وضع الرئيس الأمريكي الجديد "دونالد ترامب" عددًا من جنرالات الجيش الأمريكي في قائمة حكومته القادمة ليمنحهم مناصب عليا ، لكن المراقبين يعتقدون أن تعيين هذه النسبة الكبيرة من العسكريين في مناصب عليا يعتبر أمرًا غير طبيعي وغير معقول في عالم السياسة المعاصر ، وهو الأمر دفع الكثير من الدبلوماسيين والمحامين والمسؤولين الرفيعين إلى إبداء تخوفهم من تعيينات "ترامب" المرتقبة ، حيث يعتقد هؤلاء أن "ترامب" يعول كثيرًا على القادة العسكريين لكي يمنح شكلًا جديدًا لسياسات امريكا الأمنية والخارجية في عهده الرئاسي. حيث اختار "ترامب" في الأيام الماضية ، الجنرال المتقاعد "جيمس ماتيس" وزيرًا للدفاع ، والجنرال المتقاعد "مايكل فلين" مستشارًا للأمن القومي ، و"جون كيلي" وزيرًا للأمن الوطني ، و"مايك بومبيو" وهو من خلفية عسكرية وخدم في الجيش في حرب الخليج ، لقيادة وكالة الاستخبارات المركزية، في حين اختار "ستيفن بانون" ، وهو ضابط بحري سابق،كرئيس الاستراتيجية في البيت الأبيض وكبير مستشاريه ، مما جعل الكثيرين يكهنون بوزير الخاريجة في الإدارة الأمريكية الجديدة. ولكن في مفاجأة جديدة ، أعلن "ترامب" أنه قد اختار "ريكس تيلرسون" وزيرًا لخارجيته ،مشيرًا إلى أن "صلابته وخبرته الواسعة وإلمامه بالأمور الجيوسياسية تجعله خيارًا ممتازًا لمنصب وزير الخارجية". وأكد "ترامب" ، في بيان أصدره فريقه الانتقالي ، أن "ريكس تيلرسون" ، الرئيس التنفيذي لشركة "إكسون موبيل" ، سيروج للاستقرار الإقليمي ويركز على المصالح الأساسية للأمن القومي للولايات المتحدة، وسبق لفريق "ترامب" الإشادة ب"تيلرسون" ، ووصفه بأنه رجل أعمال اكتسب خبرته الدبلوماسية من إبرام صفقات مع دول أجنبية لصالح أكبر شركة للطاقة في العالم. وقال مسؤول في الفريق، إن "ترمب" قد اختار "تيلرسون" ، البالغ من العمر 64 عامًا، بعد دعمه عددًا من الجمهوريين وبينهم وزيرا الخارجية السابقان، جيمس بيكر، وكوندوليزا رايس، ووزير الدفاع السابق، روبرت جيتس. ترمب يعلن الاختيار أفاد بيان من مكتب "ترامب" أن "تيلرسون سيكون مدافعًا قويًا عن مصالح أميركا الحيوية ، وسيساهم في تغيير سنوات من السياسة الخارجية السيئة، والأعمال التي أضعفت أمننا ومكانة أميركا في العالم". وقال ترامب في البيان "لا يسعني التفكير بشخص اكثر استعدادًا ومكرسًا بهذا الشكل لأداء الخدمة كوزير للخارجية في هذه الأوقات الحساسة في تاريخنا"، مضيفًا أن "تيلرسون يعرف كيف يدير منظمة ذات بعدٍ عالمي ، وهو ما يعتبر أمرًا مهمًا لإدارة وزارة خارجية ناجحة" ، ومشدداً على أهمية "علاقاته مع قادة في مختلف انحاء العالم". ورحب "ترامب" باختيار أحد أكبر رؤساء المؤسسات في العالم لخلافة الديموقراطي "جون كيري" الذي تولى حقيبة الخارجية منذ فبراير من عام 2013، كما رحبت وزيرة الخارجية السابقة في عهد جورج بوش الابن "كوندليزا رايس" بهذا التعيين، وكذلك وزير الدفاع السابق "روبرت جيتس" الذي خدم في عهدي بوش وأوباما، مؤكدين أن تيلرسون سيمثل خيارًا ممتازًا. وزير الخارجية الجديد ريكس تيلرسون ، هو رجل أعمال أمريكي ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "إكسون موبيل" ، خامس أكبر شركة من حيث القيمة السوقية. كان "تيلرسون" نشطًا في الكشافة الأمريكية ، وحصل على رتبة النسر الكشفية في العام 1965 ، وفي عام 1970، تخرج في مدرسته الثانوية في هانتسفيل بولاية تكساس. حصل "تيلرسون" على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة تكساس في أوستن في العام 1975 ، وانضم لشركة "إكسون" في عام 1975 كمهندس إنتاج ، وفي عام 1989، أصبح المدير العام لقسم الإنتاج المركزي لشركة "إكسون" في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي عام 1995 ، أصبح "تيلرسون" رئيسا لشركة "إكسون" اليمن، وشركة "إسو" للاستكشاف والإنتاج ، وفي عام 1998، أصبح نائب رئيس شركة "إكسون" المشاريع (CIS)، ورئيس شركة "إكسون" Neftegas المحدودة مع المسؤولية عن حيازات "إكسون" في روسيا وبحر قزوين. وفي عام 2004، أصبح رئيس ومدير شركة "إكسون موبيل"، وانتخب "تيلرسون" ، رئيسًا لمجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للشركة، كأعلى سلطة في الإدارة العليا، والمسؤول الأول والأخير عن إدارة الشركة أو المؤسسة. مخاوف من علاقات روسية "تيلرسون" الذي لا يحظى بأي خبرة في السياسة الخارجية، سيواجه بالتأكيد اسئلة صعبة خلال جلسات الاستماع أمام مجلس الشيوخ لتثبيته في منصبه ، وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ، أن "ترمب" استبعد مخاوف أن "تيلرسون" لديه علاقة صداقة قوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ومن ناحيتها ، توقعت صحيفة "وول ستريت جورنال" ، أن يكون منصب مساعد وزير الخارجية من نصيب "جون بولتون" ، السفير الأسبق لدى الأممالمتحدة في عهد جورج دبليو بوش. وقبيل إعلان اختياره ، لقي "تيلرسون" إشادة من المتحدث الصحفي باسم "الكرملين"، دميتري بيسكوف، الذي وصفه بأنه شريك محادثات موضوعي ومحترف، مؤكدًا أن بلاده تأمل في تعاون جيد مع الوزير المقبل بغض النظر عمن سيختاره ترمب لهذا المنصب. وأضاف: "تيلرسون يحمل جائزة روسية حكومية وهي وسام الصداقة الذي يمنح في العادة للأشخاص الذين يسهمون في تطوير التعاون في مجال معين أو في تهيئة علاقات دولية جيدة". يشار إلى أن "تيلرسون" وبوتين تعارفا إبان تسعينيات القرن الماضي عندما كان الأول يشرف على مشروع في جزيرة سخالين ، ووطدا علاقاتهما عندما وصل الثاني إلى سدة الحكم مع استقالة بوريس يلتسين ، أول رؤساء روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي ، وتوجت هذه الصداقة باتفاق تاريخي وقع في العام 2011 بين مجموعة روسنفت الروسية العامة وإكسون موبيل للاستكشاف والتنقيب معا في سيبيريا والقطب الشمالي. وأكد السناتور الجمهوري "مارك روبيو" أن الصداقة مع بوتين ليست صفة اتطلع الى توفرها لدى وزير للخارجية ، مضيفًا أن "على وزير للخارجية أن يرى العالم بأخلاقية عالية بعيدًا عن تضارب المصالح ومع حس كبير لخدمة المصالح الأميركية".