدينة أم الفحم للتضامن مع إضراب الأسرى الذي يدخل يومه العشرين عن الطعام ومحاولة إظهاره وكأنه تجمع احتجاجي "حاشد" بعكس ما تظهره الصور، ضد الصفقة. وترد "حماس" على ذلك بالتساؤل "لماذا تركت حركة فتح أبناءها في سجون الاحتلال 33 سنة؟ ولماذا رضيت فتح ووفدها المفاوض بتوقيع اتفاق أوسلو وما لحقه من اتفاقيات في واشنطن وطابا وشرم الشيخ وانابوليس وغيره الكثير وأبقت في السجون أكثر من 315 أسيرًا اعتقلوا وما زالوا قبل اتفاق أوسلو؟ ولماذا تسارع الأجهزة الأمنية التابعة لحركة "فتح" إلى تسليم المستوطن والجندي إذا ما تسلل إلى مدن رام الله وبيت لحم إلى الجانب الصهيوني، وأبناؤها في الأسر مضى على اعتقالهم أكثر من 25 سنة؟ ومن سلم خلية صوريف؟ ومن سعى طوال هذه السنوات إلى معرفة مكان شاليط وتسليمه إلى الشاباك..؟".