كشف أحمد البقري -نائب رئيس اتحاد طلاب مصر السابق- عن تورط سلطات الانقلاب فى مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، بعد العثور على جثته بأحد الطرق الصحراوية بمدينة 6 أكتوبر، مشيرا إلى أن آثار التعذيب وأساليب الاعتداء الجسدي التى فضحتها تقارير الطب الشرعي وتشير بوضوح إلى القاتل القابع فى الجهاز الأمني المصري. وأوضح البقري -فى حوار لصحيفة «La stampa» الإيطالية واسعة الانتشار- أن "ما أرجحه بحسب الشواهد والشهادات التي وصلت إلينا، وما أعتقد انه سيتأكد مع فحص الجثمان الذي وصل إلى إيطاليا فعلا، هو أن جوليو تم اعتقاله من أحد الأماكن وسط القاهرة نتيجة مواقفه المتعاطفة مع النقابات المستقلة والرافضة لممارسات السلطة العسكرية ضدها"، مضيفا أنه "بسبب المواقف التي عبر عنها تلميحا في مقالته التي نشرها تحت اسم مستعار في إيطاليا، وعبر عنها شفويا في مناقشاته تعرض بعد اعتقاله لتعذيب نتج عنه موت بطيء كما جاء في تقرير النيابة العامة المصرية وصحيفة الأهرام الرسمية، وهو ما تدل عليه آثار التعذيب التي وجدت على جسده، وربما يكون قد تعرض لإطلاق الرصاص المباشر". وأشار عضو المكتب التنفيذى للمجلس الثوري السابق إلى أنه فى مصر لا يوجد شخص بعيد عن السياسة، مستشهدًا بعبارة "اندريه مالو" أن ركوب المترو يعد عملا سياسيا فى عرف الأنظمة الشمولية، مشيرًا إلى أن مقاومة الانقلاب ليست حكرًا على الأحزاب الإسلامية أو الإسلاميين، لكنها ثورة يشارك فيها ممثلو مختلف الاتجاهات وجموع الشعب. وأضاف أن "جوليو كان يساند النقابات المستقلة التي تحاربها السلطة في مصر، والتي بسبب الدفاع عنها تعرض كثيرون للاعتقال والتعذيب من قبل، ولأننا أمام سلطة عسكرية فإنها تعتبر أي اتصال لشخص أجنبي بمؤسسات أو شخصيات في مصر هو نوع من التدخل الأجنبي أو هو نوع من التجسس على مصر، ونوع من التدخل وتحريض بعض المؤسسات أو النقابات للعمل ضد السلطات الحاكمة، وهناك تصورات زائفة لدى هذه السلطات بأن هذه النقابات المستقلة مثل مراكز حقوق الإنسان تتلقى تمويلا أجنبيا بهدف هز الاستقرار في مصر وربما اعتبرت هذه السلطات أن جوليو كان وسيطا لتحريض هذه النقابات وتوصيل التمويل المالي الدولي لها". ونفى البقري محاولات الانقلاب تضليل المجتمع الدولي بإلصاق الاتهام بالفصائل الثورية، موضحا: "لا يمكن على الإطلاق أن يقوم الإخوان ولا أي فصيل ثوري بعمل ضد الأجانب، خاصة أن الثوار كانوا يعتبرون جوليوا صديقا وصوتا مناصرا لهم، وقد سبق لسلطة العسكر ممارسة اعتداءات مماثلة على عدد من الأجانب تعرض أحدهم وهو مدرس فرنسي للاغتصاب على يد الشرطة، كما تعرض مدير تحرير "لموند" السابق للاعتقال المؤقت، وهناك من تعرضوا لمضايقات أمنية واضحة أثناء عبورهم من مطار القاهرة ذهابا أو عودة". وتابع: "السلطة عادة تحمل الإخوان مسئولية أي شيء وكل شيء وتقوم بتسويق ذلك عبر وسائل الإعلام التي لا تتمتع الآن بأي قدر من الحرية والتي تحولت إلى مجرد أبواق للنظام الحاكم، كما أن هذه السلطة تستخدم القضاء بعد ذلك لإصدار ما تريد من أحكام لتثبيت تهما زائفة بحق أي متهم، معقبا: "علينا أن نتذكر أن هذه السلطة حاولت إلصاق تهمة قتل شيماء الصباغ لزملائها في الحزب الذي تنتمي إليه، كما أنها لفقت تهمة قتل الصحفية ميادة أشرف لبعض المدنيين، على الرغم من أن زملاءها الذين كانوا مشاركين لها التغطية الصحفية شهدوا بأن الشرطة قتلتها برصاص الغدر. وشدد رئيس مكتب شباب الجماعة على أن النظام هو المجرم الذي قتل جوليو وهو يعرف ذلك، ولهذا فإنه لم يبادر بفتح تحقيق من أي نوع مع أى جهة، وحاول التضليل منذ البداية وترديد الشائعات، حيث ادعى أنه قُتل في حادث سيارة، ولو لم يكن النظام متأكدًا من تورطه لما سعى إلى التضليل على هذا النحو، ولو كانت أمامه أي فرصة لتوريط طرف غيره في هذه الجريمة لما فوتها.
واعترف البقري أن النظام الغبي هو الذى يكرر ممارساته الفاشية بذات الطريقة البائسة، ويضع قائد الانقلاب فى مأزق أمام العالم، موضحا: "نظام أحمق يفعل في كثير من الأحيان ما يضره وهو يتصدر عكس ذلك، مثلا هل للسيسي مصلحة في رفع الأسعار على نحو يجلب غضب المواطنين؟ بالطبع لا، ولكنه يرفعها، بمعني أن سلطة العسكر لا تفكر إلا في القمع ولا تتصرف بشكل رشيد، وهي تعتبر كل مختلف معها عدوا وهدفا للتنكيل والقتل ولا تنظر إلي العواقب". واختتم البقري حديثه الكاشف بالإشارة إلى أن قيادات ومفكري الإخوان أعربوا عن تعاطفهم مع جوليو الذي كان يحب مصر، كما أنهم يعتقدون أن قاتل ريجيني هو عدوهم وهذا سبب آخر للتعاطف، مشيرًا إلى أن مقتل الطالب الإيطالي ليست الحالة الأولى لقتل طلاب أو باحثين عقب انقلاب 3 يوليو، فهناك 245 طالبا جامعيا قتلهم العسكر داخل وخارج حرم الجامعات حتى هذه اللحظة، وهناك 3500 طالب معتقل يؤدون امتحاناتهم في السجون -حسب تصريح لوزارة الداخلية-، وهناك أكثر من 300 طالب يحاكمون أمام القضاء العسكري، و1000 طالب فصلوا من الجامعة بسبب التعبير عن رأيهم. ومن ثم فإن جوليو هو واحد من هؤلاء الطلبة الذين قمعهم السيسي ونكل بهم وتواطأ معه المجتمع الدولي وسكت على جرائمه.