يعيش جيش الاحتلال حالة من الاستنفار الواسع، وتسخر قواته كل إمكانياتها الأمنية في البحث عن منفذ عملية مدينة (تل ابيب) 1/1/2016 الذي نجح في الانسحاب من مكان تنفيذه لعمليته في أهم شوارع المدينة "ديزنكوف"، والذهاب بعيدًا عن أعين تلك القوات وتضليلها. وأدى نجاح منفذ عملية (تل أبيب) في الاختباء لمدة خمسة أيام متتالية بعد تنفيذه للعملية منذ يوم الجمعة الماضي، لإحداث حالة من الارتباك والخوف بين صفوف مستوطني المدينةالمحتلة، خاصةً في ظل الانتشار الواسع للقوات الخاصة التابعة لجيش الاحتلال، والمداهمات المستمرة للأحياء والشوارع. وأبدى كثير من الإسرائيليين غضبهم بسبب فشل قوات الاحتلال في إلقاء القبض على منفذ عملية إطلاق النار، فيما وصف الكثير منهم أن المدينة تعيش تحت الحصار، فالأبواب مغلقة، والإسرائيليون في منازلهم، ومن يرتادون دور السينما امتنعوا عن الخروج لها. ولجأت قوات الاحتلال إلى الطلب رسميا من أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مساعدتها في تعقب وتحديد مكان وجود نشأت ملحم وهو منفذ عملية (تل ابيب)، وذلك في إطار التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل). ونفذ ملحم عملية اطلاق نار في مقهى وسط مدينة (تل أبيب) قتل خلالها إسرائيليين، وأصاب 9 آخرين، مساء الجمعة الماضي، حسب بيان لشرطة الاحتلال الإسرائيلي. وسبق لمنفذ العملية أن اعتقل في سجون الاحتلال في العام 2007، إثر اتهامه بمحاولة اختطاف سلاح جندي إسرائيلي انتقاما لمقتل ابن عمه الذي قتل برصاص شرطي إسرائيلي. دراسة واحترافية الخبير العسكري اللواء المتقاعد واصف عريقات، أكد أن منفذ عملية اطلاق النار وسط مدينة (تل أبيب) المحتلة، رجل محترف في التنفيذ والتخطيط للعملية، وذلك كان ظاهرًا من خلال تحكمه في السلاح الذي كان بحوزته وعدم ارتباكه عند نقطة الصفر في المقهى، وانسحابه بعد التنفيذ. وقال عريقات في حديثه لصحيفة "فلسطين": "إن منفذ العملية درس المكان الذي نفذ فيه عمليته من كافة الجوانب، ووضع كل الاحتمالات لما بعد التنفيذ، وكيفية الانسحاب بسرعة واحترافية بعد اطلاق النار وعدم ترك أي آثار له في المكان قبل وصول أي من قوات الدعم الإسرائيلية الخاصة". وعن الأمور التي ساعدت الشاب ملحم في تنفيذ عمليته ونجاحها وعدم القاء القبض عليه حتى اللحظة، أوضح عريقات "أن منفذ العملية يعرف منطقة تنفيذ العملية جيدًا، ويعرف نقاط القوة التي تسمح له بالاختباء بسرعة، وعوامل الضعف لدى قوات الأمن الإسرائيلية في تلك المنطقة وكيفية التعامل معها". وبيَّن الخبير العسكري أن عدم تمكن قوات الاحتلال الإسرائيلية المختلفة من القاء القبض على ملحم "يعود إلى قدرته على التخفي، وتضليل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من خلال عدة طرق استخدمها بعد تنفيذه للعملية مباشرة". وترجح قوات الاحتلال أن السر في اختفاء منفذ عملية (تل أبيب) هو تجهيزه مخبأ له قبيل تنفيذ الهجوم، حسب تقرير لصحيفة "معاريف" العبرية. عملية نوعية بدوره، أكد الخبير العسكري واللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي أن عملية اطلاق النار في مدينة (تل أبيب) المحتلة، تعطي نمطًا جديدًا من العمليات داخل الأراضي المحتلة، من حيث وجود تخطيط جيد وتنفيذ نوعي، وانسحاب لمنفذ العملية بعد التنفيذ. ويقول الشرقاوي في حديثه لصحيفة "فلسطين": "إن الأيام القادمة المقبلة ستشهد عمليات من هذا النوع، بحيث سيتم تقليدها من قبل منفذي العمليات، وسيعمل منفذو العمليات على التخطيط والانسحاب قبل تنفيذ العملية". ويوضح أن طلب قوات الاحتلال من أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مساعدتها في تعقب وتحديد مكان منفذ العملية، يأتي ضمن سياسة التنسيق الأمني التي تنتهجها السلطة مع سلطات الاحتلال، مشيرًا إلى أن طلب تقديم المساعدة هو "إهانة" للشعب الفلسطيني. من جانبه، نشر الخبير العسكري الإسرائيلي "يوآف ليمور" مقالا تحدث فيه عن عملية (تل أبيب) "، قال فيه "إن العملية كانت منظمة ومخططا لها بصورة مختلفة، حتى أن السلوك الميداني لمنفذها نشأت ملحم كان مغايرا عن باقي المنفذين الآخرين للهجمات ضد الإسرائيليين، في وقت تواصل أجهزة الأمن تكثيف عمليات بحثها عن المنفذ". ويشير الخبير العسكري -في مقال كتبه في موقع صحيفة "إسرائيل اليوم"، إلى أن منفذ العملية لم يواصل إطلاق النار على الإسرائيليين حتى تتم تصفيته، كما حصل مع معظم منفذي الهجمات السابقة. واعتبر ليمور أن مثل هذه العمليات تحمل مخاطر أكبر بكثير من هجمات السكاكين بسبب تأثيراتها المباشرة على الاقتصاد الإسرائيلي وعلى الروح المعنوية للإسرائيليين، وسير حياتهم اليومية. وأضاف أن الأسئلة التي أثارتها العملية ما تزال مستمرة حتى قبل إلقاء القبض على منفذها، ومعرفة دوافعه الحقيقية وراء ارتكابها.