في صبيحة يوم الخميس 21 اغسطس عام 1969 وفى تمام التاسعة صباحًا تم إحراق المسجد الأقصى المبارك، مما أدى إلى الحاق أضرار كبيرة بالقسم الجنوبي من المسجد الأقصى المعروف "بمبنى المسجد الأقصى"، وبلغت نسبة الجزء المحترق حوالي 1500م من أصل 4400م وهي مساحة المبنى الكلية. التدمير كما دمر الحريق منبر صلاح الدين ومسجد عمر ومحراب زكريا ومقام الأربعين وثلاثة أروقة من الأعمدة ممتدة من الجنوب شمالاً داخل المسجد الأقصى، والأقواس ودمر السقف وأجزاء من القبة الخشبية الداخلية و48 شباكاً من الجبس والزجاج الملون واحترقت مفروشاته من الزجاج وأتت النيران على مجسم لسورة الإسراء مصنعوعة من الفسيفساء، وسقط سقف المسجد على الارض نتيجة الاحتراق وسقط عامودان رئيسيان مع القوس الحامل للقبة وتضرر المحراب والجدران الجنوبية. كذب الكيان الصهيوني ادعت دولة الاحتلال حينئذ أن الحريق ناتج عن عطل كهربائي، فقامت شركة كهرباء القدس بإجراء تحقيق فني وأعلنت عن سلامة الشبكة، ونفت أي علاقة بين الكهرباء والحديث وجرى مؤتمر صحفي عقده الشيخ حلمي المحتسب رئيس الهيئة الإسلامية بالقدس عرض فيه النقاط التالية: 1- إن الحريق متعمد وليس طبيعي وليس من جراء التيار الكهربائي. 2- إن مياه البلدية لدى سلطات الاحتلال قطعت من البلدة القديمة والمناطق المحيطة بالأقصى فور ظهور الحريق. 3- إن سيارات الأطفاء التابعة لبلدية سلطات الاحتلال تأخر وصولها ومباشرتها عملية الإطفاء. 4- إن الذي أسهم في إخماد الحريق هو وصول سيارات إطفاء بلديتي رام الله والخليل. واتضح من تقارير المهندسيين العرب، أن الحريق شب في موضعين اثنين في وقت واحد، الأول عند المنبر، وقد أتى عليه برمته، والثاني عند السطح الجنوبي الشرقي للمسجد، وأتى على على سقف ثلاثة أروقة وعلى جزء كبير من هذا القسم وكانت المسافة بين موقعي الحريقين لا تقل عن مائتي متر. تواطؤ الاحتلال وهذه التحقيقات دفعت سلطات الاحتلال إلى الإعلان في 23 اغسطس عام 1969 عن اعتقال منفذ الحريق وهو مستوطن صهيوني أسترالي دخل إلى فلسطينالمحتلة قبل شهرين من الحريق ويدعى "دينيس مايكل وليم روهان" الذي قال لدى اعتقاله أن ما قام به كان بموجب نبوءة في سفر زكريا مؤكداً أن ما فعله هو واجب ديني كان ينبغي عليه فعله، وأعلن أنه قد نفذ ما فعله كمبعوث من الله . اعترافات المنفذ واعترف روهان أنه أدخل يوم الخميس كميات كبيرة من مواد شديدة الاشتعال إلى داخل المنبر، وقام بصبها على المنبر وفي محيطه. وأوضحت تقارير المهندسين العرب أن الدراسة الفنية تبين أنه اشترك في الحريق أكثر من شخص خاصة أن اشتعال النار وقع في موقعين في الأقصى في الوقت ذاته.. وأعلنت سلطات الاحتلال فيما بعد أن هذا الشاب معتوه، وحاكمته أمام وسائل الإعلام، وحكمت عليه صورياً ثم نقلته إلى مصحة للأمراض العقلية، ثم وجد في المستعمرة التي كان يعمل بها قبل اعتقاله14. ردود الفعل العربي والعالمي على أثر هذه الحادثة، ثار الفلسطينيون وتتابعت المواجهات العنيفة مع قوات الاحتلال، وضجت الشعوب العربية والإسلامية، مما دفع حكام المسلمين إلى التنادي للاجتماع في قمة إسلامية عاجلة، وقد عقدت في المغرب، وكان من نتائجها تشكيل منظمة المؤتمر الإسلامي، وكان من نتائجها تشكيل لجنة القدس التي ترأسها الملك الحسن الثاني. وفي 15/9/1969 صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 271 الذي عبر فيه حزنه للضرر البالغ الذي ألحقه الحريق بالمسجد الأقصى، واعترف فيه أن هذه الأعمال يمكن أن تهدد بشدة الأمن والسلام الدوليين. والجدير بالذكر أن الدول الأعضاء في المجلس في تلك الجلسة هي 15 دولة صوت منها 11 لصالح القرار وهي: الجزائر- الصين- فرنسا- المجر- نيبال- باكستان- السنغال- أسبانيا- الاتحاد السوفياتي- المملكة المتحدة- زامبيا، بينما امتنعت كل من: أمريكا و كولومبيا وفنلندا وباراغواى عن التصويت. الاحتلال.. شريك فى الجريمة ملبسات الحريق تثبت فعلياً أن هناك جهة كبرى تقف وراء الموضوع، ف"روهان" الذي قيل أنه نفذ جريمة الإحراق اعترف أنه أدخل كميات كبيرة شديدة الاشتعال إلى داخل المسجد الأقصى يدفعنا اعترافه إلى طرح السؤال التالي وهو كيف استطاع هذا الرجل إدخال هذه الكميات من المواد المشتعلة إلى داخل المسجد الأقصى؟ وكيف استطاع أن يمر من أمام نقاط التفتيش التابعة للشرطة الإسرائيلية والتي تحيط بالمسجد من جميع الجهات؟ والتي تقوم في العادة بإيقاف المسلمين الذين يدخلون للصلاة دون أن يكون لهم في أيديهم شيء، وأحياناً كثيراً تقوم بتفتيشهم جسدياً، فلماذا لم يتم إيقاف شخص غير مسلم يدخل إلى مسجد إسلامي في وقت مبكر لا يأتي فيه أحد من المستوطنين عادة، وهو إضافة إلى ذلك يحمل كميات من المواد المشتعلة؟ ثم أن عدداً كبيراً من الشهود المسلمين الذين شاركوا في إطفاء الحريق، أكدوا أنهم وجدوا الماء مقطوعاً عن المسجد وعن محيطه العمراني القريب، ولولا وجود آبار ماء داخل ساحة المسجد الأقصى ساعدت على الحصول على القليل من الماء بوسائل يدوية بدائية، لكانت خسائر هذا المسجد أكبر بكثير مما كانت عليه، ومعلوم أن بلدية الاحتلال في القدس هي التي تتحكم في توزيع المياه. ثم أن جميع المشاركين في إطفاء الحريق أكدوا أن سيارات الإطفاء التابعة لبلدية القدس لم تصل إلى موقع الحريق إلا بعد أن تمت السيطرة عليه، وبعد أن وصلت سيارات إطفاء رام الله وبيت لحم والخليل، وهي تحتاج إلى أكثر من ساعتين لوصول موقع الحريق، في حين كان بإمكان سيارات الاحتلال أن تصل من داخل القدس خلال دقائق لو أردت ذلك، وقد تذرعت إسرائيل بأن الذي أخر وصول سيارات إطفاء القدس هو وجود المظاهرات العربية في شوارع المدينة، إضافة إلى هذا كله ما سبق وأن ذكرناه من تضارب الوايات الإسرائيلية وتناقضها وكذبها فإن وضعنا هذه الأجزاء إلى جانب بعضها البعض تتضح صور المؤامرة، وتتضح صورة الفاعل الحقيقي لهذه الجريمة.