يستند الاحتلال الصهيوني في تبرير وجوده إلى فلسفه ذرائعية وأسطورة دينية، باعتماد سياسة الأمر الواقع التي تساندها القوة العسكرية، لذلك قامت الحركة الصهيونية بارتكاب جريمة بطرد السكان الفلسطينيين من أماكن سكناهم حتى لا يشكلوا عائقًا أمام حركة الاستيطان الصهيونية. تعتبر إقامة المستوطنات في القانون الدولي بفروعه ، بالإضافة إلى نقل سكان الدول المحتلة إلى الإقليم المحتل ، مناقضة لكل المبادئ الدولية وميثاق الأممالمتحدة ، وجوهر الميثاق في هذه الحالة "يحظر على المحتل توطين سكانه في الأراضي المحتلة"، وهو ما أعادت التأكيد عليه العديد من قرارات الشرعية الدولية سواء في ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي أو الجمعية وقد صدرت مجموعة من القرارات الشرعية الدولية بتأكيد ذلك وإنكار أي صفة قانونية للاستيطان أو الضم، وتطالب بإلغائه وتفكيك المستوطنات بما في ذلك الاستيطان بالقدس. وبالرغم من هذا ، فإن الكيان الصهيوني يصمم على إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة على الرغم من مخالفتها للقانون الدولي وللشرعية الدولية، حيث أن الفكر الصهيوني الاستيطاني قد اعتبر الأرض أحد أركانه الأساسية لمشروعه السياسي، وذلك من خلال استجلاب اليهود من بلدانهم الأصلية وإحلالهم محل الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية وذلك بإتباعها كافة الأساليب في سبيل تحقيق غايتها بالسيطرة على الأرض وإفراغ سكانها منها. في إطار السياسة التي اتبعتها حكومة الاحتلال لتهويد مدينة القدس منذ احتلالها من خلال إحاطتها بالمباني والمستوطنات التي شكلت جدارًا محكم الإغلاق، يهدف إلى خنق سكانها ودفعهم إلى الرحيل من جهة، ومنع فلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول إلى المدينة والتواصل معهم من جهة أخرى. ونتابع فى التقرير الخامس والأخير من الملف الخاص التى تفتحه الشعب عن الاستيطان فى القدس ، المستوطنات والقدس في ضوء القانون الدولي. الكيان الصهيوني يخالف كل المعاهدات الدولية التى وقع عليها بشأن الاستيطان كما ذكرنا سابقًا فإن سلطات الاحتلال قامت في 13 سبتمبر عام 1948، بإعلان القدس عاصمة لها, وبعد حرب الأيام السته قررت ضم القدسالشرقية لها ، وبعد ذلك بأقل من أسبوعين منح الكنيست الإسرائيلي، الحكومة الصهيونية الصلاحية بإنفاذ القانون الخاص بها على القدس المضمومة. وفي عام 1969 ، تحركت أولى العائلات الصهيونية للاستيطان والسكن في مستوطنة رامات اشكول ب"القدسالشرقية" ، حتى وصل عدد المستوطنين في مستوطنات القدسالشرقية عام 1979 إلى خمسين ألف مستوطن.. وفي 30 يونيو عام 1980، مرر الكنيست قانونًا يعتبر القدس الموحدة بشطريها الشرقي و الغربي عاصمة الكيان الصهيوني الموحدة و غير قابلة للتقسيم ، حتى أصبح في عام 1993، عدد المستوطنين الصهاينة في شرقي القدس أكبر من عدد سكان المدينةالفلسطينيين.
ومما سبق ، يتضح لنا أن الاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية والعربية وفي القدس بشكل خاص ، واحدة من أكثر المشاكل تهديدًا للسلام وأن سياسة الكيان الصهوني في زرع المستوطنات تشكل عائق رئيس يقف في طريق أيجاد حل لمشكلة القضية الفلسطينية برمتها. فإقامة المستوطنات يعتبر في القانون الدولي بفروعه بالإضافة إلى نقل سكان الدول المحتلة إلى الإقليم المحتل مناقض لكل المبادئ الدولية وميثاق الأممالمتحدة ، كما تتمثل في الاعتماد على اتفاقية جنيف لحماية السكان المدنيين في زمن الحرب، والتي تم توقيعها من قبل 58 دولة عام 1949م من بينها الكيان الصهيوني ، التي "حرمت على أية سلطة احتلال، الشروع في ممارسات الطرد الفردي أو الجماعي للسكان الأصليين وفرض العقاب الجماعي وتخريب الممتلكات العامة، والخاصة" حول قواعد القانون الدولي بشأن الاحتلال العسكري، فإن هذه القواعد لا تخول دولة الاحتلال إلا سلطات محدودة من أجل تمكينها من إدارة الإقليم الخاضع لها. وهذا يعني ضمنيًا بطلان أي إجراءات تشريعية أو إدارية تقوم بها سلطات الاحتلال لتغيير الأمر الواقع في الإقليم المحتل، وهو ما ينطبق بطبيعة الحال على الوضع في مدينة القدس. في الوقت نفسه، ركزت المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة على حماية الحالة الديموجرافية الراهنة لسكان الأراضي الخاضعة للاحتلال، وكذلك ما نص عليه ميثاق لاهاي لعام 1970 ،والمتعلق بالأراضي المحتلة والذي يؤكد على:- - عدم مصادرة أي قطعة أرض عامة أو خاصة مصادرة دائمة، حيث يمكن استخدامها فقط لفترة مؤقتة. - عدم إقامة أي مستوطنة على أي أرض عامة أو خاصة بصورة دائمة. - إذا ما استخدمت الأراضي الخاصة فإن ملكيتها تبقى باسم أصحابها ويدفع لهم بدل أجرة خلال فترة استخدامها. - إذا ما استخدمت الأراضي العامة، فإن استخدامها يكون مؤقتا بشرط ألا تتغير معالمها. - إن المواقع المشروعة التي تقام على الأراضي المحتلة هي تلك التي يحتاجها الجيش المحتل بصورة ضرورية لأمنه". ميثاق الأممالمتحدة.. خلق القوة لا يُكسب حقًا ومن جهة أخرى، نرى أن ميثاق الأممالمتحدة يفصل سلسلة طويلة من المحظورات المفروضة على قوة الاحتلال ، بحيث "يحظر على المحتل توطين سكانه في الأراضي المحتلة"، وهو ما أعادت التأكيد عليه العديد من قرارات الشرعية الدولية سواء في ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العمومية، وبالتالي فإن خلق الأمر الواقع بالقوة لا يمكن أن يكسب حقًا. وقد أصرت مجموعة من القرارات الشرعية الدولية التي صدرت على مدار السنوات السابقة حتى تاريخه، على إنكار أي صفة قانونية للاستيطان أو الضم، وتطالب بإلغائه وتفكيك المستوطنات بما في ذلك الاستيطان بالقدس. ومنذ عام 1967 وحتى اليوم صدرت قرارات لمجلس الأمن من أهمها:- - القرار رقم 446 لسنة 1979 الذي أكد أن الاستيطان ونقل السكان اليهود للأراضي الفلسطينية غير شرعي. - القرار رقم 452 لسنة 1979 ويقضي بوقف الاستيطان حتى في القدس وبعدم الاعتراف بضمها. - القرار رقم 465 لسنة 1980 الذي دعا إلى تفكيك المستوطنات. - القرار رقم 478 لسنة 1980. وكذلك قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أدانت الاستيطان الصهوني، ومن أهمها:- - القرار رقم 2851 لسنة 1977. - القرار رقم 42/160 لسنة 1987. - القرار رقم 44/48 لسنة 1989. - القرار رقم 45/74 لسنة 1990. - القرار رقم 46/47 لسنة 1991. - القرار رقم 46 لسنة 1991. الاستيطان.. انتهاك صارخ لحقوق الإنسان باختصار، يشكل الاستيطان الصهيوني انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان في فلسطين وذلك من خلال مصادرة للممتلكات وهدم المنازل وطرد الأشخاص ونقلهم إلى أماكن أخرى، حيث تشكل السياسة الاستيطانيةالصهيونية خرقًا واضحًا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، والذي يؤكد على عدم جواز "تجريد أحد من ملكه تعسفًا" غير أن هذا النص غير قابل للتطبيق بالنسبة للفلسطينيين الذين يكونون عرضة لمصادرة ممتلكاتهم وأراضيهم لإقامة المستوطنات عليها. ومن جهتها تنطوي هذه السياسة الاستيطانية على خرق واضح لمبادئ المساواة التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, والتمييز بين السكان اليهود والمسلمين والمسيحيين، حيث يخضع سكان المستوطنات اليهود إلى قانون ومحاكم خاصة بهم تختلف تمامًا عما يخضع له المواطنون الفلسطينيون. لقد بات ملف الاستيطان في القدس بآثاره السياسية والأمنية هو أحد العناصر الهامة في الإجماع الصهيوني ، فقضية توحيد المدينة وبقائها عاصمة الدولة والتوسع الاستيطاني بها ليست موضوع نقاش بين التيارات السياسية المختلفة. وقد تبين أن تأجيل المفاوضات حول وضع القدس النهائي إلى جانب قضايا الاستيطان واللاجئين والحدود ومسائل أخرى في اتفاقيات أوسلو إلى المفاوضات النهائية في صالح الجانب الصهيوني في كل الظروف والحالات ، فقد استطاعت حكومة الاحتلال حتى توقيع اتفاقيات أوسلو وما تلاها فرض واقع استيطاني وجغرافي يعرقل أي اتفاق حول تقاسم المدينة.