أثارت مبادرة "امنعوا النقاب" في مصر، ردود فعل منددة من قبل النشطاء والحقوقيين، الذين شككوا بدوافعها، واستهجنوا سعيها للربط بين النقاب و"الإرهاب"، واصفينها بأنها "دعوة مشبوهة ومعادية للدين والأخلاق". وكانت حملة "لا للأحزاب الدينية" قد عقدت مؤتمرا صحفيا الثلاثاء الماضي، أطلقت خلاله مبادرة لمنع النقاب في الجامعات والمؤسسات الحكومية؛ لاقت أصداء سلبية، وفق بعض أعضائها ومؤيديها. وأقرت الكاتبة الصحفية المشاركة في المبادرة، نور الهدى، بتعرضهم لهجوم شديد "وصل إلى حد الشتائم". وقالت ل"عربي21" إن "رد الفعل كان سيئا جدا، وتعرضنا للسباب والشتم على شبكات التواصل الاجتماعي"، زاعمة أن "المبادرة ليس المقصود منها الهجوم على الدين، أو الانتقاص من الحرية الشخصية". وأضافت نور الهدى: "يبدو أن الناس فهموا الأمر بشكل خاطئ، فالهدف من المبادرة أمران؛ تأييد رئيس جامعة القاهرة جابر نصار في قراره بمنع ارتداء عضوات هيئة التدريس النقاب داخل الجامعة، والدعوة لمنع ارتداء النقاب في جميع مؤسسات الدولة". وأرجعت أهمية المبادرة إلى "زيادة الأمن المجتمعي، وشيوع الطمأنينة بين أفراد المجتمع، وسرعة التواصل مع الآخرين، وتعزيز قدرة المنتقبة في أداء دورها، وإيصال رسالتها، سواء للأطفال أم الطلاب أم المرضى أم حتى الجمهور". وبشأن مدى قبول الدولة لتلك الفكرة؛ فقد أكدت نور الهدى أنه "لا يوجد ما يوحي بمعارضتها، بدليل أنها أيدت قرار رئيس جامعة القاهرة بحظر النقاب"، ذاهبة إلى أن "الثقافة الشعبية والجماهيرية ما زالت بحاجة إلى بعض الوقت لتقبل هذا الأمر" وفق قولها. خطاب تحريضي من جهته؛ رأى مدير مؤسسة "مساواة" للتنمية والدراسات، فتحي فريد، أن الدعوة لمنع النقاب "خطاب تحريضي غير مقبول"، معتبرا أن "الربط بين النقاب والعمليات الإرهابية؛ قياس في غير موضعه، ويتعارض مع بدهيات المبادئ الحقوقية". وفي ما يتعلق بردود فعل المجتمع المدني تجاه هذه المبادرة، قال فريد ل"عربي21" إنه "لا يوجد موقف موحد على مستوى مؤسسات المجتمع المدني حول الفكرة، ولكننا من خلال متابعتنا الدقيقة؛ وجدنا أن أغلب المنظمات النسوية ضد هذه المبادرة، ولديهم تحفظات عليها، لما تشكله من انتهاك للحقوق والحريات، وتكريس للتمييز ضد المرأة". واستعرض فريد الأسباب التي ساقتها المبادرة للمطالبة بمنع النقاب، ك"الأمن المجتمعي، والقدرة على التواصل مع الآخرين، وحق الآخر في رؤية من يتعامل معه في المؤسسات والمصالح الحكومية"، مؤكدا أنها "دوافع لا ترتقي إلى درجة الحجية". النقاب ليس بدعة أما عضو لجنة الفتوى بالأزهر سابقا، الشيخ هاشم إسلام؛ فهاجم المبادرة، معتبرا إياها "دعوة للكفر والضلال؛ يروج لها العلمانيون الذين يبغضون ويحاربون الإسلام عبادة وشريعة وأخلاقا". وقال ل"عربي21" إن "الحجاب فريضة محكمة في الإسلام بالكتاب والسنة والإجماع، أما النقاب فانقسم الفقهاء فيه إلى قولين، الأول قول الجمهور الذين يجيزون للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها، والثاني قول للحنابلة وبعض الشافعيين الذين يوجبون تغطية الوجه والكفين"، مضيفا أنه "على الرأي الأول؛ النقاب سنة ومكرمة، وعلى الرأي الثاني؛ واجب". وأكد إسلام أن "النقاب والخمار من الإسلام، والحرية من أسمى مقاصد الشريعة الإسلامية، ولا يجوز الحجر عليها تحت أي مسمى"، لافتا إلى أن "النقاب كان موجودا في صدر الدولة الإسلامية، وليس بدعة، ومن يقول ذلك فهو ضال مضل مبتدع". وانتقدت الناشط الحقوقية نيفين ملك (مسيحية) مبادرة "امنعوا النقاب" بشدة، وقالت على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "هذه الحملة تناست الاعتداءات المستمرة على النساء والفتيات في السجون المصرية، وتجاهلت حقوق العديد من المصريات في صعيد مصر، وخاصة في الأمور المتعلقة بالمواريث، وفرغت نفسها لقضية النقاب!".