كشف خبراء ومتخصصون فى مجال الاقتصاد حول العالم، لماذا قامت وكالة التصنيف الائتمانى "ستاندارد آند بورز"، بتخفيض التصنيف الائتمانى لمصر العسكر، بالسلبى، وأبقت على التصنيف السيادى قصير وطويل الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية عند بى موجب. وقالوا أن القصة تبدأ من عجز الموازنة خلال الشهور الإثنى عشر القادمة، خاصًة بعد زيادة فى أوجه الضعف الخارجية وميزان المدفوعات والمالية، والذى أسفر عن العجز فى تلك الموازنة، حسب قولهم، مشيرين إلى أن هذا يعنى أنه فى حالة عدم تحسن مؤشرات الاقتصاد المصرى قبل المراجعة القادمة للتصنيف الائتماني لمصر من وكالة ستاندارد أند بورز، فإنه سيتم تخفيض التصنيف الائتماني لمصر إلى مستوى "CCC+" على الأقل. ارتفاع غير مسبوق للديون الخبير الاقتصادى محمد رضا، قال أن التصنيف الائتمانى لم يكن مفاجأً بل كان متوقعًا لأسباب عديدة من الارتفاع الكارثى للديون المحلية والخارجية، وكذلك ارتفاع الدين العام لمستويات قياسية كارثية وتخطي المستويات الآمنة التي تتجاوز 90% من الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع تكلفة الدين العام لثلث الإنفاق العام في الموازنة، حيث نجد أن التغير السنوي في زيادة الدين العام 13.8% في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي جاء في الفترة من 2012-2015، في حين تشير التقديرات إلى أن التغير السنوي في زيادة الدين العام سيبلغ مستوى 11.5% في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي سيكون في الفترة بين 2016- 2019. أي إن الدين العام مرشح لتجاوز 95%- 99% من الناتج المحلي الإجمالي في ظل غياب بدائل تمويلية لعجز الموازنة أو القيام بإعادة هيكلة الإنفاق العام في الموازنة. إدارة خاطئة ولفت الخبير الاقتصادى، فى تصريحاته التى أدلى بها لموقع "عربى 21" ، أن الإدارة خاطئة وكارثية للاقتصاد المصرى سواء على صعيد الإدارة المالية أو النقدية، والتي تسببت في تأزم الوضع الاقتصادي في مصر وكذلك الإصرار على الاستمرار في السياسات المالية والنقدية ذاتها التي أدت إلى ضعف النشاط الاستثماري ودخول الاقتصاد المصري لحالة ركود تضخمي. وكل ذلك أدى إلى تراجع النمو للناتج المحلي الإجمالي حيث من المتوقع أن يبلغ 3% في نهاية العام المالي الحالي وذلك بعد أن ارتفع في عام 2015 إلى 4.2% في حين أن الموازنة العامة الحالية كانت تستهدف نسبة نمو 5%، ومن المتوقع أيضاً أن يبلغ متوسط معدل النمو الاقتصادي متوسط 3.8% خلال الفترة بين 2016-2019، بدعم من الاستهلاك المحلي والاستثمارات والتحويلات المالية المرنة من المصريين بالخارج، وبعض الاستثمارات الأجنبية الداخلية وتحسن إمدادات الطاقة بتشغيل حقل الغاز الطبيعي بنهاية 2017. توقعات غير منطقية ولفت إلى أن كافة التوقعات للنمو التي أعلنتها الحكومة في موازنة 2015-2016 بنسبة 5% وأيضا في موازنة 2016-2017 بنسبة 5 إلى 5.5% بعيدة عن الواقع ومن الصعب تحقيقها لأنها غير منطقية بالمرة. وبالنظر إلى مؤشرات أداء الاقتصاد المصري، نجد ارتفاع الإنفاق على الأجور والمرتبات والدعم وخدمة الدين لتشكل 80% تقريبا من الإنفاق العام في الموازنة، وتفاقم العجز في الموازنة العامة عند مستوى 11.5 % من الناتج المحلي الإجمالي عام 2015 وهو على المستوى الأعلى بين الدول ذات تصنيف ائتماني "B-". احتياطي غير موجود وعلى صعيد الأداء النقدي نجد تراجعا حادت للاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية إلى 17 مليار دولار أمريكي، وأن معظم رصيد الاحتياطي النقدي القائم لا نمتلكه فعليا لأنه عبارة عن ودائع من دول الخليج والواجب ردها عند ميعاد استحقاقها. وبالرغم من أنه من المتوقع أن تتلقى مصر 2 مليار دولار أمريكي من الإمارات على شكل ودائع قبل منتصف 2016، ولكن يجب على مصر سداد نحو 1.8 مليار دولار أمريكي في يوليو 2016 وهي التزامات خارجية منها مليار دولار أمريكي لقطر و800 مليون دولار أمريكي لصالح نادي باريس. ولخص بعض الخبراء أيضًا ان هناك أسباب آخرى، مثل " تراجع الاستثمارات، والسياسات الغير سليمة للإدارة المصرفية فى البلاد، بجانب سياسات المركزى التى أرادو بها تحجيم السوق السوداء والتى جائت على حساب الشركات دون غيرهم، والحلول الغير منطقية لبعض الأزمات التى تواجه البلاد. ومن المتوقع أن تتبع وكالات التصنيف الائتماني الأخرى فيتش وموديز نفس اتجاه ستاندارد أند بورز في موعد المراجعة القادمة للتصنيف الائتماني لمصر والاتجاه للتخفيض سواء للنظرة المستقبلية أو للتقييم الائتماني، ويؤثر أي تخفيض للتصنيف الائتماني لمصر على جاذبية مصر للاستثمارات الأجنبية. كما يؤدي إلى رفع الفائدة على القروض الخارجية والسندات الدولية مما يدفع لارتفاع تكلفة الدين العام في الموازنة العامة التي هي بالفعل حاليا في مستويات مرتفعة وغير مسبوقة وتمثل ثلت الإنفاق العام، وأيضاً يؤدي تخفيض التصنيف الائتماني إلى صعوبة الحصول على القروض الخارجية أو قيام الجهات المانحة والمقرضين وضع شروط جديدة للحصول على تمويل. وبالتالي فإن استراتيجية تمويل العجز بالموازنة العامة من خلال الدين خلال السنة المالية المقبلة (يوليو 2016- يونيو 2017) والمعلنة من وزارة المالية تتضمن إصدار لسندات يورو جديدة بقيمة 2 مليار دولار أمريكي، وقروض بقيمة 1.5 مليار دولار من البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية، وبالتالي فإن أي تغيير في التصنيف الائتماني سيهدد آمال نجاح طرح سندات اليورو وسيؤدي إلى رفع الفائدة عليها كما سيؤدي لقيام البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية بمراجعة موقفها وقد تفرض شروط جديدة وتزيد أسعار الفائدة.