عامين فقط، هم حصاد مر لانقلاب عبدالفتاح السيسى على الصندوق، واعتلائه حكم البلاد وبدأ مخططه فى رفع المعاناة على المواطن المصرى، والوطن أيضًا، فمن غلاء الأسعار إلى التنازل عن الأرض وموارد الدولة من الغاز، مع الكيان الصهيونى واليونان. ورغم الوعود البراقه وآلته الإعلامية التى لا تتوقف عن سرد انجازاته الوهمية، إلا أن الواقع الاقتصادى يكشف انهيار وتبخر وعوده الهلامية، مما يكشف منهجية السيسى فى الحكم القائمة على التجريف والتوريط. التنازل عن موارد البلاد| 330 مليار دولار قيمة حقول الغاز التى تركها للكيان واليونان الدكتور أشرف دوابه، يقول فى مقاله المنشور بموقع العربى الجديد، أن تجريف البلاد بات واضحًا من خلال سعى عبدالفتاح السيسى، قائد الانقلاب العسكرى، لفك عقدة الشرعية وبأى ثمن، فقد عمد إلى اهدار ثروات وموارد البلاد، حيث تنازل عن ثلاثة حقول غاز في المياه الإقليمية المصرية بالبحر الأبيض المتوسط لقبرص واليونان وإسرائيل تقدر قيمتها بنحو 330 مليار دولار. تنازل عن مياه النيل والجزيريتين للسعودية كما أهدر حق مصر التاريخى في مياه النيل لصالح إثيوبيا بتوقيعه على وثيقة إعلان المبادئ بذات الخصوص طمعا فى العودة للاتحاد الإفريقى، كما تنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للسعودية طمعا فى مزيد من الأرز الخليجى. الجيش هو الاقتصاد المصرى دون غيره واستمر التجريف لاقتصاد الدولة من خلال عسكرة الاقتصاد، حتى أصبح الجيش هو اللاعب الوحيد والمحرك له، بدلا من حمايته الحدود وحفظه الثغور، وتم تعديل البنية التشريعية لتكون خادمة لهذا الهدف ، فتم تعديل قانون المناقصات لإسناد المشروعات بالأمر المباشر للجيش، مع حظر الطعن من طرف ثالث على العقود المبرمة، وتم السماح لوزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة التابعة لهما والمخابرات العامة تأسيس شركات حراسة المنشآت ونقل الأموال، ومن ثم السعى لتحويل الجيش والشرطة إلى وحدات من المرتزقة. وكذلك السماح للقوات المسلحة بتأسيس وإنشاء شركات بمفردها أو بالمشاركة مع رأس المال الوطنى أو الأجنبى، وهو ما زاحم القطاع الخاص وأدى لتصفية العديد من الشركات. رفع الدعم| نار الأسعار تكوى المواطن كما بدا التجريف واضحا أيضا من خلال رفع الدعم وزيادة أسعار الكهرباء والمياه والغاز، وفتح الباب على مصراعيه للخصخصة الغير مسؤولة وفي مقدمتها خصخصة قطاع الكهرباء، ومن ثم مزيد من بيع المواطنين للمستثمرين. الجنيه المصرى ومرتبات القضاة والجيش والشرطة كما امتد التجريف إلى سعر صرف الجنيه المصرى من خلال تخفيضه بنحو 25% في عهد السيسى وحده، وامتد التجريف كذلك إلى العاملين المدنيين بالدولة ففي الوقت الذى عمل السيسى على زيادة رواتب الجيش والقضاء أكثر من مرة وبصورة مبالغ فيها جعل جل همه السعى لتخفيض أجور العاملين المدنيين بالدولة، وتخفيض عددهم للنصف، بل امتد التجريف للقضاء على أى وسيلة لكشف الفساد، فعزل رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات عند كشفه للفساد - خاصة في الجهات السيادية- وبات سجنه أقرب من حريته من خلال استخدام سلاح القضاء لتصفية الحسابات. ارتفاع الديون الداخلية والخارجية أما التوريط فبدا واضحا من خلال توجه السيسي الملحوظ نحو الديون الداخلية والخارجية حيث بلغ الدين العام المحلي في نهاية ديسمبر 2015 مبلغ 2.4 تريليون جنيه ، بزيادة في عهد السيسي وحده 600 مليار جنيه بنسبة زيادة 30.4% ، هذا في الوقت الذي بلغ معدل نمو الناتج المحلي في العام المالي 2014/2015 نسبة 4.2%، وهو ما يعني التهام الدين العام المحلي للناتج المحلي، والقضاء على أي فرصة لتحقيق تنمية. وإذا أضيف لذلك الديون الخارجية بات حجم الكارثة أكثر وضوحا، فقد أصبح الإسهال في الدين الخارجي للسيسي غاية، حيث ارتفع الدين العام الخارجي من 46.2 مليار دولار في بداية عهد السيسي إلى 47.8 في نهاية ديسمير 2015، علما بأن الرقم الأخير لا يتضمن القروض الخارجية التي أوغل النظام الحاكم في الحصول عليها بعد ديسمبر 2015، والتي تقدر حتى نهاية مايو 2016 بنحو 20 مليار دولار، وهذا الرقم الأخير لا يتضمن القرض الروسي لبناء المحطة النووية بالضبعة والذي يقدر بمبلغ 25 مليار دولار، ويستخدم على شرائح لمدة 13 عاما، ويسدد على 22 عاما. توريط الأجيال الحالية والقادمة فى تلك الديون لقد باتت سياسة السيسى في توريط الجيل الحالى والأجيال القادمة من المصريين في ديون لاقبل لهم بها ورهن مصر للدائنين مكشوفة للجميع، خاصة وأن السمة المشتركة لهذه القروض هى أنها من أجل ترقيع الديون، وتمويل مشروعات باهظة التكاليف قليلة العائد، وبعيدة كل البعد عن تحقيق تنمية حقيقية وتوفير فرص عمل بصورة مناسبة، وهذا نتيجة طبيعية لإصابة نظام الحكم بالحول التنموى وغياب الأولويات، حتى بات نصيب كل مواطن مصرى من الدين العام بشقيه المحلى والخارجى حتى نهاية ديسمبر 2015 نحو 30310 ألف جنيه، وبات الدين العام يحتل نسبة 98.4% من الناتج المحلى الإجمالى متعديا بذلك حد الأمان الذي يقدر بنسبة 60%، رغم ورود منح خليجية للانقلاب تعدت 40 مليار جنيه. تخدير الشعب المصرى وتسويق الوعود أما التخدير فبدا واضحا من تسويق السيسى للوعود، والمشاريع الوهمية الوجود، أو الموجودة ولكنها غير ذات جدوى موضوعا أو توقيتا، وفي مقدمة ذلك مشروع تفريعة قناة السويس الذي أهدر الملايين، وحمل موازنة الدولة ما لا تطيق، وزاد من لهيب سعر الدولار، من أجل ما سماه السيسي رفع الروح المعنوية للمصريين، حتى أن إيرادات القناة لم تعرف سوى انخفاض حصيلتها منذ افتتاح التفريعة في شهر أغسطس الماضي حتى يومنا هذا. وكذلك مشروع المليون وحدة سكنية مع شركة أرابتك الإماراتية الذي بات نسيا منسيا. ومشروع استصلاح مليون ونصف فدان رغم تأكيد خبراء المياه على عدم توافر المياه الجوفية اللازمة لزراعة هذه المساحة، فضلا عن مخاطر وصول مياه النيل لمصر في ظل وثيقة السيادة الأثيوبية التي وقع عليها السيسي، ومعاناة الأراضي الزراعية من الجفاف في الوقت الحالي. العاصمة الجديدة إلى أين؟ وكذلك مشروع العاصمة الجديدة الذي تبلغ تكلفة مرحلته الأولى فقط 45 مليار دولار لبلد يعاني من شح في العملة الصعبة، وقد تم الاتفاق مع رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار على تنفيذ المشروع ولكن سرعان ما تم إلغاء مذكرة التفاهم وأصبح المشروع حبرا على ورق. ومشروع عربيات السيسي وثلاجاته الذي يعكس سطحية التفكير في حل مشكلة البطالة من خلال 350 سيارة مثلجة يعمل عليها 3 شباب، وبتمويل 70% من القيمة. ومشروع شبكة الطرق الذي كشف غرق البحيرة والإسكندرية بالأمطار سراب تلك الشبكة فضلا عن كون مصر من أكبر دول العالم في ارتفاع حوادث الطرق. ومشروع مثلث التعدين الذهبي الذي بات مصيره كمشروع منجم ذهب السكري الذي يقع في مثلث التعدين وبات الحصول على معلومات عنه ضربا من الخيال. ومشروع حقل الغاز شروق الذي وصفوه بأنه أكبر كشف غازي يتحقق في مصر وفي مياه البحر المتوسط ، في حين أنه تم عقد صفقات مصرية اعتبارا من العام 2019/2020 مع شركاء حقل غاز لوثيان الإسرائيلي لتوريد الغاز لمصر رغم أن حقل الغاز شروق يبدأ الإنتاج فيه في 2017. المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ كما بدا التخدير واضحا جليا من خلال الزوبعة الإعلامية التي صاحبت انعقاد المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ في مارس 2015 وتفاهماته التي تعدت 175 مليار دولار وتحولت كغيرها إلى سراب. وتكرار إعلان السيسي عن مشروع تنمية سيناء وهو يقتل ويهجر أبنائها صبحا وعشيا. وكذلك إعلانه عن مشروع الإسكان الاجتماعي لتخدير الفقراء وهو في الوقت نفسه خفض دعم برنامج الإسكان الاجتماعي في الموازنة الجديدة 2016/2017 بمبلغ 500 مليون جنيه وبنسبة انخفاض 25%، حيث انخفض المبلغ المخصص لذلك إلى 1.5 مليار جنيه مقارنة بمبلغ 2.0 مليار جنيه في موازنة العام السابق 2015/2016. فبعد عامين من حكمه لم يعرف الاقتصاد المصري سوى لغة الانهيار ، فتراجعت مؤشراته منذ الانقلاب وبعد توليه السلطة ، حتى تراجعت الصادرات في النصف الأول يوليو – ديسمبر من العام 2015/2016 بنسبة 26% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. وكذلك تراجعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 11.7% والإيرادات السياحية بنسبة 32.5% ، وإيرادات قناة السويس بنسبة 7.4% عن نفس الفترة.