أعلن التلفزيون الكوبى، وفاة المناضل، فيدل كاسترو، عن عمر ناهز التسعين عامًا، وهو ذات الرجل الذى صمد فى وجه أمريكا خمسة وأربعين عامًا، فى الوقت الذى فرضت عليه حصارًا طوال تلك الفترة المذكورة، لكنه رفض وشعبه الرضوخ للتبعية الأمريكية، وقوى نظامة "الشيوعى" على الرغم من انهيار مثليه فى الاتحاد السوفيتى وأوروبا الشرقية. وبينما كانت الأنظمة الشيوعية تسقط حول العالم، نجح الزعيم الكوبي فيدل كاسترو في الحفاظ على الأعلام الحمراء ترفرف على أبواب عدوه الأكبر، الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتعرض "كاسترو" لمحاولات كثيرة من الاغتيالات والقتل ومن التدخلات الأمريكية وتحول الرجل إلى مثال امام بلدان وقيادات أخرى في أمريكا اللاتينية وغيرها. وربما يكون الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز أبرز مثال على اقتفاء أثر كاسترو في سياسة المواجهة والتحدي. وذكرت عدة تقارير استخبارية وغيرها أن الولاياتالمتحدة حاكت أكثر من ستمائة مؤامرة لإغتيال كاسترو. إلا أنه ظل هناك بينما تعاقب على حكم الولاياتالمتحدة تسعة رؤساء. حياته.. رفض الترف وفضل عليها الثورة ولد فيدل كاسترو عام 1926 لعائلة ثرية، بيد أنه تمرد منذ صغره على حالة الترف التي كان يعيشها بعد ما صدم بالتناقض الكبير بين رغد العيش في أحضان عائلته وبين قسوة العيش والفقر في مجتمعه. حمل السلاح ضد الرئيس فالجنسيو باتستا عام 1953 على رأس اكثر من مائة من أتباعه. إلا أن محاولته لأحبطت وسجن هو وشقيقه راؤول، وبعد عامين صدر عفو عن كاسترو الذي واصل حملته لإنهاء حكم باتستا من المنفى في المكسيك، وشكل قوة مقاتلة عرفت بحركة 26 يوليو. وقد اجتذبت مبادئ كاسترو الثورية تأييدا واسعا في كوبا، وتمكنت قواته في عام 1959 من الاطاحة بباتستا الذي أصبح نظامه يرمز إلى الفساد والتعفن وعدم المساواة. وتسلم كاسترو سدة الحكم وسرعان ما حول بلاده إلى النظام الشيوعي لتصبح كوبا أول بلد تعتنق الشيوعية في العالم الغربي. تأميم الشركات الأمريكية فى بلاده ولم تكد الولاياتالمتحدة تعترف بالحكومة الكوبية الجديدة حتى بدأت العلاقات بينها وبين كوبا تتدهور عندما قام كاسترو بتأميم الشركات الأمريكية في كوبا. وفي أبريل عام 1961 حاولت الولاياتالمتحدة إسقاط الحكومة الكوبية من خلال تجنيد جيش خاص من الكوبيين المنفيين لاجتياح جزيرة كوبا. وتمكنت القوات الكوبية في خليج الخنازير من ردع المهاجمين وقتل العديد منهم واعتقال حوالي ألف شخص.
أزمة الصواريخ الأمريكية بعد ذلك بعام واحد بدأت أزمة الصواريخ السوفيتية الشهيرة التي كادت أن تجر العالم إلى حرب ذرية. وبدأت الأزمة عندما وافق كاسترو على نشر صواريخ روسية نووية في بلاده على أعتاب الولاياتالمتحدة. وأصبح كاسترو العدو رقم واحد بالنسبة لأمريكا، واستنادا إلى مذكرات الزعيم السوفيتي آنذاك نيكيتا خروتشوف فقد ارتأى الاتحاد السوفيتي أن ينشر صواريخ بالستية في الجزيرة الكوبية لردع أي محاولة أمريكية لغزوها. وفي اكتوبر عام 1962 اكتشفت طائرات تجسس أمريكية منصات الصواريخ السوفيتية مما جعل الولاياتالمتحدة تشعر بالتهديد المباشر. إلا أن الازمة لم تطل كثيرا في أعقاب توصل الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفييتي إلى تسوية يزيل من خلالها الاتحاد السوفياتي صواريخه مقابل تعهد أمريكي بعدم غزو كوبا والتخلص من الصواريخ الأمريكية في كوبا. وقد أصبح كاسترو أحد النجوم اللامعة في عصر الحرب الباردة. أرسل 15 ألف جندي إلى أنغولا عام 1975، لمساعدة القوات الأنغولية المدعومة من السوفييت. وفي عام 1977 أرسل قوات أخرى إلى أثيوبيا لدعم نظام الرئيس الماركسي مانغستو. الصعود ببلاده رغم التضييق الأمريكى وقد ظل كاسترو يلقي باللوم في المصاعب الاقتصادية التي تواجهها بلاده على الحظر الاقتصادي الذي تفرضه واشنطن على كوبا. وقد أثر انهيار المعسكر الاشتراكي عام 1991 كثيرا على أوضاع كوبا خاصة الاقتصادية إلا أن بعض المحللين يرون أن كوبا تمكنت من التقليل من اثاره. كان كاسترو الذي يعرف بين أفراد شعبه باسم "فيدل" أو "القائد" وقد قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة عام 1961 بعد عملية خليج الخنازير الفاشلة، كما أمم عددا من الشركات الأمريكية التي بلغ مجموع أرصدتها ما يقرب من مليار دولار. إلا أن كوبا عانت من تسرب عدد كبير من الأفراد ورؤس الأموال إلى الخارج، وبدرجة أساسية إلى فلوريدا حيث تعيش هناك جالية كبيرة نسبيا من المناهضين لنظامه. وقد أبقى كاسترو حياته الشخصية شأنا خاصا بشكل عام إلا أن بعض المعلومات عنها أصبحت متوفرة خلال السنوات الأخيرة. * تنوية ننشر الأحد الجزء الثانى من حياة كاستر وتفاصيل محاولات الاغتيال الأمريكية له بعد فشل تركيعه أمامها.