قال موقع "المونيتور" الأمريكي إن الحكومة المصرية أصدرت في أول مارس قرارا بوقف اعتماد أختام النقابات المستقلّة بكلّ مستوياتها ومسميّاتها على أيّ أوراق وحظر التّعامل معها نهائيّاً باعتبارها كياناً غير شرعيّ. وذلك في محاولة للقضاء نهائيّاً على التّنظيم النقابيّ في مصر وضرب كلّ الموادّ الدستوريّة الّتي تتيح حقّ التّنظيم النقابيّ عرض الحائط. وأضاف الموقع، في تقرير له، إن هذا القرار جاء بعد سلسة طويلة من الصراع الدائر لأكثر من خمس سنوات بين النقابات المستقلّة من جهة، والدولة ممثّلة في وزارة القوى العاملة - الجهة المنوط بها متابعة العمل النقابيّ فى مصر وتنظيمه – من جهة أخرى، حيث بدأت عشرات النقابات المستقلّة في تأسيس نفسها تعبيراً عن مطالب العمّال وتطلعاتهم، عقب اندلاع ثورة 25 يناير من عام 2011 . ومع مرور الوقت، زاد تأثير النقابات المستقلّة على أعضائها من العمال، الّذين وجدوها كياناً مدافعاً عنهم، فرئيسها منتخب من بينهم، وهو يسعى إلى تلبية مطالبهم وأخذ حقوقهم، وتركوا الاتحاد العام لنقابات عمّال مصر- الاتحاد الرسميّ الموالي للدولة - بعد أن أخفق في توحيد العمّال تحت مظلّته . وكانت وزارة الداخليّة قالت إنّ قرارها جاء بناء على طلب من وزارة القوى العاملة الّتي أوصت من خلاله بوقف اعتماد هذه النقابات المستقلّة، بإعتبارها كياناً غير شرعيّ، لأنّها لا تخضع إلى أحكام القانون 35 لسنة 1976 الخاص بتنظيم العمل النقابيّ، الّذي يحظر التعدّد النقابيّ. وتعقيباً على ما ورد في القانون، قال نائب رئيس إتّحاد عمّال مصر الديموقراطيّ هاني عفيفي- وهو إتّحاد مستقلّ- في تصريحات خاصّة ل"المونيتور": "هذا القانون معيب، وليست له قيمة أو عمل، لأنّه مخالف للمادّة 76 من الدستور المصريّ، الّذي أتاح التعدديّة النقابيّة وكفل للعمّال الحقّ في التّنظيم النقابيّ بمجرّد الإخطار، وما يهمّنا هي النصوص الدستوريّة. وعلى الحكومة أن توفّق أوضاعها طبقاً للدستور، وألاّ تطبق قانوناً مخالفاً له". أضاف: "قامت ثورة 25 يناير المجيدة من أجل الحريّة والقضاء على الفساد. وبالفعل، حصلنا على حريّتنا وأسقطنا الدستور والقوانين المعيبة، وأنشأنا اتحاد عمّال مصر الديموقراطيّ، كياناً مستقلاًّ يعبّر عنّا، ندافع عن أنفسنا من خلاله، فلا عودة إلى الوراء. وتطبيق هذا القانون يمثّل انتهاكا صارخاً للدستور فكيف تتجرّأ الحكومة على مخالفة الدستور؟. وتنصّ المادّة 76 من الدستور على أنّ إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديموقراطيّ حقّ يكفله القانون. وتكون لها الشخصيّة الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحريّة، وتسهم فى رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم. وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات، وألا يجوز حلّ مجالس إدارتها إلاّ بحكم قضائيّ. وقال هاني عفيفي في تصريحاته ل"المونيتور": "لدينا في الاتحاد 125 نقابة مستقلّة وأكثر من 800 ألف عامل، جميعهم تركوا الاتحاد العام الممثّل للدولة وقرّروا الانضمام إلينا، لأنّ الأوّل لم يقدّم إليهم شيئاً، ولم ينتخب العمّال ممثّليهم، فكيف يعبّر عن العمّال شخص معيّن من الدولة؟!". أضاف: "لماذا ترفض الدولة تطبيق أحكام الدستور وتماطل فى إصدار قانون الحريّات النقابيّة الّتي أعلنت الوزارة عن البدء به منذ عامين؟ لماذا تحاول الدولة قمع العمّال بقانون مضى عليه أكثر من 40 عاماً، وأسقطه الدستور؟ فهذه المحاولات لن تؤثّر علينا في شيء، ونحن سنناضل حتّى نأخذ حقوقنا المسلوبة، ونمارس الحريّة المطلقة في التنظيم، كما أقرّه الدستور". ودشّن المؤتمر الدائم لعمّال الإسكندريّة حملة سمّيت ب"معاً للحريّات النقابيّة"، طالب من خلالها الحكومة بالانحياز إلى رغبات العمّال وتطلّعاتهم وتنفيذ ما تضمّنه الدستور من حريّة إنشاء النقابات من دون قيد أو شرط. وأعلنت الحملة عن اتّخاذها خطوات واضحة للضغط على الحكومة، تتضمّن تنظيم ندوات ولقاءات مع العمّال من مختلف محافظات الجمهوريّة وجمع تواقيع منهم تفيد رفضهم للقرار، إضافة إلى رفع دعاوى قضائيّة لمخالفة وزارة القوى العاملة للدستور. وطالب نائب رئيس المؤتمر الدائم لعمّال الإسكندريّة خالد طوسون في تصريحات صحفيّة الدولة بالخروج من هذا النفق المظلم الّذي سيؤثّر سلباً على أوضاعها الاقتصادية، وأن تنحاز إلى الاتفاقيات العماليّة الدوليّة الّتي وقّعتها، وأن تعلن صراحة تأييدها للطبقة العاملة ولحقّها في إنشاء نقابات مستقلّة.