صمد فيدل كاسترو خمسة وأربعين عاما أمام الولاياتالمتحدة وأمام الحصار الاقتصادي الذي فرضته على بلاده، واستمر نظامه حتى بعد أفول ثم سقوط الأنظمة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية. وبينما كانت الأنظمة الشيوعية تسقط حول العالم، نجح الزعيم الكوبي فيدل كاسترو في الحفاظ على الأعلام الحمراء ترفرف على أبواب عدوه الأكبر، الولاياتالمتحدةالأمريكية. كاسترو وأخوه راؤول في صورة لهما عام 2013 وتعرض لمحاولات كثيرة من الاغتيالات والقتل ومن التدخلات الامريكية وتحول الرجل إلى مثال امام بلدان وقيادات أخرى في أمريكا اللاتينية وغيرها. وربما يكون الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز أبرز مثال على اقتفاء أثر كاسترو في سياسة المواجهة والتحدي. وذكرت عدة تقارير استخبارية وغيرها ان الولاياتالمتحدة حاكت اكثر من ستمائة مؤامرة لاغتيال كاسترو. الا انه ظل هناك بينما تعاقب على حكم الولاياتالمتحدة تسعة رؤساء. الطريق نحو الثورة ولد فيدل كاسترو عام 1926 لعائلة ثرية، بيد أنه تمرد منذ صغره على حالة الترف التي كان يعيشها بعد ما صدم بالتناقض الكبير بين رغد العيش في أحضان عائلته وبين قسوة العيش والفقر في مجتمعه. حمل السلاح ضد الرئيس فالجنسيو باتستا عام 1953 على رأس اكثر من مائة من أتباعه. الا ان محاولته احبطت وسجن هو وشقيقه راؤول. وبعد عامين صدر عفو عن كاسترو الذي واصل حملته لإنهاء حكم باتستا من المنفى في المكسيك. وشكل قوة مقاتلة عرفت بحركة 26 يوليو. وقد اجتذبت مبادئ كاسترو الثورية تأييدا واسعا في كوبا. وتمكنت قواته في عام 1959 من الاطاحة بباتستا الذي أصبح نظامه يرمز الى الفساد والتعفن وعدم المساواة. تسلم كاسترو سدة الحكم وسرعان ما حول بلاده الى النظام الشيوعي لتصبح كوبا اول بلد تعتنق الشيوعية في العالم الغربي. كاسترو مع زعيم جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا عام 2001 العداء الأمريكي لم تكد الولاياتالمتحدة تعترف بالحكومة الكوبية الجديدة حتى بدأت العلاقات بينها وبين كوبا تتدهور عندما قام كاسترو بتأميم الشركات الامريكية في كوبا. وفي ابريل نيسان عام 1961 حاولت الولاياتالمتحدة إسقاط الحكومة الكوبية من خلال تجنيد جيش خاص من الكوبيين المنفيين لاجتياح جزيرة كوبا. وتمكنت القوات الكوبية في خليج الخنازير من ردع المهاجمين وقتل العديد منهم واعتقال حوالي الف شخص. بعد ذلك بعام واحد بدأت ازمة الصواريخ السوفيتية الشهيرة التي كادت ان تجر العالم الى حرب ذرية. وبدأت الأزمة عندما وافق كاسترو على نشر صواريخ روسية نووية في بلاده على أعتاب الولاياتالمتحدة. واصبح كاسترو العدو رقم واحد بالنسبة لأمريكا. واستنادا الى مذكرات الزعيم السوفيتي آنذاك نيكيتا خروتشوف فقد ارتأى الاتحاد السوفيتي أن ينشر صواريخ بالستية في الجزيرة الكوبية لردع اي محاولة امريكية لغزوها. وفي اكتوبر تشرين اول عام 1962 اكتشفت طائرات تجسس امريكية منصات الصواريخ السوفيتية مما جعل الولاياتالمتحدة تشعر بالتهديد المباشر. الا أن الازمة لم تطل كثيرا في أعقاب توصل الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفييتي الى تسوية يزيل من خلالها الاتحاد السوفياتي صواريخه مقابل تعهد امريكي بعدم غزو كوبا والتخلص من الصواريخ الامريكية في تركيا. وقد أصبح كاسترو أحد النجوم اللامعة في عصر الحرب الباردة. أرسل 15 ألف جندي إلى أنغولا عام 1975، لمساعدة القوات الانغولية المدعومة من السوفييت. وفي عام 1977 أرسل قوات أخرى إلى اثيوبيا لدعم نظام الرئيس الماركسي مانغستو. وقد ظل كاسترو يلقي باللوم في المصاعب الاقتصادية التي تواجهها بلاده على الحظر الاقتصادي الذي تفرضه واشنطن على كوبا. وقد اثر انهيار المعسكر الاشتراكي عام 1991 كثيرا على اوضاع كوبا خاصة الاقتصادية إلا أن بعض المحللين يرون أن كوبا تمكنت من التقليل من اثاره. كاسترو مع نجم الكرة دييغو مارادونا عام 2005 حياته الخاصة كان كاسترو الذي يعرف بين أفراد شعبه باسم "فيدل" أو "القائد" قد قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة عام 1961 بعد عملية خليج الخنازير الفاشلة، كما أمم عددا من الشركات الأمريكية التي بلغ مجموع أرصدتها ما يقرب من مليار دولار. إلا أن كوبا عانت من تسرب عدد كبير من الأفراد ورؤس الأموال إلى الخارج، وبدرجة اساسية إلى فلوريدا حيث تعيش هناك جالية كبيرة نسبيا من المناهضين لنظامه. وقد أبقى كاسترو حياته الشخصية شأنا خاصا بشكل عام إلا أن بعض المعلومات عنها أصبحت متوفرة خلال السنوات الأخيرة. منها أنه تزوج عام 1948 من ميرتا دياز- بالارت التي أنجبت له ابنه الأول فيديليتو. وقد انفصل الاثنان فيما بعد بالطلاق. وفي عام 1952 التقى كاسترو بناتي ريفلتا، الزوجة السابقة لطبيب وأقامت معه وأنجتب له ابنة هي ألينا عام 1956. وفي عام 1957 التقى بسيليا سانشيز اتي قيل إنها الرفيقة الأساسية لحياته وقد ظلت معه إلى أن توفيت عام 1980. وفي الثمانينيات تزوج كاسترو من داليا سوتو ديل فال، التي أنجبت له 5 أبناء.