المشروعات الصغيرة والمتوسطة ب"مستقبل وطن" تناقش خطة عمل الفترة المقبلة    كلية التجارة بجامعة القاهرة تعقد مؤتمرها الطلابي السنوي الثاني تحت شعار "كن مستعدا" لتمكين الطلاب    وزير الإسكان ومحافظ الجيزة يتفقدان محطة مياه منشأة القناطر المُرشحة    وزارة التخطيط تعقد ورشة عمل دعم تطوير الخطة القومية للتنمية المستدامة    خبراء: الرئيس السيسي دعا من بغداد إلى الوحدة العربية لحل أزمات المنطقة    فليك: نريد مواصلة عدم الهزائم في 2025.. وعانينا بدنيا بالموسم الحالي    محمد عودة مديرا فنيا ل غزل المحلة    "إلى من شكك في موقفنا".. عضو مجلس إدارة الزمالك يكشف تطورًا في أزمتهم مع الراحل بوبيندزا    وكيل لاعبين يعرض حارس الخريطيات على الزمالك    وفاة وإصابة 3 أشخاص من أسرة واحدة إثر انقلاب سيارة ملاكي بالمنيا ..بالاسماء    نائب رئيس الوزراء: التعليم حجر الأساس للتنمية البشرية وبناء جيل واعى    جنايات قنا تحيل أوراق عاطل للمفتى بتهمة قتل عامل والشروع فى قتل 3 آخرين    لبيك اللهم لبيك.. محافظ المنيا يسلم ملابس الإحرام لحجاج القرعة.. فيديو    آخر تحديث للحصيلة.. إصابة 46 طالبة بإغماء في جامعة طنطا بسبب ارتفاع الحرارة -فيديو    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل سائق توك توك خلال سرقته بالخانكة.. يونيو المقبل    معرض فني وفقرات غنائية في احتفال المنيا باليوم العالمي للمتاحف    باحث: المنطقة بحاجة لوقفة عربية بعد انحلال المحور الإيرانى وتصاعد الأزمات    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون محرم؟.. الأزهر للفتوى يجيب    جراحة دقيقة لتحرير مفصل الفك الصدغي باستخدام الذكاء الاصطناعي في مستشفى العامرية    مؤتمر القاهرة لجراحة المسالك البولية.. «80 عامًا من التميز العلمي»    عيد ميلاده ال 85.. ماذا قال عادل إمام عن كونه مهندسا زراعيا وموقفا لصلاح السعدني؟    ليفربول يخشى من خطف ريال مدريد للاعب آخر في الفريق    قافلة بيطرية تجوب قرى شمال سيناء لحماية المواشي من الأمراض    بالأسماء، ارتفاع عدد المصابات بإغماء وإجهاد حراري بتربية رياضية طنطا ل 46    "الزراعة" تطلق حملات بيطرية وقائية لدعم المربين وتعزيز منظومة الإنتاج الداجنى    أكاديمية الشرطة تنظم ندوة حول الترابط الأسري وتأثيره علي الأمن المجتمعي (فيديو)    «أم كلثوم من الميلاد إلى الأسطورة» في مناقشات الصالون الثقافي بقصر الإبداع    قرار هام من التعليم ينهي الجدل حول «عهدة التابلت»    الأوقاف: الطبيب البيطري صاحب رسالة إنسانية.. ومن رحم الحيوان رحمه الرحمن    جدول مواعيد القطارات الإضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    تعاون بين الأكاديمية العسكرية و"الوطنية لتأهيل الشباب"    المتحدث العسكرى: الإعلان عن فتح باب التقديم لقبول دفعة جديدة من الطلبة الموهوبين رياضياً بالمدارس العسكرية الرياضية    نائب رئيس مجلس الوزراء: الطب البيطري جزء أصيل من منظومة الصحة الواحدة    انطلاق الدورة 41 من مهرجان الإسكندرية السينمائي في سبتمبر المقبل    عيد ميلاد الزعيم.. عادل إمام: عبد الحليم حافظ دخل قصة حب ولا أعتقد أنه تزوج    أسامة نبيه: القدر أنصف منتخب مصر للشباب بتأهله لكأس العالم    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات يحرص على إعداد جيل واعد من صغار رواد الأعمال و تشجيع المبتكرين منهم    بريطانيا تتفوق على الصين في حيازة سندات الخزانة الأمريكية خلال مارس الماضي    وزير التعليم العالي: المترولوجيا أحد ركائز دعم قطاعي الصناعة والبحث العلمي لتحقيق التنمية المستدامة    مستقبل وطن: القمة العربية ببغداد فرصة لتعزيز الجهود وتوحيد الصفوف    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    تحرير 143 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق    فص ملح وداب، هروب 10 مجرمين خطرين من السجن يصيب الأمريكان بالفزع    بدعوة رسمية.. باكستان تشارك في مراسم تنصيب البابا ليون الرابع عشر    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    يسري جبر: يوضح الحكمة من نداء النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ب"يا ابنة أبي أمية"    اليوم.. محاكمة المتهمين في قضية ضرب وسحل الطفل مؤمن    أول رد من جورج وسوف على شائعات وفاته    كيف وصف نجوم الفن الزعيم عادل إمام في عيد ميلاده ال85؟    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    مسودة "إعلان بغداد" تشمل 8 بنود منها فلسطين والأمن العربي والمخدرات والمناخ    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    الأجهزة الأمنية الليبية تحبط محاولة اقتحام متظاهرين لمبنى رئاسة الوزراء بطرابلس    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميزانية الحشد الشعبي تبلع رواتب موظفى العراق "مستندات"
نشر في الشعب يوم 21 - 03 - 2016

الموظف الذي أمضى 10 أعوام في الخدمة العراقية، يعلم أنه لا طائل من الجدال مع المسؤول عن توزيع الرواتب، لأنه يحتفظ بوثيقة رسمية صادرة في 11 يناير الماضي وبتوقيع وزير المالية هوشيار زيباري، تنص على خصم نسبة 3% من رواتب جميع الموظفين لدعم قوات "الحشد الشعبي" والنازحين، مع الإشارة ضمناً إلى جباية المبلغ مضاعفاً لسداد مستحقات الشهر الحالي والماضي بعد أن دخل القرار حيز التنفيذ.
حيث تسيطر حالة من الحيرة والإحباط الشديدين على ياسر كرجي البطاوي، الموظف في وزارة الزراعة العراقية، بعد سماعه الأخبار السيئة عن فرض استقطاع جديد وضخم على راتبه، والذي يصفه "بالمتهالك وغير الكافي لسد رمق زوجة وثلاثة من الأبناء، فضلاً عن تسديد ديون مترتبة عليه من الأشهر الماضية حين أخذ بالاقتراض من عدة أصدقاء، بعد الضربة المفاجئة التي تعرضت لها ميزانية مصروفاته، جراء سلسلة الخصومات والضرائب القاسية التي بدأت الحكومة العراقية بفرضها على جميع موظفيها".
البطاوي يبين ل"العربي الجديد" أن راتبه الشهري البالغ 600 ألف دينار (480 دولاراً) تعرض لاستقطاع مبلغ 50 ألف دينار (40 دولاراً)، وقبلها تم فرض ضرائب جديدة ومضاعفة أخرى قديمة، حتى بات يعجز عن توفير احتياجات العائلة وأخذ يلجأ إلى الاقتراض الشهري من أصدقائه الذين يعتذر أغلبهم، بسبب الظروف المالية الصعبة، والتي تعيشها أغلب قطاعات المجتمع العراقي.
الموظفون يشدون الأحزمة
يشير نهاد البيضاني، الموظف في وزارة الاتصالات، إلى أن ضريبة الحشد والنازحين جاءت بفارق زمني بسيط عن مضاعفة ضريبة الدخل وكذلك خصم مبلغ صندوق التقاعد وضريبة الحماية الاجتماعية، مضيفاً أن الحديث يدور عن خصومات جديدة في الأشهر المقبلة تخص إعادة إعمار المناطق المحررة من سيطرة تنظيم "داعش" وصيانة سد الموصل.
أجبر انخفاض الرواتب المتواصل موظف الاتصالات على وضع خطة مصاريف جديدة بالتعاون مع زوجته وتضمنت إلغاء فقرة النزهة الأسبوعية، وحذف اللحوم الحمراء من قائمة التسوق، فضلاً عن تقليل كمية الكهرباء التي يتم شراؤها من صاحب المولد، والذي يغذي منطقتهم بالكهرباء، بينما يعتزم إلغاءات جديدة خلال الفترة المقبلة.
ويتهم البيضاني القائمين على إدارة الملف المالي في العراق بالعجز عن القيام بأي خطوة للإصلاح وتوفير السيولة، مضيفاً أنهم لا يعرفون أي حلول سوى السطو على رواتب الموظفين البئيسة، بحسب تعبيره. بينما يؤكد المحاسب في وزارة التعليم العراقية لؤي نبيل العطار، أن الموظف العراقي خسر خلال سنتين 8% من راتبه الذي كان يتقاضاه، وذلك بعد فرض استقطاعات مالية جديدة وزيادة نسبة القديمة.
ويشير المحاسب العطار إلى أنه في شهر مارس/ آذار، من العام الماضي، تمت زيادة ضريبة صندوق التقاعد من راتب الموظف من نسبة 7% إلى 10% وتلاها في آب/ أغسطس من السنة ذاتها فرض ضريبة الحماية الاجتماعية التي بلغت نسبتها 2% من الراتب، في حين شهد يناير/كانون الثاني من العام الحالي أحدث الاستقطاعات ويخص قوات الحشد الشعبي والنازحين وبلغ 3% من راتب الموظف.

تخصيص بند الحشد أصل المشكلة
تنفي البرلمانية العراقية والعضو في اللجنة المالية محاسن حمدون، وجود أي خطط لفرض استقطاعات جديدة على رواتب الموظفين، والتي تقول إنها وصلت إلى مستوى لا يتحمل مثل هذه الإجراءات، بينما تعزو أصل المشكلة إلى تخصيص بند الحشد في موازنة العام الحالي دون وجود سيولة لتغطيتها.
وتوضح حمدون، ل"العربي الجديد"، ما تصفه بشرعية هذه الاستقطاعات لتوافقها مع قانون الموازنة لعام 2016 ولكونها حلولاً مؤقتة في ظل الموقف المالي الضعيف للحكومة بسبب الانخفاض الشديد في أسعار النفط، ولكنها ترى أن هذا الأمر لا يمنع مراعاة أوضاع المواطنين سواء بتأجيل الاستقطاعات أو عدم مضاعفتها.
وكان المتحدث باسم رئيس الحكومة العراقية قد أعلن في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي عن إقرار الحكومة لموازنة عام 2016 بمجموع نفقات بلغ 106 تريليونات دينار في مقابل إيرادات تقدر ب 83 تريليون دينار، بما يجعل قيمة عجز الموازنة تصل إلى 23 تريليون دينار (20 مليار دولار أميركي).
يختلف الخبير القانوني والإداري أكرم فرهاد الجاف، مع البرلمانية بخصوص شرعية الخصومات المفروضة على الرواتب ويشير إلى أن المادة 39 من قانون الموازنة للعام الحالي التي تنص على التزام الحكومة بدعم هيئة الحشد الشعبي، لا تعني أبداً أن تلجأ إلى مرتّبات الموظفين، متابعاً أن شمول المتقاعدين بهذه الخصومات هو خطأ فادح.
وبالعودة إلى قانون الموازنة أيضاً فإن الخبير الجاف يؤكد ل"العربي الجديد"، أن وزارة المالية باشرت بتنفيذ قرارها الخاص باستقطاع الحشد والنازحين من الموظفين وحصلت مبالغ عن شهرين، بالرغم من عدم نشر قانون الموازنة في الجريدة الرسمية، وهو شرط أساسي متعارف عليه لدخول أي قانون إلى حيز التنفيذ. وينص القانون العراقي رقم 34 لسنة 2007 على العمل بالقوانين منذ تاريخ نشرها في جريدة الوقائع العراقية، إذ إن كل ما ينشر بها هو النص الرسمي المعول عليه.
ويتهم الجاف المسؤولين العراقيين بالجدية والتنفيذ الفوري فقط حين يتعلق الأمر بالقوانين التي تلحق الضرر بالمواطن، مبيناً أنهم لم يقدموا شيئاً بخصوص قوانين تعديل رواتب الدرجات الوظيفية الدنيا وتقليل الفوارق بين رواتب الوزارات، والتي جعلت من صاحب مؤهل علمي يتقاضى في وزارات مثل الثقافة والصناعة والزراعة راتب 400 دولار، في وقت يتقاضى شخص آخر بنفس المؤهلات راتباً مضاعفاً من وزارات الكهرباء والنفط والتعليم العالي.
وبينما امتنع اثنان من المسؤولين في وزارة المالية العراقية عن الحديث لمعد التحقيق، بخصوص موضوع استقطاعات الحشد الشعبي، أكد مصدر من قسم الإعلام والاتصال في الوزارة عدم وجود أي نية لفرض ضرائب جديدة أو استقطاعات للعام الحالي. المصدر الذي رفض ذكر اسمه لعدم تخويله رسمياً قال ل"العربي الجديد"، إن نسبة ال 3% التي تم فرضها على رواتب جميع الموظفين والمتقاعدين كانت الخطوة الأخيرة التي تقوم بها الوزارة ضمن مجموعة تدابير تخص الإيفاء بالتزامات العام المالي الحالي.
الحشد الشعبي يرد
القيادي في مديرية التوجيه العقائدي التابعة لقوات الحشد الشعبي، وسام الكلابي، يصف مخصصاتهم المالية من الحكومة بالضعيفة وغير الموازية لحجم التضحيات والإنجازات التي قامت بها الفصائل المنضوية في منظومة الحشد الشعبي، على حد قوله، داعياً إلى إعادة النظر بها، ويستعرض الكلابي ل"العربي الجديد"، قائمة مطولة من النفقات التي تبدأ برواتب المقاتلين وتأمين الأسلحة والذخيرة مع كلفة إدامتها وتطويرها، فضلاً عن موازنة تخص رعاية عوائل الشهداء والمفقودين وتأمين العلاج والتقاعد لعدد كبير من عناصر الحشد الذين أصيبوا بعاهات في المعارك ولم يعودوا قادرين على أداء واجباتهم القتالية.
ويطالب القيادي في "الحشد" من يعتقدون أن هذه الأموال تذهب إلى جيوب القادة السياسيين والميدانيين، بزيارة أحد المواقع بأنفسهم وأن يشاهدوا حجم النفقات المالية، مشيراً إلى أن المبالغ الحكومية لا تسد جزءاً بسيطاً من ميزانيتهم.
تمويل جيش موازٍ
لا يعترض الكاتب والمحلل السياسي العراقي عدنان الحاج على قائمة النفقات الباهظة التي يقدمها الكلابي، ولكنه يرى أن الأمر تعدى الحاجة المؤقتة لقوات "الحشد" وأصبح يمثل تأسيس جيش موازٍ أو "ثانٍ" على حد تعبيره، بهيكلية وتسليح ونفقات يتم توفيرها من رواتب شريحة الموظفين، مشيراً إلى أن مرور موضوع الاستقطاع بدون اعتراض شعبي سيشجع على فرض المزيد منه في المستقبل.
ويطالب المحلل السياسي القائمين على إدارة الملف المالي في العراق بتقديم إيضاحات عن الحاجة الفعلية لهذه الضرائب والاستقطاعات، خصوصاً أن العراق أعلن سابقاً بأن 20% من موازنة العام الحالي ستذهب إلى البنود الدفاعية، والتي تضمنت دفع رواتب ومستحقات الآلاف من المتطوعين في قوات الحشد.
ويعود الحاج في حديثة ل"العربي الجديد" إلى سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم "داعش" في يونيو 2014 وفتوى المرجع علي السيستاني، والتي بموجبها تأسست قوات "الحشد"، ويقول الحاج "إنها لم تنص على تخصيص ميزانية مالية أو جعل هذه القوات جيشاً ثانياً ولكنها تحدثت عن حمل السلاح لغرض الدفاع والتضحية، وهي معانٍ يتم فهمها بأن المقاتل يعمل وفق منطلق إيماني وروحاني".
المحلل العراقي المقيم في العاصمة الأردنية عمّان، يتابع بأن كل فصيل من قوات "الحشد" يتبع لحزب سياسي داخل في تشكيل الحكومة ويمتلك وزارات ومناصب كبيرة، وهو بالتالي قادر على تمويل فصيله المسلح وهو ليس بحاجة إلى الضرائب المفروضة على المرتبات الحكومية. وبحسب إحصاءات يقوم بتجميعها المحلل الحاج من وزارتي التخطيط والمالية فإن الخصومات المفروضة على رواتب أكثر من سبعة ملايين موظف عراقي ستعود بمبلغ يقترب في حده الأدنى من 300 ألف دولار شهرياً، بافتراض أن جميع هؤلاء الموظفين يتقاضون الحد الأدنى من الرواتب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.