على الرغم من تحركات كبيرة ومكثفة خلال الفترة الماضية من نظام العسكر من أجل زيادة تحويلات المصريين فى الخارج، الذين قد لا تتعدى عقود عمل بعضهم عن عامين أو ثلاثة على الأكثر، إلا أنه سرعان ما ضرب بكل هذا عرض الحائط، من اجل أن يوفر لنفسه مزيد من الأموال التى يصرفها على أسلحته ومرتبات القضاة والجيش والشرطة. وأقدمت في وزارة التموين على حذف المصريين العاملين في الخارج من بطاقات التموين المدعومة من الدولة، وذلك في إطار خطتها لتخفيض عدد المستفيدين من الدعم لتنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي للحصول على باقي دفعات القرض البالغة 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات. وأوضحت وزارة التموين أنها ستقوم بحذف المصريين العاملين في الخارج الذين مرّ على سفرهم عام فأكثر بجانب تنقية جدول الدعم من المتوفين وغير المستحقين للدعم. وقوبلت هذه الخطوة بغضب شديد من أهالي المصريين المقيمين في الخارج والمتواجدين في غالبية النجوع والقرى بالجمهورية، وذلك نظرًا لما قد يتعرضون له من زيادة الأعباء المعيشية خاصة بعد تفاقم الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار مع تراجع قيمة الجنيه وانخفاض مستوى الدخل الذي كان من أحد الأسباب الرئيسة بل الوحيد لسفر المصريين إلى الخارج. وتظاهر العشرات من أهالي مركز المحمودية بمحافظة البحيرة أمام مكتب التموين لاستبعادهم من مستحقي التموين وإلغاء بطاقاتهم التموينية، بعد إعلان وزارة التموين انتهاء المرحلة الأولى من تنقية البطاقات التموينية بحذف 1.2 مليون اسم من المتوفين والمسافرين لأكثر من عام والمكررين. وعلى الرغم من محاولات النظام المتكررة بحث المصريين العاملين في الخارج على دعم الدولة وتحويل الدولار الناتج من عملهم إلى البنوك المصرية لدعم الاقتصاد المصري الذي يمر بأزمة نقص في العملة الأجنبية، إلا أن خبراء قالوا إن هذه الخطوة ستمثل عائقًا أمام تحويل المصريين في الخارج لأموالهم بالدولار، خاصة أنها تقضي على آخر ما يمكن أن يستفيد به هؤلاء المواطنون المغتربون في داخل الدولة بعد أن عجزت الحكومة على توفير العمل المناسب لهم، ومن ثم ستؤثر هذه الخطوة على مستقبل تحويلات المصريين في الخارج. ووفقًا لبيانات البنك المركزي فإن تحويلات المصريين العاملين بالخارج تراجعت خلال العام المالي المنقضي 2015/2016 بمقدار 4.5 مليار دولار. وبلغ صافي تحويلات المصريين العاملين بالخارج حوالي 12.4 مليار دولار مقابل 16.9 مليار دولار خلال العام المالي السابق له 2014/2015. لكنها ارتفعت بنسبة 15.4%، إلى 1.6 مليار دولار في ديسمبر 2016 من 1.4 مليار في ديسمبر 2015. وبهذا يصل إجمالي تحويلات الربع الأخير من 2016 إلى 4.6 مليار دولار بزيادة 11.8%، من 4.1 مليار دولار في الفترة المقابلة من 2015 حسبما ذكر البنك المركزي في بيان. يقول حسام الغايش، الخبير الاقتصادي، إن قرار إعفاء المصريين العاملين بالخارج هو أمر خطير للغاية ويقطع آخر ما يمكن أن تقدمه الحكومة للمواطنين المصريين الذين يعملون في الخارج الساعين لتدبير احتياجاتهم الأساسية، كما أن العاملين بالخارج لم يحصلوا على وظيفة داخل وطنهم، بالإضافة إلى أن تحويلاتهم من العملات الأجنبية تعزز الاحتياطيات النقدية من العملة الأجنبية، وبالتالي دورهم لا يقل عمن هم مقيمون بالداخل. وأضاف الغايش أنه ليس كل العاملين بالخارج أصحاب دخول مرتفعة، فبعضهم بالكاد يحصل على ما يكفيه من مأكل ومشرب دون أن يوفر شيئًا، ولكن من الممكن أن يكون القرار على مَن هم بالخارج وفي حالة اصطحاب أسرهم لأنهم بالتأكيد ليسوا بحاجة إلى سلع تموينية وهم مقيمون خارج الوطن. وأكد أنه سيكون هناك خطأ فادح إذا ما تم تطبيق القرار، فأسر البعض ستكون في حاجة لهذه السلع، خاصة أنه إذا كان رب الأسرة قادرًا على استقدامهم للخارج لكانوا معه خارج البلاد ولكن بالتأكيد أنه لم يستقدمهم نتيجة التكلفة المرتفعة لمعيشتهم خارج البلاد بنفس دخل رب الأسرة.