فتح قرار مد اغراق رسوم الحديد المستورد من الصين وتركيا وأوكرانيا لمدة شهرين، النار على نظام العسكر، وبالأخص وزير التجارة والصناعة طارق قابيل، مؤكدًا عددًا من الخبراء أن القرار خطير ويحمل فى طياته العديد من علامات الاستفهام التي تقول أن هناك مستفيد وبقوة من الأمر. وأكد الخبراء أيضًا أن القرار يصيب قطاع المعمار بالشلل التام، كما يهدد بتشريد ملايين العمال والمهنيين. وفى هذا السياق، يقول الخبير العقاري، إبراهيم عارف، أن قرار وزير الصناعة ربما يكون مبرره أنه يحمى الصناعة المحلية ويصب في صالح أصحاب مصانع الحديد والصلب. وذكر أن هذا الإجراء لا يساهم مطلقا في خفض أسعار الحديد المحلي، مطالبا الجهات المسئولة بضبط أسعار الحديد، على اعتبار أنها وصلت إلى أعلى مستوياتها في السوق، حيث سجل الطن نحو 13 ألف جنيه للطن. وأصدر المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، قرارًا بمد فترة تطبيق رسوم مكافحة الإغراق المؤقتة على الواردات من حديد التسليح (أسياخ ولفائف وقضبان وعيدان) المستوردة من الصين وتركيا وأوكرانيا لمدة شهرين، بواقع 17% من القيمة CIF على الواردات الصينية، ومن 10 إلى 19% من القيمة CIF على الواردات التركية، ومن 15-27% من القيمة cif على الواردات الأوكرانية. والقرار رقم 874 والخاص بفرض رسوم مكافحة إغراق مؤقتة على واردات حديد التسليح (أسياخ ولفائف وقضبان وعيدان) المستودرة من الصين وتركيا وأوكرانيا يشمل فرض هذه الرسوم لمدة 4 شهور تنتهى في 6 أكتوبر 2017. وشهدت أسعار الحديد في مصر قفزات متواصلة في الفترة الأخيرة لم تشهدها الأسواق المحلية من قبل، حتى في "عامي الاحتكار" 2007-2008. وبسبب قفزات أسعار الحديد الأخيرة، تجاوز سعر الطن 12.4 ألف جنيه مقابل نحو ستة آلاف جنيه قبل أشهر، وما إن يلتقط المستهلك أنفاسه حتى يجد نفسه أمام قرار جديد بزيادة الأسعار من قبل مصانع الحديد، وفي مقدمتها شركات أحمد عز، لدرجة أن السوق قد تشهد زيادات عدة في الأسبوع الواحد. ووفقًا لخبراء ومراقبين، فإن هناك مشكلة كبيرة تهدد سوق البناء والتشييد في مصر، خاصة أن الحديد هو الأعلى تكلفة في مواد البناء. وأدت الزيادات المتواصلة في أسعار الحديد منذ شهر يونيو الماضي، إلى حدوث حالة من الركود الشديد داخل سوق العقارات، وتعطّل إنشاء آلاف المساكن والمشروعات، بل وتهديد مشروع الإسكان الاجتماعي الذي تتولّاه الدولة لمصلحة الطبقات الفقيرة والمتوسطة. وأدّت قفزات سعر مواد البناء إلى إفلاس آلاف من شركات المقاولات وتعثّرها ماليا وخروجها من السوق، بعد أن عجزت عن تحمّل التكاليف المتواصلة الناتجة عن زيادة أسعار كل مواد البناء، وفي مقدمتها الحديد والإسمنت، والأخطر هنا هو توقف العمل في أكثر من ثُلثي مشروعات الطرق والإسكان، بحسب تقارير رسمية. كذلك أدت الزيادات إلى حدوث ارتفاع في أسعار الوحدات والمشروعات الجديدة بنسب تصل لنحو 20%، وهي نسبة كبيرة، خاصة مع الأعباء الملقاة على كاهل الأسرة المصرية بسبب زيادة معدلات التضخم إلى أرقام قياسية، وقيام الحكومة بإجراء زيادات عدة في أسعار الكهرباء والوقود والمياه. وبحسب الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام، فإن تحرّك الحكومة كان من المفروض أن يتم في اتجاهات عدة: الأول هو زيادة إنتاج المصانع القائمة، وملاحقة المصانع التي قامت بخفض إنتاج الحديد في الأشهر الماضية، إما بهدف "تعطيش" السوق أو لتقليص تكلفة الإنتاج الزائدة والناتجة عن زيادة سعر البليت؛ وهو الخام المستخدم في صناعة الوقود عالميا، أو بسبب قرارات الحكومة الأخيرة المتعلقة برفع سعر الوقود الذي يعد أحد أبرز بنود التكلفة داخل مصانع الحديد، وقبلها تعويم الجنيه. والثاني: مراقبة الحكومة للأسواق، وفرض رقابة شديدة على المصانع التي ترفع أسعارها أكثر من مرة وبشكل مبالغ فيه، ولا تتناسب مع زيادة تكلفة الإنتاج أو زيادة أسعار البليت عالميا. والثالث: زيادة المعروض من الحديد في السوق عن طريق فتح الباب أمام التجار لاستيراد الحديد من الخارج، إضافة إلى إلغاء رسوم الإغراق المفروضة، تحديدا على الحديد التركي والصيني والأوكراني. لكن الحكومة وبدلا من القيام بهذه الخطوات الضرورية لحماية المواطنين، أصدرت وزارة التجارة والصناعة، قرارا بتمديد فرض رسوم الإغراق المؤقتة على واردات حديد التسليح من الصين وتركيا وأوكرانيا. وبحسب عبد السلام، فإن هذا القرار الصادم في أحد جوانبه، يمثل مناكفة سياسية بين مصر وتركيا، خاصة أن الحديد التركي كان يلقى رواجا شديدا داخل السوق المصرية قبل قرار فرض رسوم الإغراق ووضع قيود على استيراده، لكن الأخطر في القرار الحكومي هو أن الحكومة تركت السوق نهبا للمحتكرين وتحت سيطرة تجار الحديد، وفي مقدمتهم أحمد عز الباحث عن دور سياسي، وأحمد أبو هشيمة الستار الذي يختفي وراء شركاته بيزنس العسكر.