تفاقم أزمة اللاجئين الراغبين في الوصول إلى أوروبا والمحجوزين في اليونان والذين بلغ عددهم حتى الأحد الماضي أكثر من ثلاثة عشر ألفا يعيشون في ظروف إنسانية بالغة السوء أكدت على موت الإنسانية لدى أوروبا، فالدول الأوروبية التي طالما تغنت بحقوق الإنسان والمساواة وكثيرا من المبادئ والمثل العليا سقطت في هذا الامتحان العسير وأثبتت أن كل ما كانت تنادي به هو لنفسها وليس للآخرين، حتى اللاجئين الذين دخلوا أوروبا من قبل وقبلتهم بعض الدول وعلى رأسها ألمانيا يعيشون ظروفا بالغة السوء في مراكز اللجوء وسط قهر وتسلط وعنصرية وظلم من الأنظمة الأوروبية جعل أماكن اللجوء تتحول إلى جحيم بالنسبة إليهم. أما الإجراءات الأمنية التي اتخذتها أوروبا خلال الأيام الأخيرة حول تشديد الدوريات في بحر إيجه لملاحقة اللاجئين ومنعهم من الوصول للجزر اليونانية فإنها تعكس تطورا جديدا في الانحدار الأخلاقي الغربي، فهؤلاء فروا من الحروب التي سببتها سياسات أوروبا وتواطؤها مع الأنظمة المستبدة سواء كان في سوريا أم العراق أم حتى أفغانستان، فكل هؤلاء اللاجئين هم ضحايا للسياسات الأوروبية والأميركية وللحروب التي أشعلها هؤلاء وتركوا نيرانها تحرق الأخضر واليابس حتى الآن ولولا ذلك ما خرج هؤلاء من ديارهم لكن أوروبا التي تشيخ بجنسها الأبيض حيث انهارت الأسرة وقل عدد المواليد أصبحت تخشي من اللاجئين ومن تحولهم إلى الأغلبية في تلك الدول لاسيما وأن معظم اللاجئين الذين يفدون إلى أوروبا هم من المسلمين. فخطة أوروبا حسبما ذكر لي أحد مسؤولي مراكز الدراسات المرموقة في ألمانيا قى حوار أجريته معه قبل شهرين تقوم على تكوين جيش أوروبي كبير يضم قوات برية وبحرية وجوية يتم الأعداد له الآن ومن المقرر أن يكتمل بناؤه خلال عامين دوره الأساسي هو حماية حدود أوروبا وتحويلها إلى قارة مغلقة لا يدخلها إلا من يحمل تأشيرة زيارة أو هجرة، وفي ظل تفاقم أزمة اللاجئين فقد أصبحت اتفاقية شنجن التي تمنح أي شخص يحصل على التأشيرة الأوروبية للزيارة أن يتجول في كافة أوروبا أصبحت هذه الاتفاقية محل خلاف بين الدول الأوروبية ومن الممكن أن يتم إلغاؤها في أي وقت مما يصعب على زائري أوروبا التجول فيها بسهولة كما يحدث الآن. الأوروبيون لم يعد يهمهم توجيه أية اتهامات أو انتقادات لهم فالقشرة الإنسانية لديهم كانت رقيقة للغاية ولم تكن بحاجة إلا أزمة على غرار أزمة اللاجئين لتكشف أن العنصرية سواء العرقية أم الدينية لديهم لم تمت فالإنسانية لا تجزأ وحينما تموت الإنسانية فلا تنتظر من أوروبا إلا الأسوأ.