محكمة النقض تعيد طلب إدراج 1526 متهما على قائمة الإرهابيين إلى الجنايات لنظره من جديد    بالخطوات.. طريقة الحصول على نتيجة الشهادة الابتدائية 2024    رئيس الوزراء يختتم جولته في بني سويف بتفقد القرية التكنولوجية    «معلومات الوزراء» يعلن أجندة وبرنامج عمل مؤتمره العلمي السنوي بالتعاون مع جامعة القاهرة    غضب عارم ضد حكومة نتنياهو.. ووزير يرفع السلاح في وجه المتظاهرين    حماس تستهدف مروحية إسرائيلية من طراز "أباتشي" بصاروخ "SAM 7"    لافروف: روسيا مفتوحة للحوار مع الغرب، لكن أوروبا لن تكون شريكًا لروسيا خلال جيل    فتح: مصر تصدت لمحاولة تهجير الشعب الفلسطيني إلى سيناء    المعارضة الإسرائيلية: على جانتس الاستقالة اليوم    مسئول فلسطيني يُحذر من تداعيات إغلاق معبر رفح بسبب سيطرة الاحتلال    قائمة بيراميدز لمواجهة الإسماعيلي في الدوري المصري    مباراة الليلة (0 - 0) الأهلي ضد أبها.. رابط بث مباشر الدوري السعودي 2024    كوكا يقود تشكيل ألانيا أمام سامسون سبور في الدوري التركي    رسميًا.. إشبيلية يعلن رحيل مدربه بنهاية الموسم    ضبط شخص فى الغربية يدير كيان تعليمى وهمى يمنح شهادات دراسية مزورة    مذكرة قواعد اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي 2024.. لا يخرج عنها الامتحان    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم توكتوك مع ميكروباص في المنيا    بداية من 10 يونيو.. السكة الحديد تعلن مواعيد تشغيل القطارات الإضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    القومي للمرأة يشارك في افتتاح مهرجان ايزيس الدولي لمسرح المرأة    تاني تاني.. تغيير جلد ل غادة عبد الرازق وأحمد آدم    4 نصائح للسيطرة على مرض السكري بشكل طبيعي    العلاج على نفقة الدولة.. صحة دمياط تقدم الدعم الطبي ل 1797 مواطن    معلومات عن متحور كورونا الجديد FLiRT .. انتشر أواخر الربيع فما أعراضه؟    عدد من طلاب الكلية الحربية يزورون مستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    نجم الترجي السابق ل «المصري اليوم»: إمام عاشور قادر على قلب الطاولة في أي وقت    وزير التعليم: حريصون على بذل الجهود لدعم التمكين الحقيقي للأشخاص ذوي القدرات الخاصة    صابرين تؤكد ل«الوطن»: تزوجت المنتج اللبناني عامر الصباح منذ 6 شهور    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. علي جمعة يوضح    هل مواقيت الحج والعمرة ثابتة بالنص أم بالاجتهاد؟ فتوى البحوث الإسلامية تجيب    «التمريض» تطلب من وزير المالية إعادة النظر في الدعم المقدم للفرق التمريضية    اليوم ختام رايز أب 2024 بحضور رئيس الوزراء    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    بعد الانخفاضات الأخيرة.. أسعار السيارات 2024 في مصر    مسؤولو التطوير المؤسسي بهيئة المجتمعات العمرانية يزورون مدينة العلمين الجديدة    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    السفيرة سها جندي تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    انطلاق امتحانات نهاية العام 2024 ب«أعمال الإسكندرية».. وعميد الكلية يتفقد اللجان (صور)    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    وزير الري يلتقي سفير دولة بيرو لبحث تعزيز التعاون بين البلدين في مجال المياه    وُصف بالأسطورة.. كيف تفاعل لاعبو أرسنال مع إعلان رحيل النني؟    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    "الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف".. افتتاح متحف الفن الإسلامي في القاهرة    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصواريخ الروسية في كوبا
نشر في محيط يوم 24 - 08 - 2008

الصواريخ الروسية في كوبا


* محمد خليفة

جعلت أمريكا من مكافحة الشيوعية الأقنوم الأول في سياستها الخارجية ، وكانت قاعدتها الأساسية إبقاء الاتحاد السوفيتي خارج النفوذ في العالم ، وذلك عن طريق إذكاء خطر الماركسيين والماركسية ، وخطر المرتكزات الفلسفية والإيديولوجية لهذا النهج النظري والنقدي من أجل السيطرة على الأحداث وإسعار الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ، بعد أن تمكّن هذا الأخير من امتلاك قنبلة ذرية عام 1949 . فقد أصبحت قوته مكافئة للقوة الأمريكية التي كانت تتفوّق عليه قبل ذلك .

واتجهت الدولتان إلى صنع الصواريخ المزوّدة بالرؤوس النووية بهدف نشرها على خطوط التماس بينهما في قارة أوروبا ، والمحيط الهادئ ، والقطب الشمالي . وكانت أمريكا اللاتينية تخضع لهيمنة الولايات المتحدة ، وفي جميع دولها حكومات موالية لها .

وفي جزيرة كوبا القريبة من ولاية فلوريدا الأمريكية ، كان هناك نظام ديكتاتوري يقوده باتيستا المدعوم أمريكياً . وفي عام 1959 ، تمكّن الثوّار الشيوعيون بقيادة فيدل كاسترو من إلحاق هزيمة منكرة بجيش باتيستا وخضعت كوبا لهم . وكان انتصار ثورة كاسترو حدثاً هاماً يختلف عن كل الثورات التي حدثت في أمريكا اللاتينية ، لأن كاسترو كان متحمّساً للمبادئ الشيوعية وموالياً للاتحاد السوفيتي . ولذلك كان أول عمل أقدم عليه هو التحالف مع هذا الاتحاد وإقامة علاقات دبلوماسية معه .

وقد أثار هذا التحالف حفيظة الولايات المتحدة ، لأنها تعتبر كوبا من المناطق الحسّاسة بالنسبة لأمنها بسبب قُربها منها ، فنشب خلاف بين أمريكا وبين الاتحاد السوفيتي ونظام كاسترو ، خاصة أن كاسترو بدأ يتدخّل في شؤون دول أمريكا اللاتينية محاولاً تصدير الثورة الشيوعية إليها .

وازداد نشاطه في كل من جمهورية الدومينيكان ، وهاييتي ، ونيكاراجوا ، وبنما ، وفنزويلا ، وكولومبيا ، وغيرها ، من خلال الاتصال بالعناصر الشيوعية في هذه الدول ومدّها بالمال والسلاح . وعقد كاسترو معاهدة تجارية مع الاتحاد السوفيتي عام 1961 ، نصّت على التزام الحكومة السوفيتية بمدّ كوبا بما تحتاجه من النفط وغيره من المواد التي تفتقر بلاده إليها .

ومن ثم عقد ، في نفس العام ، صفقات أسلحة مع الاتحاد السوفيتي ومع بعض الدول الشيوعية الأخرى . وكانت الولايات المتحدة تراقب ما يجري في كوبا بقلق وتأهّب ، وعقدت عزمها على سحق تلك الثورة الشيوعية قبل أن يستفحل أمرها في أمريكا اللاتينية .

وبدأت باتخاذ قرار اقتصادي كفاتحة حرب ضد كوبا ، وهو عدم استيراد السُكّر منها . وردّ كاسترو باتخاذ قرار بتأميم أموال الولايات المتحدة في كوبا ، وكانت هذه الأموال تبلغ مليار دولار . فردّت الحكومة الأمريكية بإصدار قرار بفرض المقاطعة التجارية على كوبا ، وقطعت العلاقات الدبلوماسية معها ، وفتحت باب الهجرة إلى الولايات المتحدة لأعداء كاسترو وخصومه السياسيين .

ووجد الاتحاد السوفيتي في كوبا الشيوعية فرصة لتقريب الحرب الباردة من الحدود الأمريكية وتضييق الخناق على الولايات المتحدة ، فقرر السوفييت إقامة قواعد عسكرية في كوبا . وفي عام 1961 ، بدأوا بإرسال شحنات ضخمة من الصواريخ النووية المتوسطة المدى ، ومن الطائرات المقاتلة من نوع "ميج 21" ، ومن الطائرات الحاملة للقنابل الذرية ، والطائرات المهاجمة ، وأصبحت مدن الجنوب الأمريكي في مرمى الصواريخ والطائرات السوفيتية . وعلمت الاستخبارات الأمريكية بخطة السوفييت تلك ، فأعلن الرئيس الأمريكي آنذاك ، جون كينيدي ، أن أمريكا تواجه أخطر تحدٍّ لها في الحرب الباردة خلال السنوات العشر الأخيرة .

ومن ثم هدد السوفييت بالحرب إن لم يسحبوا قواعدهم من كوبا ، وكاد العالم أن يقع في أتون حرب نووية كبرى لا أحد يعلم كيف ستنتهي . وقد أدرك السوفييت جديّة الموقف الأمريكي ، عند ذلك أعلن الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشيف في أواخر أكتوبر من عام 1961 ، تراجع الاتحاد السوفيتي عن إقامة قواعد عسكرية في كوبا مقابل تعهّد الأمريكيين بعدم مهاجمة كوبا ، وأصدر أمراً بسحب الصواريخ والطائرات الموجودة هناك .

وعلى الرغم من أن هذا التراجع السوفيتي قد جنّب العالم ويلات حرب نووية ، إلاّ أنه كان ضعفاً من السوفييت أمام الولايات المتحدة . وقد تزعزعت ثقة الدول الشيوعية ، ولاسيما الصين ، بالاتحاد السوفيتي ، وأدرك العالم أجمع أن الولايات المتحدة هي القوة العالمية الأولى . ومن ذلك التراجع بدأ مسلسل الانهيار في الاتحاد السوفيتي إلى أن بلغ الذورة عام 1991 .

ولعل أبلغ درس يمكن استخلاصه من الأزمة الكوبية ، هو أن الدولة التي تُقدِم على فعل معيّن ، ينبغي ألا تتراجع لأن عواقب التراجع أبلغ من عواقب أي موقف آخر . لكن التاريخ قد يعيد نفسه .. فروسيا تسعى الآن إلى نشر صواريخ في كوبا رداً على اعتزام الولايات المتحدة نشر درعها الصاروخي بالقرب من الحدود الروسية .

ولا يقتصر المسعى الروسي على كوبا الراغبة في استعادة علاقاتها التقليدية معها في شتى المجالات ، بل يشمل أكثر من دولة من أمريكا اللاتينية التي تعتبرها منطقة جيوستراتيجية بالغة الأهمية بالنسبة لمصالحها الأمنية والاقتصادية . ولن تغضّ واشنطن الطرف عن الوجود الروسي على حدودها ، ولن يبقى أمامها هذه المرّة إلاّ مساومة موسكو على درعها الصاروخي أو دخول علاقات البلدين في مرحلة جديدة من التوتر ...

** كاتب من الإمارات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.