على مر عامان من الانقلاب العسكري , تم إصدار قوانين قمعية تهدف إلى إسكات صوت الحق , وإخماد نار الثورة المشتعلة فى الشوارع , حيث تطرقت جريدة "العربي الجديد" إلى مرور عامان من إصدار وتطبيق قانون "منع التظاهر" ( قانون تنظيم التظاهر) في مصر, الذي أصدره "عدلى منصور" المعين من قبل قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي, مشيرًة إلى أنه استخدم لإملاء المعتقلات والسجون بأكثر من 40 ألف مواطن على خلفية أرائهم ومشاركتهم فى تظاهرات ضد النظام العسكري الحاكم فى مصر عقب انقلاب 3 يوليو . حيث تم إصدار القانون رقم 107 لسنة 2013، والمعروف إعلامياً باسم "قانون التظاهر" المعني بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، في 24 نوفمبر 2013، ولكنه تسبّب في اعتقال الآلاف من النشطاء السياسيين في الحركات الثورية المدنية والتيارات الإسلامية والعمالية، منذ بدء العمل به. وينص قانون التظاهر على "الحبس والغرامة من 50 ألف جنيه (نحو 6400 دولار أميركي) إلى 100 ألف جنيه لكل من ارتكب المحظورات التي نص عليها القانون، كما يعاقب بالغرامة من ألف (127 دولاراً) إلى 5 آلاف جنيه (638 دولاراً) من قام بتنظيم تظاهرة أو موكب من دون الإخطار عنها". ويمنع القانون الاقتراب 50 أو 100 متر من مقار الرئاسة والبرلمان والحكومة والشرطة، مع إعطاء الحق لوزارة الداخلية في إلغاء التظاهرة، والحبس وغرامة 300 ألف جنيه (38 ألفاً و300 دولار) لمخالفي قواعد الإخطار والمنتفعين مالياً من تنظيم التظاهرات. يقول ممثل منظمة الكرامة لحقوق الإنسان، أحمد مفرح، إنه بعد عامين من العمل بقانون التظاهر ثبت كذب وادعاءات نظام الانقلاب في تبريره وإقراره. ويلفت إلى أن "إقرار قانون التظاهر القمعي المسمى قانون تنظيم حق الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية في الأماكن العامة، يُعتبر أبرز مظاهر عودة القمع وتكريس للدولة البوليسية بعد الانقلاب العسكري". وعلى الرغم من رفض المنظمات والمؤسسات الحقوقية في مصر والأحزاب والحركات الاجتماعية والسياسية لهذا القانون، "فإن النظام العسكري في مصر يصرّ على عدم تعديل هذا القانون أو إلغائه حتى الآن"، بحسب مفرح. ويشير إلى أنه بعد مرور عامين كاملين على إقرار القانون، "يتضح أن ذلك جاء لاستخدامه كغطاء للتحركات الأمنية لقمع كل التظاهرات والاحتجاجات التي قامت في مصر في مواجهه كافة القوى السياسية والاجتماعية، كما أن السلطات الأمنية استخدمته لشرعنة موجات الاعتقال التي طاولت الآلاف من معارضي الانقلاب العسكري في مصر". وكان أول المقبوض عليهم تطبيقاً لقانون التظاهر، محمد عطيان الملقب ب"أبو الثوار"، وألقي القبض عليه في 25 نوفمبر 2013 داخل محطة مترو جامعة القاهرة، لحمله لافتات ضد جماعة "الإخوان المسلمين"، ووُجهت له تهم التظاهر من دون إخطار مسبق من أجهزة الشرطة. وفي مساء اليوم نفسه، قامت قوات الأمن بالإسكندرية بالقبض على 50 مشجعاً من رابطة "أولتراس ديفلز" من مشجعي النادي الأهلي، عقب انتهاء مباراة كرة سلة بين الأهلي ونادي سموحة، بحجة قانون التظاهر. وطبقاً لما رصدته مؤسسة "الكرامة لحقوق الإنسان"، فمنذ إقرار القانون وحتى منتصف العام الحالي، قدّم النظام أكثر من عشرة آلاف و800 معتقل على اعتبار أنهم كانوا يخططون للقيام بتظاهرات أو تظاهروا أو حرّضوا على التظاهر، بالإضافة إلى اتهامات أخرى. ووصل عدد الفعاليات الاحتجاجية في مصر منذ بداية العمل بالقانون، إلى أكثر من ألفي احتجاج ما بين فعاليات تحالف دعم الشرعية، وفعاليات نظمتها القوى المدنية والديمقراطية وفعاليات طالبية وتحركات احتجاجية وعمالية، بحسب المؤسسة، وهو ما يعتبره مفرح "دليلاً على المدى الذي وصلت إليه آلة القمع والانتهاك لأبرز مظاهر الديمقراطية والذي أسس بشكل كبير لجريمة الاعتقال التعسفي في مصر". ويضيف مفرح أنه "على الرغم من مخالفة القانون للدستور المصري ومرور عامين على إصداره، لم يتحرك ساكن في الدعوى المرفوعة أمام المحكمة الدستورية العليا لمطالبتها بالفصل في هذا القانون غير الدستوري، والذي يعاني منه آلاف المعتقلين، ما يعطي انطباعاً عن تقاعس المحكمة في النظر في عدم دستورية قوانين أصدرها رئيس المحكمة الحالي المستشار عدلي منصور". وكانت المحكمة الدستورية العليا المصرية قد حددت أولى جلسات الطعن على دستورية قانون التظاهر في 14 ديسمبر المقبل، على خلفية الدعوى التي أقامها مركز دعم دولة القانون والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ضد رئيس الجمهورية السابق، ووزير الداخلية الأسبق، وآخرين، بسبب رفض وزارة الداخلية المصرية، التصريح بإقامة تظاهرة ضد الغلاء كان تقدّم بها المحامي طارق العوضي، بالمخالفة لنص قانون التظاهر الذي ينص على إقامة التظاهرات السلمية بالإخطار فقط. وكانت محكمة القضاء الإداري المصرية، قد صرحت بالطعن دستورياً على المادتين 8 و10 من القانون. ويقول مفرح إنه "باستمرار القانون وتمسك النظام العسكري في مصر ببنوده، فإنه يُظهر للمجتمع الدولي الحقوقي المتمثل في مجلس حقوق الإنسان ومنظمات الأممالمتحدة، عدم اكتراثه واهتمامه للمطالبات بإلغاء القانون". يُذكر أن العشرات من المنظمات الحقوقية المصرية، أعلنت رفضها التام لقانون التظاهر الذي وصفته ب"سيئ السمعة"، واعتبرت أن "قانون التظاهر الحالي أكثر قمعاً من قانون التظاهر للاحتلال البريطاني عام 1923، وهو القانون المعمول به في فترة الاحتلال البريطاني والذي استمر العمل به طوال عهد الملكية وحتى عصر حسني مبارك"، مشيرة إلى أن "القانون الحالي أكثر تقييداً لحرية التظاهر لجهة شروط التقدم بالإخطار، وإسناده سلطة تسلم الإخطار لوزارة الداخلية، بدلاً من جهة إدارية تتمتع ببعض الحيادية".